عدم الفرق بين الفريضة والنافلة في وجوب الوضوء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6750


ــ[45]ــ

   فريضة كانت أو نافلة (1) ، وتبديل القطنة أو تطهيرها ((1)) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وبهذا يتضح أن ما ذهب إليه المشهور هو الصحيح .

   بقي الكلام في موثقة سَماعة حيث إن ظاهرها أو صريحها أن بين الدم الأحمر والأصفر فرقاً وتفاوتاً بحسب الحكم ، حيث قال «هذا إن كان دمها عبيطاً ، وإن كان صفرة فعليها الوضوء» (2) .

   والجواب عن ذلك أنه لا مناص من حمل الموثقة على إرادة الكمية دون الكيفية بمعنى أن هذا إنما هو فيما إذا كان الدم كثيراً ، وأمّا إذا كان قليلاً بمثابة عدّ من الأعراض عرفاً بحيث يرى صفرة ولو كان أحمر حقيقة لقلّته ، فلا يجب فيه إلاّ الوضوء .

   وذلك بقرينة الأخبار الاُخر الدالة على وجوب الغسل مع الصفرة إذا كانت ثاقبة الكرسف ، بل حمل الموثقة على ذلك مما لا مناص عنه حتى بناء على ما سلكه المحقق الخراساني (قدس سره) ، وذلك للأخبار الواردة في وجوب الأغسال الثلاثة فيما إذا كانت الصفرة كثيرة ، لأنه ملتزم بذلك كما عرفت ، فالمراد بالصفرة هو الدم القليل لا الدم الأصفر كما عرفت .

    التسوية بين الفريضة والنافلة

   (1) بعد ما عرفت أن في الاستحاضة القليلة والمتوسطة يجب الوضوء لكل صلاة يقع الكلام في أن هذا الحكم هل يختص بالفرائض ، كما نسب ذلك إلى الشيخ في مبسوطه(3) من أن المسـتحاضة إذا توضأت للفرض جاز لها أن تصلِّي من النوافل ما شاءت ، أو يعم النوافل فيجب أن تتوضأ لكل صلاة من النوافل كما يجب أن تتوضأ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

(2) الوسائل 2 : 374 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 6 .

(3) المبسوط  1 : 68 .

ــ[46]ــ

لكل صلاة من الفرائض ؟ هذا هو المعروف بينهم .

   وقد يقال : إن القاعدة أيضاً تقتضي ذلك ، لأن الاستحاضة من الأحداث ، ومقتضى القاعدة سقوط الصلاة عن المستحاضة لأنها ذات حدث ، إلاّ أنّ الأخبار دلّت على أنها مع كونها محدثة لا تسقط عنها الصلاة (1) ، ومعه لا بدّ في الخروج عن مقتضى القاعدة من الاقتصار على المورد المتيقن ، وهو ما إذا توضأت لكل صلاة . وأمّا إذا لم تتوضأ لصلاة ولو نافلة فلا مناص من الحكم ببطلانها ، لأنها ذات حدث ولم يعلم الترخيص لها في تلك الصلاة التي تأتي بها من دون أن تتوضأ لها ، هذا .

   وفيه : أن المستفاد من الأخبار الواردة في المقام أن صحّة الصلاة من المستحاضة مع التوضؤ إنما هي من جهة أنها طاهرة حينذاك وأن طهرها هو الوضوء عند الصلاة فصحة صلاتها ليس أمراً تعبدياً على خلاف القاعدة ومن باب التخصيص فيما دلّ على بطلان الصلاة مع الحدث ، بل هي من جهة كونها طاهرة ومن باب التخصيص في أدلّة النواقض وأن الدم الخارج منها بعد توضئها لا يكون ناقضاً لطهارتها .

   كما ذكرنا ذلك في المسلوس والمبطون (2) وقلنا إن طهارتهما هو توضؤهما وأن ما يخرج منهما بعد الوضوء لا يكون ناقضاً ، تخصيصاً في أدلّة النواقض ، لا أن صحّة صلاتهما من باب التخصيص فيما دلّ على اعتبار الطهارة في الصلاة وبطلانها مع الحدث ، وإذا حكم على المستحاضة بالطهارة لا يفرق معها بين أن تصلى صلاة واحدة أو صلاتين أو أكثر .

   وقد يدعى أن مقتضى القاعدة عدم اعتبار التوضؤ في النوافل ، وذلك لأنّا إذا لم نعتبر فورية الصلاة على المستحاضة بعد توضئها وقلنا بجواز التأخير والفصل بينهما على المستحاضة ولا سيما فيما إذا اشتغلت بما هو من مقدمات الصلاة وبالأخص فيما إذا كانت المقدمة من المقدمات الشرعية كالنوافل ، لم يحتمل أن يكون وجود النافلة مبطلاً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 371 و 378 / أبواب الاستحاضة ب 1 ، 2 وغيرها .

(2) شرح العروة  6 : 214 .

ــ[47]ــ

للوضوء ، لما فرضنا من أنها لو سكتت بعد توضئها دقيقة أو دقيقتين مثلاً وصلّت بعد ذلك صحّت صلاتها وتوضؤها ، فإذا أتت بالنافلة بدل السكوت كيف يحكم ببطلان وضوئها ، وهل يكون وجود النافلة مبطلاً له مع عدم بطلانه بالسكوت لعدم وجوب الفورية على الفرض ، فلا مانع من أن تتوضأ وتصلِّي النافلة ثم تصلِّي الفريضة .

   وكذا الحال فيما إذا أتت بالنافلة بعد الفريضة كما في صلاة المغرب ، لأن التأخير بمقدار فعل النافلة لا يكون موجباً لبطلان الوضوء كما عرفت ، فمقتضى القاعدة عدم وجوب التوضؤ لكل نافلة .

   وهذا كسابقه ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لأن المدعى ليس هو أن الفصل الزماني بين الوضوء والفريضة موجب لبطلانه حتى ينتقض بما إذا سكتت بعد الوضوء ولم تشتغل بشيء وصلّت بعد ذلك ، وإلاّ للزم الالتزام بصحة الاكتفاء بالوضوء الواحد فيما إذا توضأت لأداء فريضة وأتت قبلها بفريضة اُخرى قضاء ، فإن وجود الصلاة المأتي بها قضاء لا يحتمل أن يكون ناقضاً لتوضئها بعد عدم كون السكوت بهذا المقدار مبطلاً له . مع أن هذا ممّا لا يلتزم به أحد ، لأنهم يدعون لزوم التوضؤ لكل فريضة الأعم من الأداء والقضاء . بل المدعى اعتبار التوضؤ لكل صلاة الأعم من الفريضة والنافلة ، وهذا لا يندفع بما ذكر .

   ودعوى أن الصلاة منصرفة إلى الفرائض غير مسموعة ، لأن الصلاة صلاة ولا يفرق بين نفلها وفرضها ، وإلاّ لأمكن دعوى انصرافها إلى الأداء دون القضاء مع أنه ممّا لا يلتزم به القائل باختصاص الحكم بالفرائض ، لأنه يلتزم بوجوب الوضوء لكل فريضة في وقتها أو في خارج وقتها .

   فلا بدّ في تحقيق الحال من مراجعة الروايات ، وهي على طائفتين :

   ففي إحداهما : وجوب الوضوء على المستحاضة بالقليلة في وقت كل صلاة ، كما في صحيحة الصحّاف حيث قال «فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة» (1) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 374 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 7 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net