إذا غيّر مجرى النهر من دون إذن المالك - إذا علم أن حوض المسجد وقف على المصلين فيه 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الخامس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6288


ــ[336]ــ

   [ 548 ] مسألة 9 : إذا شق نهر أو قناة من غير إذن مالكه لا يجوز الوضوء بالماء الذي في الشق (1) وإن كان المكان مباحاً أو مملوكاً له ، بل يشكل إذا أخذ الماء من ذلك الشق وتوضأ في مكان آخر وإن كان له أن يأخذ من أصل النهر أو القناة (2) .

   [ 549 ] مسألة 10 : إذا غيّر مجرى نهر من غير إذن مالكه وإن لم يغصب الماء ففي بقاء حق الاستعمال الذي كان سابقاً من الوضوء والشرب من ذلك الماء لغير الغاصب إشكال ، وإن كان لا يبعد بقاء هذا ((1)) بالنسبة إلى مكان التغيير ، وأما ما قبله وما بعده فلا إشكال (3) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فلا يجوز التصرف فيه لمن شك في اندراجه في الموقوف عليهم أو المباح لهم . ولا يعارضها أصالة عدم جعله على وجه الخصوص ، وذلك لأنها مما لا أثر شرعي له في المقام ، فان الأثر أعني حرمة التصرف لغير المخصوصين مترتب على عدم جعله على وجه العموم وعدم لحاظه ذلك حين الوقف ، ولم يترتب على جعله على وجه الخصوص .

   (1) لعدم جريان السيرة وقتئذ على التصرف في الماء بالتوضؤ .

   (2) لعين ما قدمناه من عدم إحراز قيام السيرة على التصرف عند عدم كون الماء تحت يد المالك .

    إذا غيّر المجرى من دون إذن المالك :

   (3) كما إذا كان مجرى الماء على وجه الدائرة فغيّره وجعله على وجه الخط المستقيم ، لغرض له في ذلك من دون أن يكون الماء تحت يد الغاصب ولا أن يكون المكان والمجرى مغصوباً ، كما إذا كان برضى مالك المجرى أو كان مملوكاً لمالك الماء ،

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يترك الاحتياط فيه .

ــ[337]ــ

   [ 550 ] مسألة 11 : إذا علم أن حوض المسجد وقف على المصلّين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر ، ولو توضّأ بقصد الصلاة فيه ثمّ بدا له ((1)) أن يصلِّي في مكان آخر أو لم يتمكّن من ذلك ((2)) فالظاهر عدم بطلان وضوئه (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وحيث إن المتيقن من موارد السيرة هو ما إذا كان الماء في المجرى الأول ونشك في قيامها مع التغيير ، فلا بدّ من الحكم بحرمة التصرّف في الماء بالتوضؤ أو الاغتسال ونحوهما ، من جهة الأدلّة الدالّة على حرمة التصرّف في مال الغير من غير إحراز المخصّص لها وهو السيرة  كما مرّ .

    إذا  كان حوض المسجد وقفاً على المصلين فيه :

   (1) وحيث إن الصلاة متأخرة عن الوضوء فتكون حرمة التوضؤ ـ  من الماء الموقوف على المصلين في المسجد بالاضافة إلى من لا يصلِّي فيه  ـ مشروطة بالشرط المتأخر وهو عدم الصلاة في المسجد بعد الوضوء ، وهذا من أحد موارد الشرط المتأخر في الأحكام الشرعية . فاذا توضأ منه ثم ترك الصلاة فيه استكشف من تركه أن الوضـوء كان محرّماً في حقِّه ، لأنه خارج عن الموقـوف عليهم وهو مَن صلّى في المسجد بعد الوضوء على الفرض .

   ثم إن حال هذه الحرمة لا تخلو عن أحد أوجه ثلاثة : لأنها إما أن تكون فعلية متنجّزة ، وإما أن تكون فعلية غير متنجّزة ، وإما أن لا تكون فعلية ولا متنجّزة ، بل كان هناك مجرّد انشاء الحرمة .

   أمّا الصورة الاُولى : أعني ما إذا كانت حرمة الوضوء من الماء فعلية متنجّزة ، كما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر هو البطلان في هذه الصورة .

(2) ولم يكن محتملاً لعدم التمكّن من الأوّل للغفلة أو للقطع بالتمكّن وأمّا لو احتمل ذلك فالظاهر بطلان وضوئه ولو مع قيام الحجة على خلافه .

ــ[338]ــ

   بل هو معلوم في الصورة الثانية ، كما انه يصحّ لو توضّأ غفلة أو باعتقاد عدم الاشتراط ، ولا يجب عليه أن يصلّي فيه وإن كان أحوط ، بل لا يترك في صورة التوضّؤ ((1)) بقصد الصلاة فيه والتمكّن منها ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا  كان المكلف عالماً بالاختصاص وأن الماء موقوف على خصوص من صلّى في المسجد بعد الوضوء وكان قاصداً عدم الصلاة فيه بعد الوضوء ، فان الحرمة متنجّزة حينئذ لعلم المكلف بها وتعمده ، فلا إشكال في حرمة التوضؤ وبطلانه حينئذ ، لأنه لا  يتمشى منه قصد القربة مع العلم بالحرمة وعدم كونه من الموقوف عليهم ، حتى لو عدل عن قصده بعد الوضوء وبنى على الصلاة في ذلك المسجد لم يكن قصده ذلك وعمله المتأخران عن التوضؤ الباطل مصححين له ، لأن الوضوء بعدما وقع باطلاً لعدم تمشي قصد القربة حال العمل لا ينقلب عما وقع عليه بقصد المتوضي الصلاة في المسجد ، وهذا ظاهر .

   وأمّا الصورة الثانية : أعني ما إذا كانت حرمة التوضؤ فعلية من غير أن تكون متنجّزة في حق المكلّف ، كما إذا توضأ بذلك الماء قاصداً به الصلاة في المسجد إلاّ أنه لم يكن في علم الله سبحانه ممن يصلِّي في المسجد بعد الوضوء ولم يكن من جملة الموقوف عليهم ، لأنه وقتئذ وإن كان معذوراً في تصرفه في الماء بقصده الصلاة في المسجد بعد الوضوء ، إلاّ أنه بحسب الواقع كان محرماً في حقه ، فان تركه الصلاة في المسجد بعد الوضوء يكشف عن عدم كونه مندرجاً في الموقوف عليهم ، والمفروض أن التصرّف في الماء محرم لغيرهم .

   فالحكم في هذه الصورة يبتنى على ما قدّمناه (2) في التوضؤ بالماء المغصوب جاهلاً بالحال ، من أن الحرمة والمبغوضية الواقعيتين هل تقتضيان بطلان العمل لاستحالة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا بأس بالترك .

(2) في ص 320 .

ــ[339]ــ

كون المحرم مصداقاً للواجب ، أو أن الحرمة من الموانع الذكرية ومع الجهل بها لا مقتضي للبطلان ، وقد عرفت أن الأوّل هو الحق .

   وبناء على ذلك لا مناص من الحكم ببطلان الوضوء في مفروض الكلام ، للمبغوضية والحرمة الواقعيتين واستحالة كون المحرم مصداقاً للواجب على تفصيل قد عرفت ، وحيث إن الماتن كغيره ممن لا يرى الحرمة الواقعية مبطلة للعمل ما دامت غير متنجّزة على المكلف ، فقد ذهب في المتن إلى صحّة التوضؤ في مفروض المسألة في هذه الصورة .

   ومن هذا القبيل ما إذا توضأ بماء المسجد قاصداً به الصلاة فيه إلاّ أنه احتمل عدم تمكنه من ذلك ، كما إذا كان باب المسجد ينسد في وقت معيّن واحتمل المكلّف اقتراب وقت الانسداد ، ولكنه عمد إلى الوضوء بحجّة معتبرة قائمة على تمكنه من الصلاة في المسجد من استصحاب أو أمارة ، وكان في الواقع وعلم الله سبحانه لا يتمكن من الصلاة فيه وكان خارجاً عن الموقوف عليهم واقعاً ، لأن عدم تمكنه من ذلك بعد الوضوء يكشف عن عدم كونه من الموقوف عليهم لا محالة وأن التصرّف في ذلك الماء كان محرماً في حقِّه واقعاً ، وإن كان معذوراً في تصرّفه في الماء بالوضوء .

   وأمّا الصورة الثالثة : أعني ما إذا لم تكن حرمة التصرف فعلية ولا متنجزة في حق المكلّف ، بل إنما كان هناك إنشاء الحرمة فحسب ، كما إذا توضأ بماء الحوض في المسجد معتقداً تمكنه من الصلاة في المسجد بعد الوضوء ، أو غافلاً عن أن الوقف مخصوص بالمصلين في المسجد ولم يكن بحسب الواقع متمكناً من الصلاة في المسجد والماء موقوف على خصوصهم ، فان حرمة التصرف فيه ساقطة واقعاً ، حيث لا معنى لفعلية الحرمة مع الغفلة أو الاعتقاد بالتمكن من الصلاة ، لعدم كونها قابلة للامتثال في حقيهما ولو على وجه الاحتياط ، لأن الغافل والجاهل المركب غير متمكنين من الاحتياط ومع عدم قابلية الحكم للامتثال لا معنى لفعليته .

   فالصحيح حينئذ هو الحكم بصحة وضوئه لتمشي قصد التقرب منه وعدم حرمة

ــ[340]ــ

الفعل ومبغوضيته واقعاً ، ومع انتفاء الحرمة لا وجه للبطلان .

   نعم ، يبقى الكلام حينئذ في أنه إذا التفت إلى خصوصية الوقف بعد الوضوء ، أو علم بخطأ اعتقاده ثم عرض له التمكن بعد ذلك فهل يجب عليه أن يصلي في ذلك المسجد حتى يندرج بذلك في عنوان الموقوف عليهم ؟

   ذكر في المتن أنه هو الأحوط ، بل لا يترك في صورة التوضؤ بقصد الصلاة فيه والتمكّن منها ، ولا نرى نحن وجهاً صحيحاً لايجاب الصلاة عليه في المسجد في مفروض الكلام ، وذلك لأن ما يوجب بطلان الوضوء إنما هو أحد أمرين إما الحرمة المتنجزة وإما الحرمة الواقعية على الخلاف فيها بيننا وبين الأصحاب (قدس سرهم) ولا تحقق لشيء منهما في المقام ، ومعه يقع الوضوء محكوماً بالصحة لا محالة ، فلا وجه للحكم بوجوب الصلاة في ذلك المسجد ، لأن الوضوء من حوض المسجد قد حكم بصحّته سواء اندرج المتوضئ في الموقوف عليهم أم لم يندرج ، فله أن يصلِّي في أي مكان شاءه .

    تنبيه وهو : أن صحّة الوضوء في الصورة الثالثة من جهة عدم فعلية الحرمة في حق المكلف لا تستلزم الحكم بعدم ضمانه الماء فيما إذا كانت للماء الذي توضأ به مالية لدى العرف ، كما إذا توضأ خارج الحوض وصرف مقداراً له مالية عند العقلاء ، وذلك لأنه إتلاف لمال الموقوف عليهم فيوجب الضمان وإن قلنا بصحّة وضوئه .

   وعلى الجملة لا ملازمة بين الحكمين بوجه فربما نحكم بصحّة وضوئه وضمانه كما في المثال . وقد نحكم بصحة وضوئه من دون أن نحكم بالضمان ، كما إذا توضأ غفلة من الماء في الحوض من دون أن يصبه على الأرض بحيث لم يتلف من الماء إلاّ بمقدار الرطوبة الباقية على أعضائه وهي مما لا مالية له . وثالثة نحكم بالضمان ولا نحكم بصحة الوضوء ، كما إذا توضأ من الماء في إحدى الصورتين الاُوليين وصرف من الماء مقداراً  له مالية عند العقلاء .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net