كيفيّة الاستبراء - نتيجة الاستبراء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9684


    الجهة الثّانية في كيفيّة الإستبراء

   وأمّا الجهة الثّانية أعني كيفيّة الإستبراء فقد وردت فيها جملة من الأخبار :

   منها : مرسلة يونس عمن حدثه عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «سئل عن امرأة انقطع عنها الدم فلا تدري أطهرت أم لا ، قال : تقوم قائمة وتلزق بطنها بحائط وتستدخل قطنة بيضاء ، وترفع رجلها اليمنى»(1) .

   ومنها : رواية شرحبيل الكندي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قلت له كيف تعرف الطّامث طهرها؟ قال (عليه السلام): تعمد برجلها اليسرى على الحائط، وتستدخل الكرسف بيدها اليمنى»(2) .

   ومنها : موثقة سَماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قلت له : المرأة ترى الطّهر وترى الصفرة أو الشيء فلا تدري أطهرت أم لا ، قال (عليه السلام) : فإذا كان كذلك فلتقم فلتلصق بطنها إلى حائط وترفع رجلها على حائط ، كما رأيت الكلب يصنع إذا أراد أن يبول ، ثمّ تستدخل الكُرسُف» (3) .

   ومنها : صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) «إذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة فإن خرج ... » (4) .

   ولكن الرّوايتان الاُوليان ضعيفتان ، فإنّ الاُولى مرسلة ، والثانية ضعيفة بشرحبيل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 309 / أبواب الحيض ب 17 ح 2 .

(2) الوسائل 2 : 309 / أبواب الحيض ب 17 ح 3 .

(3) الوسائل 2 : 309 / أبواب الحيض ب 17 ح 4 .

(4) الوسائل 2 : 308 / أبواب الحيض ب 17 ح 1 .

ــ[237]ــ

فإن خرجت نقيّة اغتسلت وصلّت ، وإن خرجت ملطّخة ولو بصُفرة ((1)) (1) صبرت

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكندي وسَلَمة بن الخَطّاب ، لإهمالهما في الرّجال ، بل وتضعيف الثّاني على ما يظهر من كلماتهم ، فلا يعتمد عليهما في الحكم بوجوب الاستبراء ولا في كيفيّته .

   والعمدة هي الصحيحة والموثقة وهما من المطلق والمقيّد ، لعدم تقييد الاستبراء في
الصحيحة بالقيام ورفع إحدى الرّجلين وإلصاق البطن إلى الحائط . ومقتضى قانون الإطلاق والتقييد تقييد الصحيحة بالموثقة واعتبار القيود الواردة فيها في الاستبراء إلاّ أ نّه بعيد ، ولأجل ذلك تحمل الموثقة على أفضل الأفراد .

   والوجه في بُعد التقييد أنّ المسألة من المسائل عامّة البلوى ، لكثرة إبتلاء النِّساء بها ، ومع كون المسألة كذلك وكونه (عليه السلام) في مقام البيان إذا لم يقيّد الإستبراء بقيد فلا محالة يدل ذلك على عدم إعتبار شيء من القيود المذكورة في الموثقة في الإستبراء ، وبذلك تكون الصحيحة أظهر وأقوى في الدلالة من الموثقة ، فتحمل الموثقة على الأفضليّة ، ومن ثمة ذهب المشهور إلى عدم إعتبار كيفيّة خاصّة في الإستبراء هذا .

   على أنّ المسألة كما عرفت من المسائل عامّة البلوى وكثيرة الدوران ، فلو كانت الكيفيّة الواردة في الموثقة واجبة المراعاة في الإستبراء لشاعت وظهرت ولم يمكن أن تكون مختفية على المشهور ، وقد عرفت أ نّهم ذهبوا إلى عدم إعتبار كيفيّة خاصّة في الإستبراء ، وقد ذكرنا نظير ذلك في جملة من الموارد منها الإقامة في الصّلاة .

   مضافاً إلى أنّ ذلك هو الّذي تقتضيه القرينة الخارجيّة ، لأنّ الغرض من الاستبراء ليس إلاّ مجرّد معرفة الحال والإستخبار عن أنّ المرأة ذات دم أو غيرها ، والظّاهر عدم مدخليّة شيء من القيود المذكورة في الموثقة في ذلك ، فتحمل على إرادة التسهيل على المرأة في إستبرائها أو على أفضل الأفراد كما عرفت .

    نتيجة الاستبراء

   (1) إذا استبرأت المرأة بعد انقطاع دمّها فلا يخلو الحال إمّا أن تخرج القطنة نقيّة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا أثر لرؤية الدم الأصفر إلاّ إذا كان في أيّام العادة .

ــ[238]ــ

حتّى تنقى أو تنقضي عشرة أيّام إن لم تكن ذات عادة أو كانت عادتها عشرة ، وإن كانت ذات عادة أقل من عشرة فكذلك مع علمها بعدم التجاوز عن العشرة، وأمّا إذا احتملت التجاوز فعليها الإستظهار بترك العبادة استحباباً بيوم أو يومين ((1)) أو إلى العشرة مخيّرة بينها ، فإن انقطع الدم على العشرة أو أقل فالمجموع حيض في الجميع ، وإن تجاوز فسيجيء حكمه .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وإمّا أن تخرج ملطّخة بالصفرة وإمّا أن تخرج ملطّخة بالدم الأحمر أو الأسود .

   أمّا إذا خرجت نقيّة فلا إشكال في أ نّه يجب عليها الاغتسال وتصلِّي، لأ نّها طاهرة .

   وأمّا إذا خرجت ملطّخة بالصفرة فإن كانت خارجة في أيّام عادتها فلا كلام أيضاً في الحكم بحيضيّة المرأة ، لأنّ حكم الصفرة في أيّام العـادة حكم الحمرة وأ نّها من الحيض كما قدّمنا تفصيله .

   وأمّا إذا خرجت في غير أيّام العادة أو لم تكن المرأة ذات عادة أصلاً فصريح كلام الماتن (قدس سره) أنّ حكمها حكم الدم الأحمر على ما نبيّنه عن قريب وهو المشهور لقاعدة الامكان .

   إلاّ أنّ الحكم بذلك ممّا لا وجه له ، وذلك لأنّ دم الحيض أسود عبيط وليس به خفاء، وليست الصفرة من الحيض بمقتضى الأخبار(2) ، وقد خرجنا عن ذلك في الصفرة الخارجة في أيّام العادة لأ نّها من الحيض ، ومعه لا يتمّ الحكم بحيضيّة الصفرة في المقام .

   ويدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى إطلاق ما ورد من أنّ الصفرة في غير أيّام العادة ليست بحيض(3) ـ نفس الأخبار الواردة في الإستبراء حيث إنّ صريح الموثقة المتقدِّمة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر وجوب الإستظهار بيوم إذا لم تكن مستمرّة الدم قبل أيّام العادة ، ثمّ هي مخيّرة بين الإستظهار بيومين أو ثلاثة أو إلى العشرة وعدمه ، وأمّا إذا كانت كذلك فلا إستظهار عليها على الأظهر ، والأحوط في جميع ذلك الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة .

(2) الوسائل 2 : 275 / أبواب الحيض ب 3 ح 2 و 3 و 4 .

(3) الوسائل 2 : 278 / أبواب الحيض ب 4 .

ــ[239]ــ

أنّ القطنة إذا خرجت ملطّخة بالدم الأحمر أو الأسود فالمرأة حائض دون ما إذا خرجت ملطّخة بالصفرة ، وذلك لأنّ مفـروض الرّواية أنّ المرأة ترى الصفرة ولا تدري أ نّها حيض أو ليست بحيض ، وفي هذا الفرض أمرها (عليه السلام) بإدخال الكرسف أو القطنة ، فإذا خرجت ملطّخة بالدم فهي حائـض ، ومعه يتعيّن أن يراد بالدم خصوص الأسود أو الأحمر ، إذ لو أريد منه الأعم من الصفرة لم تكن هناك حاجة إلى الاستخبار ، بل لا بدّ من الحكم بكونها حائضاً من دون استبراء ، لأجل أنّ المرأة تخرج منها الصفرة على الفرض .

   ويؤيّد ذلك ما في المرسلة (1) من أنّ القطنة إذا خرجت وفيها دم عبيط ولو بمقدار رأس الذباب فهي حائض ، فإنّ التقييد بالعبيط يدل على عدم كون الصفرة حيضاً ، هذا كلّه إذا خرجت القطنة ملطّخة بالصفرة .

   أمّا إذا خرجت القطنة ملطّخة بالدم الأحمر أو الأسود فهي على أقسام :

    الأقسام المتصوّرة في المقام

   لأنّ المرأة إمّا لا تكون لها عادة أو تكون، وعلى الثّاني إمّا أن تكون عادتها عشرة أيّام أو أقل ، وعلى الثّاني قد تحتمل تجاوز دمها العشرة وعدم انقطاعه قبلها ، وقد تجزم بانقطاعه قبل تجاوز العشرة .

   أمّا إذا لم تكن لها عادة ، أو كانت ذات عادة ولكن عادتها عشرة أيّام ، أو أ نّها أقل وتجـزم بعدم تجـاوز دمها العشرة فلا بدّ من الحكم بكـونها حائضاً إلى عشرة أيّام للأخبار الواردة في الاستبراء ولما ورد من أنّ الدم قبل العشرة من الحيضة الاُولى(2) كما سبق في محلّه .

   وأمّا إذا كانت عادتها أقلّ من العشرة وهي تحتمل انقـطاع دمها قبل العشرة كما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي مرسلة يونس المروية في الوسائل 2 : 309 / أبواب الحيض ب 17 ح 2 .

(2) الوسائل 2 : 296 / أبواب الحيض ب 10 ح 11 ، 298 / ب 11 ح 3 .

ــ[240]ــ

تحتمل تجاوزه عنها فمقتضى الاستصحاب أنّ دمها لا ينقطع قبل العشرة ، لما عرفت في محلّه من أنّ الإستصحاب كما يجري في الاُمور الحالية يجري في الاُمور الإستقباليّة أيضاً ، وبما أنّ الدم يجري من المرأة بالفعـل وتشكّ في دوامه وانقـطاعه في الأزمنة المستقبلة فالأصل عدم انقطاعه ، فهي كالعالمة بتجاوز دمها العشرة ، لأنّ العلم التعبّدي كالعلم الوجداني ، ولا بدّ حينئذ من أن ترجع إلى أيّام عادتها وتجعلها حيضاً والزائد اسـتحاضة ، فلها أن تغتسـل بعد أيّام عادتها وتصلِّي وترتب أحـكام المستحاضة على نفسها .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net