الجهة السادسة : أنه بناء على ما سردناه من أن إجزاء العمل المأتي به تقيّة عن الوظيفة الأوّلية على خلاف القاعدة ، وأنه يحتاج إلى دليل يدلّنا عليه ، وأن الدليل على إجزائه هو السيرة العملية ، يختص الحكم بالإجزاء بالعبادات ولا يأتي في شيء من المعاملات بالمعنى الأعم ولا في المعاملات بالمعنى الأخص ، فاذا ألجأته التقيّة على غسل ثوبه المتنجس مرة واحدة فيما يجب غسله مرتين لم يحكم بطهارته بذلك ، بل يبقى على نجاسته .
نعم ، إذا صلّى في ذلك الثوب تقيّة حكم بصحة صلاته وعدم وجوب إعادتها أو
ــ[264]ــ
قضائها ، كما أنه إذا اضطر إلى بيع ماله ببيع فاسد كما إذا باع مثلياً بما هو أزيد منه لعدم حرمة الربا عند العامة في المثليات مثلاً لم يحكم بصحة المعاملة ، أو إذا طلق زوجته عند غير عدلين تقيّة لم يحكم بصحة طلاقه لافتقاده شهادة العدلين . كل ذلك لما عرفت من أن إجزاء العمل المأتي به تقيّة على خلاف القاعدة وهو محتاج إلى دلالة الدليل ، والدليل إنما هو السيرة ولم تقم سيرة على التبعيّة للعامّة في غير العبادات .
وأمّا بناء على الاعتماد على شيء من الأدلة اللفظية المتقدمة (1) فيشكل الأمر في المسألة ، لأن مقتضى عمومها وإطلاقها عدم الفرق في الحكم بالصحة والإجزاء بين العبادات والمعاملات ، لأن مثل قوله (عليه السلام) «التقيّة في كل شيء يضطر إليه ابن آدم فقد أحلّه الله له» (2) أعم من الحلية التكليفية والوضعية على ما أفاده شيخنا الأنصاري ، فيحكم بسقوط الجزئية والشرطية والمانعية عند التقيّة حتى في المعاملات ، ولازم ذلك عدم الفرق في الصحة والإجزاء بين العبادات والمعاملات ، ولا نعهد أحداً التزم بالإجزاء في المعاملات ، فليكن هذا أيضاً من أحد المحاذير المترتبة على الاستدلال بالأدلة اللفظية في المقام . ــــــــــــــ
(1) في ص 237 .
(2) الوسائل 16 : 214 / أبواب الأمر والنهي ب 25 ح 2 .
|