10 ـ اشتراط الترتيب في أفعال الوضوء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الخامس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8273


   العاشر : الترتيب بتقديم الوجه ، ثمّ اليد اليمنى ، ثمّ اليد اليسرى ، ثمّ مسح الرأس ، ثمّ الرجلين ، ولا يجب الترتيب بين أجزاء كلّ عضو (2) .

ـــــــــــــــــــــــــ
    اعتبار الترتيب في أفعال الوضوء :

   (2) ويدل عليه مضافاً إلى تسالمهم على ذلك في المسألة ، الروايات الآمرة بالبدء بما بدأ به الله سبحانه ففي صحيحة زرارة قال : «سئل أحدهما (عليهما السلام) عن رجل بدأ بيده قبل وجهه وبرجليه قبل يديه ، قال : يبدأ بما بدأ الله به وليعد ما كان» (1) .

   وفي صحيحته الاُخرى قال : «قال أبو جعفر (عليه السلام) تابع بين الوضوء كما قال الله عزّ وجلّ ، إبدأ بالوجه ثمّ باليدين ثم امسح الرأس والرجلين ، ولا تقدِّمن شيئاً بين يدي شيء تخالف ما اُمرت به ، فان غسلت الذراع قبل الوجه فابدأ بالوجه وأعد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 450 / أبواب الوضوء ب 35 ح 1 .

ــ[384]ــ

على الذراع ، وإن مسحت الرجل قبل الرأس فامسح على الرأس قبل الرجل ، ثم أعد على الرجل ، ابدأ بما بدأ الله عزّ وجلّ به» (1) إلى غير ذلك من الأخبار الآمرة بتقديم غسل الوجه على غسل اليدين وعلى مسح الرأس والرجلين .

   وأما ما دلّ على لزوم مراعاة الترتيب بين اليدين فهو أيضاً عدة من الأخبار :

   فمنها : صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في الرجل يتوضأ فيبدأ بالشمال قبل اليمين ، قال : يغسل اليمين ويعيد اليسار» (2) .

   ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «إذا نسي الرجل أن يغسل يمينه فغسل شماله ومسح رأسه ورجليه فذكر بعد ذلك غسل يمينه وشماله ومسح رأسه ورجليه ، وإن كان إنما نسي شماله فليغسل الشمال ولا يعيد على ما كان توضأ وقال اتبع وضوءك بعضه بعضاً» (3) .

   ومنها : ما رواه ابن ادريس في آخر السرائر نقلاً عن كتاب النوادر لأحمد بن محمد ابن أبي نصر عن عبدالكريم يعني ابن عمرو عن ابن أبي يعفور عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «إذا بدأت بيسارك قبل يمينك ومسحت رأسك ورجليك ، ثم استيقنت بعد أنك بدأت بها ، غسلت يسارك ثم مسحت رأسك ورجليك» (4) إلى غير ذلك من الروايات .

   وأمّا ما دلّ على لزوم الترتيب بين مسح الرجلين وكذا بينه ومسح الرأس فقد قدّمنا الكلام عليه مفصّلاً  (5) فلا نعيد .

   ومقتضى هذه الروايات لزوم مراعاة الترتيب بين الأفعال المذكورة ولزوم العود على ما يحصل به الترتيب على تقدير الاخلال به للنسيان ، سواء تذكره في الاثناء أم بعد الفراغ عن الوضوء قبل فوات الموالاة ، وأما بعد فواتها فلا بدّ من استئناف الوضوء لبطلانه بفوات الموالات المعتبرة بين أجزائه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 448 / أبواب الوضوء ب 34 ح 1 .

(2) ، (3) ، (4) الوسائل 1 : 451 / أبواب الوضوء ب 35 ح 2 ، 9 ، 14 ، السرائر 3 : 553 .

(5) في ص 163 .

ــ[385]ــ

نعم يجب مراعاة الأعلى فالأعلى كما مرّ (1) ولو أخلّ بالترتيب ولو جهلاً أو نسياناً بطل إذا تذكّر بعد الفراغ وفوات الموالاة ، وكذا إن تذكّر في الأثناء لكن كانت نيّته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   بقي الكلام في شيء : وهو أن مقتضى الأخبار الواردة في المقام أنه إذا نسي غسل اليد اليمنى قبل غسل اليسرى فغسلهما على خلاف الترتيب المعتبر في أفعال الوضوء ثم تذكر وجب أن يغسل يمينه بعد ذلك مرة ثانية ثم يساره أيضاً ثانياً ولا يكتفي باعادة غسل اليد اليسرى فقط وهذا كما في موثقة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «إن نسيت غسل وجهك فغسلت ذراعيك قبل وجهك فأعد غسل وجهك ، ثم اغسل ذراعيك بعد الوجه ، فإن بدأت بذراعك الأيسر قبل الأيمن فأعد على غسل الأيمن ثم اغسل اليسار ، وإن نسيت مسح رأسك حتى تغسل رجليك فامسح رأسك ثم اغسل رجليك» (1) ومرسلة الصدوق (قدس سره) قال روي في حديث آخر «في من بدأ بغسل يساره قبل يمينه أنه يعيد على يمينه ثم على يساره» (2) إلى غير ذلك من الروايات .

   ولا نرى نحن وجهاً صحيحاً لوجوب الاعادة في غسل اليد اليمنى أبداً ، لأن الترتيب المعتبر بين أفعال الوضوء إنما يحصل باعادة الغسل في اليد اليسرى فحسب ولا مناص معه من رفع اليد عن الأخبار الآمرة باعادة غسلهما معاً ، أو حملها على ما إذا غسل اليسار فقط قبل غسل اليمنى من غير أن يغسل اليمنى بعدها ، فانه وقتئذ لا بدّ من غسل اليمنى ابتداء ثم يعيد غسل اليسرى حتى يتحقق بذلك الترتيب المعتبر في الوضوء .

    عدم اعتبار الترتيب بين أجزاء العضو :

   (1) فله أن يصبّ الماء على ظاهر يده من المرفق ويغسله ثم يصب الماء على باطنها فيغسل باطنها ، كما له أن يعكس الأمر بأن يغسل باطن يده من المرفق أوّلاً ، ثم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 1 : 452 / أبواب الوضوء ب 35 ح 8 ، 10 ، الفقيه 1 : 29 / 90 .

ــ[386]ــ

فاسدة (1) حيث نوى الوضوء على هذا الوجه ، وإن لم تكن نيّته فاسدة فيعود على ما يحصل به الترتيب (2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يغسل ظاهرها . وكذلك الحال في غسل الوجه فان له أن يغسل جانبه الأيمن أوّلاً بأن يصبّ الماء عليه بيده ثم يغسل الجانب الأيسر كذلك ، كما أن له أن يعكس الأمر فلا  يعتبر الترتيب بين الأجزاء العرضية في الأعضاء .

   نعم ، لا بدّ من مراعاة الأعلى فالأعلى فيما يغسله من الأطراف ، فاذا أراد غسل باطن يده من المرفق ابتداء فلا بدّ من أن يغسل الجزء المسامت للجزء المتأخر عنه أوّلاً ثم يغسل ذلك الجزء الثاني المسامت للجزء الثالث ثانياً ، وهكذا يراعي الأعلى فالأعلى إلى آخر الأجزاء الواجب غسلها ، وهكذا الحال فيما إذا غسل ظاهر يده أو وجهه .

   نعم لا تعتبر في المسامتة المسامتة الدقية العقلية ، بل المسامتة العرفية كافية في تحقق الشرط المعتبر في الوضوء كما مرّ في محلِّه .

   (1) كما إذا قصد امتثال أمر متعلق بوضوء مقيد بأن يغسل فيه اليد اليسرى قبل غسل اليمنى ، أو يغسل فيه الوجه بعد غسل اليدين أو بغير ذلك من القيود ، والجامع أن يكون متعلق الأمر مقيداً بما لا واقع له ، فان الوضوء وقتئذ باطل على الاطلاق ، وهذا لا لأجل التشريع فحسب لتختص حرمته بصورة العلم بالحال ، بل من جهة أن العمل غير مقرّب واقعاً ، وقصد التقرب لو تمشى في مثله لم يسبب حصول التقرب ، لعدم صلاحية العمل للمقربية واقعاً ، وهذا لا يفرق فيه بين صورتي العلم والجهل ولا بين التذكر في أثناء العمل أو بعد الفراغ عنه ، نعم لا بأس بالوضوء في محل الكلام فيما إذا أخطأ في التطبيق ، بأن قصد امتثال الأمر الواقعي المتعلق بالوضوء الذي اعتقد كونه مقيداً بكذا وكذا خطأ ، إلاّ أن هذه المسألة مستدركة في المقام ، لأن الكلام في الترتيب وأنه أمر معتبر في الوضوء ويبطل بالاخلال فيه بالترتيب ، وأما بطلانه من غير هذه الناحية كقصد امتثال أمر متعلق بما لا واقع له فهو خارج عن محط الكلام .

   (2) وقد بينّا الوجه فيه مفصلاً آنفاً ، فلا يجب عليه إعادة غسل كل من اليدين فيما

ــ[387]ــ

ولا فرق في وجوب الترتيب بين الوضوء الترتيبي والارتماسي (1) .
ــــــــــــــــــــــــ

إذا غسل اليد اليسرى مقدّماً على غسل اليمنى ، لأنه لو أعاد غسل اليسرى فحسب لحصل به الترتيب المعتبر في الوضوء .

    عدم الفرق في اعتبار الترتيب بين الارتماسي والترتيبي

   (1) أشار (قدس سره) بذلك إلى الفرق بين الطهارتين أعني الغسل والوضوء ، وأن الوضوء لا يختلف الترتيب المعتبر فيه باختلاف أنحائه وأقسامه كما يختلف في الغسل لوضوح أن غسل الرأس مقدم في الغسل على غسل الجانبين من غير خلاف ، كما أن غسل الجانب الأيمن مقدم على الأيسر على المشهور ، إلاّ أن ذلك خاص بالترتيبي منه دون الارتماسي ، فان الأمر ربما ينعكس في الارتماس فيغسل أوّلاً رجليه ثم جانبيه ثم رأسه ، لأنه إنما يدخل في الماء من طرف الرجل غالباً في الارتماس ، وهذا بخلاف الوضوء ، لأن مقتضى إطلاق أدلته أن الترتيب معتبر فيه مطلقاً ، سواء أ كان التوضؤ بالترتيب أم بالارتماس ، فالارتماسي فيه كالترتيبي ، فان المراد بالارتماس في الوضوء إنما هو ارتماس وجهه أو يده اليمنى أو اليسرى ، فلو قدّم ما هو متأخر بطل وضوءه لا محالة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net