2 ـ المس 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6202


ــ[337]ــ

   الثّاني : يحرم عليها مسّ إسم الله وصفاته الخاصّة ، بل غيرها أيضاً إذا  كان المُراد بها هو الله (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قدّمنا أ نّها ظاهرة في الإرشاد إلى الفساد أو مانعيّة الحيض .

   وعليه فالإنصاف عدم ثبوت الحرمة الذاتيّة في عبادة الحائض بوجه . ومع عدم حرمة العبادة ذاتاً على الحائض تتمكّن من الإحتياط في موارد العلم الإجمالي بالحيض أو الإستحاضة أو غيرهما من موارد إحتمال الحيض .

   بل الظاهر أنّ إمكان الإحتياط متسالم عليه بينهم ، وذلك لأ نّهم في موارد العلم الإجمالي بالحيض والإستحاضة يحتاطون بالجمع بين أحكام الحائض والمستحاضة فلو كانت العبادة محرمة ذاتاً على الحائض ولم تتمكّن من الإحتياط فما معنى الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة الّتي منها الصّلاة .

   ثمّ إنّا لو التزمنا بالحرمة الذاتيّة فهل تختصّ الحرمة بالفرائض الخمسة من الصّلاة ولا تعم مثل صلاة الآيات ، أو نلتزم بعمومها لجميع الصلوات ؟

   ذكر صاحب الحدائق أنّ الحرمة مختصّة بالفرائض الخمسة ولا حرمة لغيرها .

   إلاّ أ نّه ممّا لا وجه له ، لإطلاق الأخبار (1) الناهية عن الصّلاة في حال الحيض ولأنّ المستفاد منها أنّ الله لا يحبّ العبادة في تلك الحالة ، وهذا لا يفرق فيه بين الفريضة اليوميّة وغيرها ، وقد ورد في بعض الأخبار «فاحبّ الله أن لا يعبد إلاّ طاهراً» (2) ، فلا فرق في الحرمة على القول بها بين الفرائض اليوميّة وغيرها .

    حرمة المس على الحائض

   (1) استدلّ على حرمة مسّ إسم الله تعالى ـ الأعم من إسم الذات كلفظة الجلالة وصفاته أو أسمائه العامّة إذا قصد بها الذات المقدّسة ـ بأمور :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 343 / أبواب الحيض ب 39 .

(2) الوسائل 2 : 344 / أبواب الحيض ب 39 ح 2 .

ــ[338]ــ

   أحدها : أ نّه هتك .

   وفيه : أ نّه لماذا يكون هتكاً دائماً ، ولا سيما فيما إذا مسّته تعظيماً له كما إذا قبّلته المرأة للتعظيم .

   ثانيها : إن ترك مسّه تعظيم له .

   وفيه : أنّ ترك المس من الحائض وإن كان تعظيماً للإسم لا محالة ، إلاّ أ نّه لا دليل على وجوب كلّ تعظيم ، كيف وإستقبال القبلة في جميع الأحوال تعظيم للقبلة ، ولم ير من حكم بحرمة تركه ، فلا نقول بوجوبه إلاّ إذا كان نقيضه هتكاً ، كما إذا كان فعل المس هتكاً للإسم ، هذا كلّه بحسب الكبرى .

   على أنّ الصغرى أيضاً مورد المناقشة ، فإن ترك المس لا يكون دائماً تعظيماً ، بل قد يكون التعظيم في مسّه كما إذا وقع الإسم في موضع غير مناسب له ، فإن مسّه لرفعه ووضعه في مكان مناسب له تعظيم لا محالة .

   ثالثها : أنّ الحيض أعظم من الجنابة ، فإذا حرم مسّ اسم الله سبحانه على الجنب كما مرّ حرم على الحائض بطريق أولى .

   والجواب عن ذلك : أنّ المراد بذلك لعله كون الحيض أشدّ وأعظم من الجنابة من حيث طول الزّمان ، لأنّ الجنابة يمكن أن يرتفع في دقيقة ولكن الحيض أقلّه ثلاثة أيّام ، أو كونه أشدّ منها بإعتبار عدم كون المكلّف مأموراً بالعبادة في الحيض وهو مأمور بها في الجنابة ، وإلاّ فلم يثبت أنّ حدث الحيض أشدّ من حدث الجنابة . إذن لا يمكننا إثبات الأحكام المترتبة على الجنابة على الحيض .

   ومن هنا يظهر الجواب عن رواية سعيد بن يسار الواردة في المرأة ترى الدم وهي جنب حيث قال (عليه السلام) «قد أتاها ما هو أعظم من ذلك» (1) ، فإنّ المراد به أنّ ما جاءها من الحيض أشدّ من جنابته من حيث طول الزّمان أو سقوط التكليف بالصلاة ، لا أنّ هذا الحدث أعظم من الآخر .

   على أ نّها ضعيفة السند بإسماعيل بن مَرّار الّذي قدّمنا الكلام فيه في بعض الأبحاث

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 314 / أبواب الحيض ب 22 ح 2 .

ــ[339]ــ

السابقة وقلنا إنّه غير ثابت الوثاقة (1) ، وأمّا ما عن محمّد بن الحسن بن الوليد من أنّ جميع كتب يونس معتبرة عنده سوى ما تفرّد به محمّد بن عيسى عن يونس (2) فلا دلالة له على وثاقة إسماعيل بن مَرّار بإعتبار أ نّه يروي عن يونس ، فإنّ ذلك إنّما كان يدلّ عليه فيما إذا كانت كتب يونس أو كتاب من كتبه مرويّاً بطريق إسماعيل بن مَرّار على وجه الإنحصار فقط ، فإنّ هذا الكلام كان توثيقاً له حينئذ لتوثيقه روايات جميع كتبه ، إلاّ أنّ الأمر ليس كذلك لأنّ كتبه مروية بطرق غير إسماعيل بن مَرّار ، وبعضها معتبر لا سيما ما وقع في سلسلته ابن الوليد نفسه . وعليه لا دلالة للحكم بإعتبار كتب يونس على أنّ إسماعيل بن مَرّار ثقة .

   وكذا الحال في الإستدلال على حرمة مسّ الحائض أسماء الله سبحانه بما دلّ على حرمة مسّها الكتاب العزيز ، فإنّ ذلك كسابقه لا يخرج عن القياس ، حيث إنّا نحتمل أن يكون للكتاب خصوصيّة إقتضت ذلك دون إسم الله سبحانه .

   والصحيح أن يستدلّ على ذلك بصحيحة داود بن فَرقَد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «سألته عن التعويذ يعلّق على الحائض ؟ قال : نعم لا بأس ، قال وقال : تقرؤه وتكتبه ولا تصيبه يدها» (3) .

   فإنّها معتبرة سنداً حيث إنّ داود بن فَرقَد ممّن وثقه الشيخ(4) والنجاشي(5) ، وقال ابن الغضائري(6) إنّه ثقة ثقة ، مع أنّ دأبه القدح غالباً ، وبقيّة الرّواة أيضاً لا كلام في إعتبارهم كما هو ظاهر .

   ودلالتها على المدّعى ظاهرة ، حيث نهت عن أن تصيب الحائض التعويذ بيدها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا ما بنى عليه دام ظلّه أوّلاً ، غير أ نّه عدل عنه بعد ذلك وبنى على وثاقة الرّجل لوجوده في تفسير علي بن إبراهيم . وقد تقدّم الكلام فيه في الصفحة 126 .

(2) راجع تنقيح المقال 3 : 338 س 34 / ترجمة يونس بن عبدالرّحمن .

(3) الوسائل 2 : 342 / أبواب الحيض ب 37 ح 1 .

(4) رجال الشيخ : 336 / الرقم [ 5004 ] .

(5) رجال النجاشي : 158 / الرقم [ 418 ] .

(6) بل قال ابن فضّال ذلك ، راجع الكتب الرّجالية في ترجمة داود بن فرقد .

ــ[340]ــ

وكذا مسّ أسماء الأنبياء والأئمّة على الأحوط ((1)) (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومقتضى القرينة الداخليّة وهي مناسبة الحكم والموضوع والقرينة الخارجيّة وهي العلم بعدم حرمة مسّ الحائض لغير أسماء الله الموجودة في العوذة كلفظة «أعوذ» مثلاً هو أنّ مسّ الحائض أسماء الله تعالى الموجودة في التعويذ محرم في حقّها .

   وبما أنّ التعويذ قد يكون بإسم الذات كقولنا أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم ، وقد يكون بصـفاته كأعوذ بالرّحمن منك إن كنت تقيّاً أو من فسقة الإنس والجن ، وقد يكون بالأسماء العامّة مقصوداً بها الذات المقدّسـة كأعوذ بالعالم القادر ونحو ذلك فتدلّ المعتبرة بترك التفصيل على حرمة مسّ الحائض لأسماء الله تعالى على نحو الإطلاق .

   وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «سألته عن التعويذ يعلّق على الحائض ؟ فقال : نعم إذا كان في جلد أو فضّة أو قصبة حديد» (2) ، وذلك للعلم بعدم خصوصيّة في الجلد والحديد ، بل المقصود أن لا تمس الحائض التعويذ لإشتماله على أسماء الله سبحانه ، فيجوز المسّ إذا كان في غيرهما أيضاً ممّا يمنع عن مسّ الإسم ، كما أنّ مسّه بما فيه من الأسماء محرم .

   ويؤيّده ما رواه الشيخ عن داود عن رجل عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «سألته عن التعويذ يعلّق على الحائض ؟ قال : لا بأس ، وقال : تقرؤه وتكتبه ولا تمسّه» (3) .

   (1) قدّمنا في بحث الجنابة أنّ مسّ الجنب والحائض أسماء الأنبياء والأئمّة (عليهم السلام) إنّما يحرم فيما إذا استلزم الهتك ، ومع عدم استلزامه ذلك لا دليل على حرمة مسّها (4) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا بأس بتركه .

(2) الوسائل 2 : 342 / أبواب الحيض ب 37 ح 2 .

(3) الوسائل 2 : 343 / أبواب الحيض ب 37 ح 4 .

(4) تقدّم في شرح العروة 6 : 311 .

 
 

ــ[341]ــ

وكذا مسّ كتابة القرآن على التفصيل الّذي مرّ في الوضوء (1) .
ــــــــــــــــــــــــ

   (1) قدّمنا ذلك في بحث الجنابة أيضاً (2) ، وقلنا إن غير المتطهر لا يجوز له أن يمسّ خط المصحف ، وذلك لما دلّ على أن من لم يكن على وضوء لا يمسّ الكتاب ، كما في موثقة أبي بصير (3) ، فإنّه يدلّنا على أنّ مسّ الكتاب إنّما يجوز للمتطهِّر من الحدث وأمّا المحدث بالأصغر أو الأكبر فلا يجوز له أن يمسّ الكتاب .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net