طواف المستحاضة - مسّ المستحاضة المصحف 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7930


ــ[138]ــ

تطوف بالبيت ؟ قال (عليه السلام): تقعد قرأها ... وكل شيء استحلّت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت» (1) .

   وقد ذكر صاحب الحدائق (قدس سره) أنها صحيحة السند(2) ، وهي تدلّ على الملازمة بين استحلال الصلاة في حقها وجواز الوطء والطواف ، وحينئذ لا بدّ من ملاحظة معنى الاستحلال وهل المراد به المشروعية ، أعني الحلية الشأنيه والطبعية كما هو الظاهر ، أو أن المراد به الحلية الفعلية ؟

   وعلى الأوّل تدل على جواز الوطء والطواف من غير غسل ، لحلية الصلاة ومشروعيتها في حق المستحاضة من غير حاجة إلى غسلها ، لأنّ الغسل ممّا لا يتوقف عليه أمرها وتكليفها بالصلاة ، وإنما له مدخلية في صحة صلاتها ، وبعبارة اُخرى الغسل ليس من شروط أمرها بالصلاة وتكليفها بها ، وإنما هو شرط من شروط المأمور به أعني الصلاة .

   وعلى الثاني تدلّ على عدم جواز وطئها وطوافها إلاّ بعد الغسل ، لأن حلية الصلاة فعلاً تتوقف على غسلها ولولا اغتسالها لم تصح صلاتها .

   والظاهر هو الأوّل ، لأنها بصدد بيان أن المستحاضة حكمها حكم باقي المكلفين الذين يشرع في حقهم الصلاة ، وهي ممن من شأنه أن تصح صلاتها ، وليست بصدد بيان أن حكمها يتوقف على صحة صلاتها فعلاً، وإلاّ فلصحتها وحليتها الفعلية شروط اُخرى لا يحتمل دخلها في جواز وطئها أو طوافها كدخول الوقت وطهارة ثوبها وبدنها مع أنه لا يحتمل أن يكون طوافها أو وطؤها مشروطاً بدخول الوقت أو طهارة الثوب والبدن ، وكذلك الوضوء الذي هو شرط في صلاة المستحاضة أي في بعض أقسامها مع أنه غير معتبر في جواز وطئها قطعاً ، فلا يكاد يشك في أن المراد بالحلية هو الحلية الشأنية وأنها مأمورة بالصلاة ، لا الحلية الفعلية أعني صحة صلاتها فعلاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 375 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 8 .

(2) الحدائق 3 : 293 / في الاستحاضة .

ــ[139]ــ

وأمّا المسّ فيتوقّف على الوضوء والغسل ، ويكفيه الغسل للصّلاة (1) ، نعم إذا أرادت التكرار يجب تكرار الوضوء والغسل على الأحوط ، بل الأحوط ترك المسّ لها مطلقاً .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ما هو الشرط لطواف المستحاضة

   بقي الكلام في أن الطواف يشترط فيه الطهارة وأن طهارة المستحاضة في الطواف هل هي الوضوء فقط أو الغسل فقط أو الغسل والوضوء معاً  ؟

   ربما يستشعر من عبارة الماتن (قدس سره) أن طهارتها هي الغسل للطواف، ولكن الصحيح أن المستحاضة يكفيها الوضوء للطواف ولا يعتبر الاغتسال في حقها ، لأن الأخبار دلّت على أن وظيفة المستحاضة هي الغسل مرة واحدة أو ثلاث مرّات ، فلا دليل على وجوب غسل آخر في حقها ولا على مشروعيته .

   بل إن مقتضى الأخبار الواردة في اشتراط الطواف بالوضوء إلاّ في الطواف المندوب(1) عدم صحته ممّن لا وضوء له ، نعم علمنا خارجاً أن الجنب ونظيره من المكلفين بالاغتسال يكفيهم الغسل عن الوضوء ، وأمّا المستحاضة فلم يدلّنا دليل على أن غسلها الواحد أو أغسالها كافية عن الوضوء ، لأن غاية ما تدلّ عليه الأخبار أن غسل المستحاضة الواحد أو المكرّر ممّا تستبيح به الصلاة ، وأمّا أنه كغيره من الأغسال في الاغناء عن الوضوء فهو محتاج إلى دليل .

   وعليه فمقتضى إطلاق ما دلّ على اشتراط الطواف بالوضوء لزوم التوضؤ للمستحاضة إذا أرادت الطواف ، فحال الطواف حال الصلاة في حقها ، فكما أنها تتوضأ لكل صلاة من غير الفرائض الخمسة فكذا تتوضأ للطواف أيضاً .

    ما هو الشرط للمسّ من المستحاضة

   (1) هذه هي الجهة الرابعة من الكلام ، وحاصله أن المسّ قد يكون واجباً وقد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 374 ، 376 / أبواب الطواف ب 38 ح 2 ، 3 ، 7 ، 8 ، 9 .

ــ[140]ــ

يكون مندوباً ، كما تعرّضنا له في المستحاضة القليلة وأوضحنا حكم الواجب(1) وبقي حكم المندوب منه ، ويظهر إن شاء الله أن حكم المسّ المندوب في الاستحاضة القليلة وغيرها على حد سواء .

   أمّا المسّ الواجب كما إذا كان المصحف في مكان موجب لهتكه فيجب مسه لرفعه عن ذلك المكان ، فمقتضى الأدلّة التي دلت على اشتراط المسّ بالطهارة  ـ والعمدة فيه قوله تعالى (لا يمسَّهُ إلاّ المُطَهَّرُون )(2) بضميمة ما ورد في تفسيرها (3) ، لأنها بنفسها لا تدلّ على ذلك ، لأنه من المحتمل بل الظاهر من (المُطَهَّرُون ) هو مَن طهّرهم الله سبحانه كما في قوله تعالى (وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيرا )(4) ، والمراد بالمس فهم الكتاب ودرك حقائقه دون المسّ الظاهري لكتابته ، إلاّ أن الرواية فسّرتها بالمس الظاهري ، وأيضاً دلّت عليه صحيحة أو موثقة أبي بصير قال «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عمّن قرأ في المصحف وهو على غير وضوء (طهر) ، قال : لا بأس ولا يمس الكتاب»(5)  ـ عدم جواز المسّ للمستحاضة وغيرها ممّن لا طهارة له ، ومقتضى دليل وجوب المسّ وجوبها على المستحاضة، والجمع بينهما يقتضي الحكم بوجوب الوضوء والمسّ على المستحاضة إذا لم يكن بقاء المصحف في مدة التوضؤ مستلزماً للهتك ، وإلاّ فتمسه من دون وضوء .

   وأمّا المسّ المندوب فمقتضى أدلّة اشتراط المسّ بالطـهارة عدم جوازه على المستحاضة كما عرفت ، ولا دليل على كفاية وضوئها أو غسلها في الطهارة بالاضافة إلى المسّ المستحب ، ومن هنا لا بد من أن تتوضأ للصلاة الاُخرى أو تغتسل لها كما في الكثيرة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع ص 131 .

(2) الواقعة 56 : 79 .

(3) الوسائل 1 : 384 ، 385 / أبواب الوضوء ب 12 ح 3 ، 5 .

(4) الأحزاب 33 : 33 .

(5) الوسائل 1 : 383 / أبواب الوضوء ب 12 ح 1 .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net