ما جمع به الوحيد البهبهاني بين الطائفتين 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5834


    ما جمع به الوحيد البهبهاني بين الطائفتين

   وعن الوحيد البهبهاني (قدس سره) جمعهما بحمل الطائفة الآمرة بالإستظهار على الدور الأوّل من الدم ، وحمل الأخبار الآمرة بالصلاة والإغتسال على الدور الثّاني من الدم (1) .

   فإذا رأت المرأة الدم في أيّام عادتها وتجاوز فيجب عليها أن تستظهر بيوم واحد كما في الموثقة الآتية ، وبعدها يحكم على الدم بالإستحاضة ، فإذا استمرّ بها الدم بعد ذلك إلى شهر وجاءت أيّام عادتها فتقتصر على أيّامها وبعدها تغتسل وتصلّي وإن لم ينقطع دمها لأ نّها مستحاضة حينئذ ، وهكذا إذا انتهى إلى الشهر الثّاني والثّالث فإنّه الدور الثّاني من دمها ، وبهذا ترتفع المعارضة بينهما .

   واستشهد على ذلك بموثقة إسحاق بن جرير عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث «المرأة تحيض فتجوز أيّام حيضها ، قال : إن كان أيّام حيضها دون عشرة أيّام إستظهرت بيوم واحد ثمّ هي مستحاضة ، قالت : فإنّ الدم يستمر بها الشهر والشهرين والثّلاثة كيف تصنع بالصّلاة ؟ قال : تجلس أيّام حيضها ثمّ تغتسل لكلّ صلاتين» (2) .

   وهذا الجمع وإن كان أحسن الوجوه المذكورة في المقام إلاّ أ نّه لا يمكن المساعدة عليه أيضاً ، والوجه فيه : أنّ الموثقة وإن دلّت على أنّ المرأة في دورها الأوّل تستظهر بيوم واحد إلاّ أ نّها لم يعلم دلالتها على عدم وجوب الإستظهار عليها في دورها الثّاني ، لعدم كون الموضوع في سؤال المرأة السائلة من الإمام (عليه السلام) بقولها «فإنّ الدم يستمر الشهر والشهرين والثّلاثة» هو الموضوع في سؤالها السابق بقولها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حكاه عنه في المستمسك 3 : 266 / كتاب الحيض .

(2) الوسائل 2 : 275 / أبواب الحيض ب 3 ح 3 .

ــ[250]ــ

«المرأة تحيض فتجوز أيّام حيضها» حتّى يقال إنّ المرأة بعدما رأت الدم في حيضها وتجاوز عن عادتها ثمّ استمرّ بها الدم شهراً أو شهرين فلها دوران قد حكم (عليه السلام) في دورها الأوّل بالإستظهار وبعدم وجوبه في دورها الثّاني .

   بل السؤال في قولها «فإنّ الدم يستمر بها ... » إنّما هو عن موضوع آخر ، أي امرأة اُخرى وأنّ المرأة إذا استمرّ بها الدم شهراً أو شهرين كيف تصنع ؟ ولو كان ذلك دوراً أوّلاً لها لا دوراً ثانياً ، كما إذا فرضنا أ نّها قبل أيّام عادتها رأت الدم حتّى إنتهى إلى أيّام عادتها ورأت فيها أيضاً حتّى تجاوز عنها ، فإنّها مستمرّة الدم حينئذ ودامية ، إلاّ أ نّها دور أوّل للمرأة إذ لم تبتل قبل ذلك برؤية الدم في عادتها مع تجاوزه عنها ليكون هذا دوراً أوّلاً لها ، وما رأته بعدها شهراً أو شهرين دوراً ثانياً هذا .

   على أ نّا لو سلمنا أنّ الموضوع في كلا الموردين امرأة واحدة ، والموثقة تضمنت حكم دورها الأوّل والثّاني كما اُفيد ، إلاّ أ نّها ليست بذات مفهوم حتّى تدل على أنّ المرأة إذا كانت مستمرّة الدم من الابتداء ـ لا في دورها الثّاني ، أي بعد رؤيتها الدم في عادتها مع تجاوزه عنها ـ لا تجب عليها الصّلاة والغسل ، وإنّما تدل على أنّ المستمرّة في دورها الثّاني لا يجب عليها الاستظهار .

   إذن فلا بدّ من إستفادة حكم المستمرة الدم من الأخبار الاُخر ، فإذا لاحظنا صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبدالله (عليه السلام) «المستحاضة تنظر أيّامها فلا تصلّي فيها ولا يقربها بعلها ، فإذا جازت أيّامها ورأت الدم يثقب الكُرسُف اغتسلت للظهر والعصر ، تؤخر هذه وتعجل هذه ، وللمغرب والعشاء غسلاً ، تؤخِّر هذه وتعجل هذه ، وتغتسل للصبح ... » (1) .

   وحسنة أو صحيحة عبدالله بن سِنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «سمعته يقول المرأة المستحاضة تغتسل الّتي لا تطهر ـ كذا في الوسائل ، والظاهر أ نّه هكذا : الّتي لا تطهر تغتسل ـ عند صلاة الظّهر وتصلِّي الظّهر والعصر ، ثمّ تغتسل عند المغرب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 371 / أبواب الإستحاضة ب 1 ح 1 .

ــ[251]ــ

فتصلِّي المغرب والعشاء ، ثمّ تغتسل عند الصبح فتصلّي الفجر ، ولا بأس بأن يأتيها بعلها إذا شاء إلاّ أيّام حيضها فيعتزلها زوجها» الحديث (1) .

   وموثقة سماعة ، قال «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المستحاضة ، قال فقال : تصوم شهر رمضان إلاّ الأيّام الّتي كانت تحيض فيها ثمّ تقضيها من بعد» (2) ، وغيرها ممّا رواه في الوسائل باب 1 من أبواب الإستحاضة وغيره .

   ومن جملة الرّوايات مرسلة يونس الطويلة الّتي ذكرنا أ نّها معتبرة ، لأ نّها دلّت على أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سنّ في المرأة ثلاث سنن ، منها أنّ المستحاضة من الابتداء تقعد في أيّام أقرائها وبعدها تغتسل وتصلِّي (3) .

   علمنا أنّ المرأة المستحاضة من الابتداء لا يجب عليها الإستظهار ، لأنّ مورد تلك الأخبار هي المرأة المستحاضة من الابتداء ، لقوله (عليه السلام) فيها «تنظر أيّامها» فإنّها كالصريح في أنّ إستحاضتها إنّما كانت قبل أيّامها إذ لو كانت رؤيتها الدم من أوّل أيّامها وكانت مستحاضة بعدها لم يكن معنى لإنتظارها أيّام عادتها ، وكذلك الرّوايتان الأخيرتان ، لأنّ الموضوع فيهما المسـتحاضة ، وقد حكم بوجوب الصوم ووجوب الصّلاة عليها ابتداءً ، ثمّ استثنى أيّام عادتها ، فظاهرهما أنّ الإستحاضة كانت قبل أيّامها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 372 / أبواب الإستحاضة ب 1 ح 4 .

(2) الوسائل 2 : 378 / أبواب الإستحاضة ب 2 ح 1 .

(3) الوسائل 2 : 281 / أبواب الحيض ب 5 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net