أدلّة حرمة التمكين على الزوجة - حكم الاستمتاعات غير الوطء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6195


    ما استدلّ به على حرمة التمكين

   فقد يستدلّ على حرمة تمكين الزّوجة بأ نّه إعانة على الاثم ، وهي محرمة .

   وفيه : أنّ تمكينها ربما يكون إعانة على الإثم وربما لا يكون ، وذلك لأنّ الزّوج قد لا يحرم عليه وطء زوجته في المحيض واقعاً ، كما إذا كان مجنوناً أو صغيراً أو ناسياً أو غافلاً ، وقد لا يحرم عليه ظاهراً كما إذا كان جاهلاً بحرمته ، ومعه لا يكون التمكين من الزّوجة إعانة على الإثم دائماً . على أنّ الإعانة على الإثم لم يقم دليل على حرمتهـا وإنّما المحرم أمران :

   أحدهما : إعانة الظالم في ظلمه ، لأ نّها محرمة بمقتضى الأخبار(1) ، وهذا غير الإعانة على الإثم بما هو إثم كما إذا ارتكب الحرام من دون أن يظلم أحداً من النّاس فلا دليل على حرمة إعانته .

   ثانيهما : التعاون على الإثم بأن يصدر عمل واحد محرم من شخصين أو أشخاص متعددين فيعين كلّ واحد منهما الآخر في ذلك العمل ، كما إذا إجتمعوا وقتلوا واحداً هذا يضربه بالسيف والآخر يضربه بشيء آخر حتّى يقتل ، أو إجتمعوا وخربوا مسجداً ، فالإثم صادر من الجميع وينتسب إليهم بإعانة كلّ منهم الآخر .

   وأمّا الإعانة على الإثم بأن يصدر الإثم من واحد وشخص آخر يعينه في ذلك من دون أن ينتسب الحرام إليه ، كما إذا أراد شخص ضرب آخر وناوله شخص ثالث العصا فهي ممّا لم يقم دليل على حرمته .

   وقد يستدلّ على ذلك برواية محمّد بن مسلم الواردة في العدّة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال «سألته عن الرّجل يطلق امرأته متى تبين منه ؟ قال : حين يطلع الدم من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع الوسائل 16 : 55 / أبواب جهاد النّفس ب 80 ، 17 : 177 / أبواب ما يكتسب به ب 42 .

ــ[359]ــ

الحيضة الثّالثة تملك نفسها ، قلت : فلها أن تتزوّج في تلك الحال ؟ قال : نعم ، ولكن لا تمكّن من نفسها حتّى تطهر من الدم» (1) ، حيث دلّت على أنّ العدة تنقضي بمجرّد رؤيتها الحيضة الثّالثة ولها أن تتزوّج وهي في تلك الحيضة ، إلاّ أ نّها لا تمكّن زوجها من نفسها حتّى تطهر من الدم ، ودلالتها على حرمة تمكين الحائض زوجها من نفسها وإن كانت لا بأس بها ، إلاّ أنّ الرّواية رواها محمّد بن الحسين ، عن بعض أصحابنا عن محمّد بن مسلم ، والواسطة مجهولة ، وبذلك تندرج الرّواية في المراسيل ولا يمكن الإعتماد عليها في شيء .

   نعم ، ذكر الرّاوي أ نّه يظن أن تكون الواسطة هو محمّد بن عبدالله بن هلال أو علي ابن الحكم ، إلاّ أنّ ظنّ الرّاوي ذلك ممّا لا أثر له ولا يمكن الإعتماد عليه ، وعلى تقدير التسليم فمحمّد بن عبدالله بن هلال لم تثبت وثاقته في الرّجال ، ولكنه وقع في أسانيد كامل الزّيارات فلاحظ ، وكيف كان الرّواية غير قابلة للإعتماد عليها .

   وثالثة : يستدلّ عليه بالإجماع الّذي ادّعاه في الغنية (2) ، إلاّ أ نّه لا يزيد على الإجماع المنقول بشيء ، والإجماعات المنقولة غير قابلة للإعتماد عليها .

   والّذي يمكن الاستدلال به على ذلك أنّ المرتكز في أذهان المتشرّعة أنّ الوطء مبغوض في أيّام العادة مطلقاً ، ومبغوضيّة العمل بالنسبة إلى كلّ من الزّوج والزّوجة على حدّ سواء ، فكما يحرم ذلك على الزّوج كذلك يحرم على الزّوجة ، فلا يجوز لها أن تمكن الزّوج من نفسها .

   ويمكن الاستئناس على مبغوضيّة العمل حينئذ بما ورد من أنّ مبغض أمير المؤمنين (عليه السلام) إمّا أن يكـون منافقاً أو ولد زنا أو ممّن حمـلته اُمّه في المحـيض(3) ، فإنّ ذلك يدلّ على أنّ حمـل الاُم في أيّام العـادة يترتّب عليه كون الولد مبغــضاً لعليّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 22 : 210 / أبواب العدد ب 16 ح 1 .

(2) الغنية : 39 / كتاب الطّهارة .

(3) الوسائل 2 : 318 و 319 / أبواب الحيض ب 24 ح 7 ، 8 ، 9 .

ــ[360]ــ

(عليه  السلام) ، وحمل الاُم كما ينتسب إلى الزّوج كذلك ينتسب إلى الزّوجة ، فالحمل في أيّام الحيض كالزنية ، فكما أ نّها عمل ينتسب إلى المرأة والرّجل وهي محرمة على كليهما فكذلك الحال في المحيض . هذا كلّه في الوطء في القبل .

   وأمّا سائر الإستمتاعات فيقع الكلام فيها تارة في الإستمتاعات غير الوطء في الدبر ، واُخرى في الإستمتاع بوطئها في دبرها .

    حكم الاستمتاعات غير الوطء

   أمّا الاستمتاعات غير الوطء في الدّبر كالتقبيل والتفخيذ والضمّ ونحوها فالمعروف جوازها ، ويدلّ عليه جملة من الرّوايات الواردة في أنّ للرجل ما بين أليتيها ولا يوقب ، أو أنّ له أن يأتيها إذا اجتنب ذلك الموضع ، أو له أن يأتي حيث شاء ما اتّقى موضع الدم أو ما دون الفرج إلى غير ذلك ممّا ورد في الرّوايات (1) ، ومقتضاها جواز الاستمتاع بالزوجة في حيضها في غير فرجها .

   وبإزاء هذه الأخبار صحيحة وغيرها واردة بمضمون أنّ المرأة تتّزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرّتها ثمّ له ما فوق الازار ، ومقتضاها عدم جواز الاستمتاع بها بما بين الركبتين والسرّة ، وعن ميمونة زوجة النّبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أ نّها في حيضها كانت تتّزر بما بين الركبتين وسرتها ثمّ كانت تضاجع الرّسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (2) ، ولأجل ذلك ذهب بعضهم إلى حرمة الاستمتاع بما بين السرّة والركبة ، وعن الأردبيلي (3) الميل إليه .

   إلاّ أنّ الصحيح خلاف ذلك ، وذلك لأنّ الأخبار المتقدّمة صريحة في جواز الاستمتاع بما دون الفرج ، وحينئذ إمّا أن نرفع اليد عن ظهور الطائفة الثّانية في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 321 / أبواب الحيض ب 25 .

(2) الوسائل 2 : 323 / أبواب الحيض ب 26 .

(3) مجمع الفائدة والبرهان 1 : 153 / في الحيض .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net