الشكّ بعد الوضوء في تطهير الأعضاء النجسة قبله - حكم الشّك في الوضوء أثناء الصّلاة أو بعدها 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 15858


ــ[136]ــ

   [ 590 ] مسألة 51 : إذا علم بوجود مانع وعلم زمان حدوثه وشكّ في أنّ الوضوء كان قبل حدوثه أو بعده (1) يبني على الصحّة لقاعدة الفراغ إلاّ إذا علم عدم الالتفات إليه حين الوضوء فالأحوط الإعادة حينئذ .

   [ 591 ] مسألة 52 : إذا كان محل وضوئه من بدنه نجساً فتوضأ وشك بعده في أ نّه طهّره ثمّ توضأ أم لا بنى على بقاء النجاسة فيجب غسله لما يأتي من الأعمال ، وأما وضوءه فمحكوم بالصحّة عملاً بقاعدة الفراغ إلاّ مع علمه بعدم التفاته حين الوضوء إلى الطّهارة والنجاسة ، وكذا لو كان عالماً بنجاسة الماء الذي توضأ منه سابقاً على الوضوء ويشك في أنه طهّره بالاتصال بالكر أو بالمطر أم لا فإن وضوءه محكوم بالصحّة والماء محكوم بالنجاسة ويجب عليه غسل كل ما لاقاه ، وكذا في الفرض الأوّل يجب غسل جميع ما وصل إليه الماء حين التوضؤ أو لاقى محلّ الوضوء مع الرّطوبة (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    إذا شكّ في تقدّم الوضوء على حدوث الحاجب

   (1) عكس المسألة المتقدّمة فقد علم بتأريخ المانع كالقير الذي علم بالتصاقه ببعض أعضائه أوّل الزوال وشك في أن وضوءه هل كان قبله أم بعده ، وحكمه حكم المسألة السابقة بعينها .

    إذا توضّأ فشكَّ في أ نّه هل طهّر المحل قبله ؟

   (2) إذا احتمل الالتفات إلى اشتراط طهارة البدن أو الماء في صحّة الوضوء وإحرازها حال الوضوء فهل تثبت بها لوازماتها فيحكم بطهارة بدنه أو الماء وطهارة كل ما لاقاهما ، أو لا يثبت بالقاعدة إلاّ صحّة الوضوء فحسب ، وأما البدن والماء فهما باقيان على نجاستهما بالاستصحاب كما أن ملاقيهما ملاقي النجس ؟

   قد يقال : إن هذا النزاع مبني على أن القاعدة أمارة حتى تثبت بها لوازمها أو أنها

ــ[137]ــ

   [ 592 ] مسألة 53 : إذا شك بعد الصلاة في الوضوء لها وعدمه بنى على صحّتها (1) لكنّه محكوم ببقاء حدثه (2) فيجب عليه الوضوء للصلاة الآتية ، ولو كان الشكّ في أثناء الصلاة وجب الاستئناف بعد الوضوء (3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أصل فلا تكون حجّة في مثبتاتها . إلاّ أنا تعرضنا لذلك في بحث الاُصول وقلنا إن ذلك ممّا لا أساس له ، لأن الأصل والأمارة سيان في عدم حجيتهما في لوازماتهما إلاّ في خصوص الأمارات اللفظيّة وما يرجع إلى مقولة الحكاية والإخبار كما في الإقرار والبيّنة والخبر ، فإنها كما تكون حجّة في مداليلها المطابقية كذلك تكون حجّة في مداليلها الالتزامية ، التفت المخبر إلى الملازمة أم لم يلتفت ، كان مقراً بها أم منكراً للملازمة رأساً (1) . وعليه فلا تثبت بقاعدة الفراغ في المقام غير صحّة الوضوء ، ومقتضى الاستصحاب بقاء البدن والماء على نجاستهما فيحكم بنجاسة كل ما لاقاهما .

    الشك في الوضوء بعد الصلاة أو في أثنائها

   (1) لقاعدة الفراغ في الصلاة .

   (2) لأن القاعدة لا تثبت لوازمها كالحكم بطهارة المكلّف في مفروض المسألة . وهل تجري قاعدة التجاوز في نفس الوضوء أو لا تجري ؟ يظهر الحال في ذلك مما يأتي في المسألة الآتية إن شاء الله .

   (3) لأن مقتضى قاعدة الفراغ وإن كان هو الحكم بصحّة الأجزاء المتقدّمة من الصلاة لأنها ممّا قد تجاوز عنه وهي قد مضت ، إلاّ أنها لا تثبت الطّهارة حتى تصحّ الأجزاء الواقعة بعد شكّه ، فلا بدّ من أن يحصل الطّهارة لتلك الأجزاء الآتية وللكون الذي شكّ فيه في الطّهارة ، فإن الطّهارة كما أنها شرط في أجزاء الصلاة كذلك شرط في الأكوان المتخلّلة بين أجزائها ، وبما أن ذلك الكون مما لا يمكن تحصيل الطّهارة فيه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 3 : 267 .

ــ[138]ــ

والأحوط الإتمام مع تلك الحالة ثمّ الإعادة بعد الوضوء (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يحكم ببطلان صلاته واستئنافها بعد تحصيل الطّهارة ، ولا يمكن إحرازها بالقاعدة لعدم تحقق التجاوز على الفرض .

   (1) ومنشؤه احتمال جريان قاعدة التجاوز في نفس الوضوء ومعه يجب إتمام الفريضة فيحرم قطعها . والكلام في ذلك يقع في مقامين :

   أحدهما : في أن هذا الاحتياط هل له منشأ صحيح ؟

   وثانيهما : في أن قاعدة التجاوز هل تجري في نفس الوضوء أو لا ؟

   أمّا المقام الأوّل : فالصحيح أنه لا منشأ صحيح لهذا الاحتياط ، لأن الدليل على حرمة قطع الفريضة لو كان فانما هو الإجماع لو تمّ ، ومورده ما إذا كانت الفريضة مما يأتي به المكلّف في مقام الامتثال مكتفياً بها من غير إعادتها ، ففي مثله يمكن القول بحرمة القطع على تقدير تمامية الإجماع ، وأما إذا لم يكن المكلّف مكتفياً بها في مقام الامتثال بل بنى على استئنافها فأي دليل دلّ على لزوم إتمامها بعد عدم تحقق الإجماع إلاّ في العبادة المأتي بها في مقام الامتثال ؟ فهذا الاحتياط لا منشأ له .

   وأمّا المقام الثاني : فإن قلنا إن الشرط في الصلاة إنما هو الوضوء بحسب البقاء والاستمرار ، حيث قدمنا أن الطّهارة هي عين الوضوء وأن له بقاء واستمراراً في نظر الشارع واعتباره ، ومن هنا يسند إليه النقض في الروايات كما ورد في أن الوضوء لا ينقضه إلاّ ما خرج من طرفيك (1) وأنه مما لا ينتقض إلاّ بالنوم وغيره من النواقض بل قد صرّح ببقائه في بعض الأخبار كما في صحيحة زرارة حيث ورد أن الرجل ينام وهو على وضـوء (2) . أو قلنا إن الشرط فيها الطّـهارة المسببة عن الوضـوء كما هو المعروف عندهم حيث يعدّون الطّهارة من مقارنات الصلاة كالاستقبال ، فلا ينبغي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كما في صحيحة زرارة ، الوسائل 1 : 248 / أبواب نواقض الوضوء ب 2 ح 1 .

(2) الوسائل 1 : 245 / أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 1 .

ــ[139]ــ

الإشكال في عدم جريان القاعدة في الوضوء لا في هذه المسألة وهي الشك فيه في أثناء الصلاة ولا في المسألة السابقة وهي ما إذا شك فيه بعد الصلاة .

   وذلك لأن الشرط وهو الوضوء أو الطّهارة المقارنة للصلاة لم يتجاوز عنه المكلّف إذ التجاوز إما أن يكون تجاوزاً عن نفس الشيء وهو إنما يعقل بعد إحراز وجوده ومع الشك في وجود الشيء لا معنى للتجاوز عن نفسه ، وإما أن يكون التجاوز عن محلِّه ـ وهو المعتبر في جريان القاعدة التجاوز ـ ومحل الشرط المقارن إنما هو مجموع الصلاة ، فإذا شكّ فيه في أثنائها فلا يحكم بتجاوز محل الشرط فلا تجري فيه القاعدة كما لا تجري بالإضافة إلى الصلوات الآتية إذا شكّ في الوضوء بعد الصلاة كما في المسألة المتقدّمة ، لوضوح عدم تجاوز محل الشرط المقارن قبل الشروع فيه أو حينه .

   وأما إذا قلنا إن شرط الصلاة هو الوضوء الحدوثي بشرط عدم تعقبه بالحدث ، فهل تجري قاعدة التجاوز في الوضوء حينئذ عند الشك فيه في أثناء الصلاة أو بعدها باعتبار أنه من الشرط المتقدّم وهو مما قد تجاوز محله أو لا تجري ؟

   التحقيق هو الثاني ، وذلك لأن الأمر الشرعي لا يتعلق بالشرط أبداً وإنما يتعلق بذات المشروط المتقيّد بالشرط كالصلاة المتقيّدة بالوضوء ولا يتعلق بنفسه ، وعليه فلا محل شرعي للشرط حتى يقال إن محله قد مضى . نعم للصلاة المقيّدة بالشرط محل شرعي دون شرطها ، لأنه ليس كالأجزاء المتعلّقة للأمر شرعاً كالركوع إذا شكّ فيه وهو ساجد ـ مثلاً ـ حتى يقال إن محله قد مضى وتجاوز ، نعم يجب إيجاد الوضوء قبل الصلاة عقلاً لتحصيل التقيد المأمور  به في الصلاة إلاّ أنه لا محل شرعي له حتى لو قلنا بوجوب مقدّمة الواجب ، لأن الوجوب المقدمي لا أثر له وليس كالوجوب الضمني المتعلق بالأجزاء .

   وهذا نظير ما ذكرناه في الشك في الإتيان بصلاة الظهر وهو في صلاة العصر ، حيث منعنا عن جريان قاعدة التجاوز في صلاة الظهر لأنها مما لا محل له شرعاً ، نعم تجب أن تكون صلاة العصر بعد صلاة الظهر وأما أن صلاة الظهر تجب أن تكون قبل




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net