عدم الفرق بين كون العمل المتقى به واجباً أو مستحبا 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الخامس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5744


ــ[283]ــ

   [ 528 ] مسألة 38 : لا فرق في جواز المسح على الحائل في حال الضرورة بين الوضوء الواجب والمندوب (1) .

   [ 529 ] مسألة 39 : إذا اعتقد التقيّة أو تحقق إحدى الضرورات الاُخر فمسح على الحـائل ، ثم بان أنه لم يكن موضع تقيّة أو ضرورة ففي صحّة وضوئه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   لأنّ العبادة إن كانت مما يبطل بمطلق الزيادة فيها كالصلاة أيضاً لابدّ من الحكم بالبطلان ، لأنها وإن كان مشتملة على جزئها غير أن تكراره زيادة والزيادة في الصلاة موجبة لبطلانها ، وإن كانت نفس الزيادة غير معدودة من الزيادة في الفريضة .

   وإن لم تكن ممّا يبطل بمطلق الزيادة كما في غير الصلاة ، ولم يكن العمل المتكرِّر مما تمنع زيادته عن صحّة العبادة ـ كما في غير السجدة ـ حكم بصحة العمل والعبادة لمكان اشتمالها على ما هو جزئها أعني الفعل المأتي به ثانياً حسبما تقتضيه التقيّة في ذلك الحال ، وإن كان المكلّف قد ارتكب محرماً بالاتيان بالعمل المخالف للتقية ، إلاّ أنك قد عرفت أن حرمة ذلك العمل غير مضرة بصحة العبادة . هذا تمام الكلام في التقيّة وقد اتضح بذلك الحال في جملة من الفروع المذكورة في المتن فلا نتعرض لها ثانياً وبقيت جملة اُخرى نتعرض لها في التعليقات الآتية إن شاء الله تعالى .

    لا فرق في التقيّة بين الواجب والمندوب :

   (1) لاطلاق الأدلة الدالة على كفاية العمل المأتى به تقيّة عن المأمور  به الواقعي كغسل الرجلين في الوضوء عند التقيّة أو الغسل منكوساً ، لأنها تعم كُلاً من الوضوء الواجب والمستحب ، وكذا ما دلّ على جواز مسح الخفين بناء على اعتبار رواية أبي الورد ، وكذلك الأخبار الآمرة بالصلاة معهم وفي مساجدهم ، وعلى الجملة إن أدلّة التقيّة في كل مورد من مواردها باطلاقها يقتضي عدم الفرق بين كون العمل المتقى به واجباً وكونه مستحباً في نفسه .

ــ[284]ــ

إشكال ((1)) (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    إذا اعتقد التقيّة ثم انكشف الخلاف :

   (1) الأمر كما أفاده (قدس سره) والوجه في ذلك أن الماتن لم يرد من هذه المسألة ما إذا احتمل المكلف الضرر في الاتيان بالوظيفة الواقعية وتحقق فيه الخوف من تلك الناحيـة ثم انكشف أنه لم يكن أي ضرر في الاتيـان بالمأمور  به الأوّلي ، وذلك لأن الحكم بالبطلان أو الاستشكال في صحة العمل حينئذ بلا وجه ، لما تقدم من أن صحة التقيّة في العبادات غير متوقفة على احتمال الضرر عند الترك ، فان التقيّة إنما شرعت فيها لمحض المجاملة والمداراة مع العامة ، سواء كان في تركها ضرر على المكلف أم لم يكن ، بأن علمنا أن الاتيان بالوظيفة الواقعية غير موجب للضرر بوجه ، فاحتمال الضرر وعدمه مما لا أثر له في العبادات .

   وأمّا في غيرها فوجوب التقيّة أو جوازها إنما يدور مدار احتمال الضرر احتمالاً عقلائياً ، فالخوف وقتئذ تمام الموضوع لوجوب التقيّة أو جوازها ، ولا يعتبر في ذلك أن يكون في ترك التقيّة ضرراً واقعاً ، لأن الخوف أعم فقد يكون في الواقع أيضاً ضرر وقد لا يكون ، فلا وجه للاستشكال في صحة العمل عند انكشاف عدم ترتب الضرر على ترك التقيّة ، وذلك لأن موضوعها إنما هو الخوف وقد فرضنا أنه كان متحققاً بالوجدان .

   فمراد الماتن (قدس سره) من قوله : إذا اعتقد التقيّة أو تحقق إحدى الضرورات الاُخر ، حسبما فهمناه من ظاهر عبارته ، أن يعتقد المكلف أن الموضوع للتقيّة أو لسائر الضرورات قد تحقق في حقه ، ولم يكن لها موضوع واقعاً ، كما إذا اعتقد أن أهل البلد الذي نزل فيه من العامة ، أو أن الجماعة الحاضرة عنده من المخالفين ، أو كان أعمى فتخيل أن العامّة حاضرون في المسجد عنده فاتقى في وضوئه أو في صلاته ولم يكن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أظهره عدم الصحة .

ــ[285]ــ

   [ 530 ] مسألة 40 : إذا أمكنت التقيّة بغسل الرجل فالأحوط تعينـه ((1)) (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأمر كما زعمه واقعاً ، ولم يكن أهل البلد أو الجماعة الحاضرون عنده من العامّة ، أو لم يكونوا حاضرين عنده في المسجد أصلاً ، واعتقد أن ما يراه من بعيد سبع فمسح على خفّيه ، لأن مسحه على رجليه يتوقف إلى زمان يخاف من وصول السبع إليه في ذلك الزمان ـ بناء على تمامية رواية أبي الورد لتعدي الفقهاء (قدس الله أسرارهم) من العدو فيها إلى كل ما يخاف منه كالسبع ونحوه ، واعتقد أن الرجل القادم عدوه فاتقى منه ومسح على خفّيه ، ثم ظهر أن السبع صورة مجسمة والرجل صديقه فلا موضوع للتقيّة واقعاً .

   والظاهر في تلك الصورة بطلان وضوئه وصلاته ، وذلك لأن مدرك صحة العمل المأتي به تقيّة وإجزائه عن المأمور  به الواقعي إنما هو السيرة العملية كما مرّ ، ومن المعلوم أنها إنما كانت متحققة عند إتيان العمل على طبق مسلك العامة عند وجودهم وحضورهم عنده ، وأما العمل طبق مذهبهم من دون أن يكون عندهم ولا بمحضرهم فلا سيرة عملية تقتضي الإجزاء والحكم بصحته .

   وكذلك الحال فيما إذا اعتمدنا على رواية أبي الورد ، حيث إنها قيدت الحكم بالمسح على الخفين بما إذا كان هناك عدو تتقيه ، فوجود العدو مما لا بدّ منه في الأمر بالمسح على الخفين ، ومع فرض صداقة الرجل القادم لا موضوع للحكم بالتقية وإجزائها . وعلى الجملة المكلّف إذا اعتقد وجود موضوع التقيّة ـ سواء خاف أم لم يخف ـ ولم يكن هناك موضوع واقعاً فالظاهر بطلان عمله ، وهذا هو الذي أراده الماتن من عبارته فلاحظ .

    دوران الأمر بين الغسل والمسح :

   (1) إذا دار أمر المكلّف بين التقيّة بغسل رجليه والتقيّة بالمسح على الخفّين قدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل هو الأظهر .

ــ[286]ــ

وإن كان الأقوى جواز المسح على الحائل أيضاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأوّل على الثاني لا محالة ، وهذا لا لأجل الوجوه الاعتبارية والاستحسانية التي عمدتها ما ذكره الشهيد (قدس سره) من أن غسل الرجلين أقرب إلى المأمور  به من مسح الخفّين ، نظراً  إلى أن في غسلهما يتحقق مسح البشرة بالرطوبة لا محالة وإن كانت الرطوبة رطوبة خارجية ، وهذا بخلاف المسح على الخفين لعدم تحقق المسح على البشرة وقتئذ بوجه لا برطوبة الوضوء ولا بالرطوبة الخارجية ، ومن الظاهر أن المسح بالرطـوبة الخارجيـة أقرب إلى المأمور  به أعني مسح الرجلين برطوبة الوضوء (1) وذلك لعدم إمكان الاعتماد على الوجوه الاعتبارية بوجه ، ومن الواضح أن مسح البشرة بالرطوبة الخارجية غير معدود بالنظر العرفي ميسوراً للمسح على البشرة برطوبة الوضوء .

   بل الوجه في تقديم الغسل على مسح الخفين هو أنه إذا قلنا بعدم جريان التقيّة في المسح على الخفين على ما نطقت به الروايات فلا إشكال في أن المتعيّن هو الغسل ، وإذ قلنا بجريانها في مسح الخفين أيضاً بحمل الروايات على أن عدم التقيّة فيه من خصائصهم (عليهم السلام) حسبما فهمه زرارة أيضاً تعيّن عليه الغسل ، وذلك لأن الغسل مما ورد به الأمر بالخصوص ولم يرد أمر بمسح الخفين إلاّ في رواية أبي الورد وقد عرفت أنها ضعيفة السند وغير قابلة للاعتماد عليها ، وظاهر الأمر بغسل الرجلين هو التعيّن وعدم كفاية غيره عنه في موارد التقيّة ، فمقتضى الأصل اللفظي أعني ظهور الأمر في التعيين وجوب تقديم الغسل على مسح الخفين ، كما أن غسلهما موافق للاحتياط ، لأن المورد من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، حيث لا نحتمل وجوب المسح على الخفين تعييناً بخلاف غسل الرجلين ، والاحتياط حينئذ إنما هو باختيار ما يحتمل فيه التعيّن ، هذا  كلّه فيما إذا دار الأمر بينهما ، وأما إذا لم يتمكّن إلاّ من المسح على الخفين فلا شك في تعيّنه ، وهذا ظاهر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الذكرى : 90 السطر 19 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net