مسّ الميت الّذي يمّم بدل الغُسل - حكم مسّ الميت الكافر - حكم مسّ السقط 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8123


ــ[210]ــ

لكن الأحوط عدم الاكتفاء بهما  (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) إذا لم يوجد الماء أو لم يتمكّن من تغسيل الميِّت به فيمم فهل يجب غسل مسّ الميِّت على من مسّه بعد التيمم أو لا يجب ؟

   الظاهر هو الوجوب ، وهذا لا لما قد ينافش به في بدلية التيمم عن الغسل في المقام بأن غاية ما ثبت من الأخبار الواردة في البدلية إنّما هو بدلية التراب عن الماء ، لقوله (عليه السلام) ربّ التراب أو الصعيد وربّ الماء واحد(1) وأمّا بدليته عن السدر والكافور فلم تثبت بدليل ، وقد عرفت أنّ الميِّت يجب تغسيله بالماء القراح وبالسدر والكافور .

   وقد يجاب عن هذه المناقشة بأن الواجب هو الغسل بالماء ، وكونه بالسدر والكافور من الشرائط ، ومن ثمة يشترط في الخليط أن لا يكون كثيراً على نحو يخرج الماء عن الاطلاق ، فالواجب هو الغسل بالماء المطلق وإن كان له شروط نظير شرائط الغسل والوضوء .

   وفيه : أنّ المستفاد من الروايات إنّما هو بدلية التراب عن طبيعي الماء ، وأمّا بدليته عن الحصّة منه وهو الماء المشروط بكونه مخلوطاً بالسدر أو الكافور فلم يقم عليها دليل .

   نعم ، الماء في الأغسال الثلاثة لا بدّ أن يكون ماء مطلقاً كما اُفيد إلاّ أنّ المأمور به بالأخرة هو الحصّة الخاصّة منه مع بقائه على إطلاقه ، والأدلّة دلّت على أنّ التيمم أو التراب إنّما هو بدل عن طبيعي الماء ، ولم يقم على بدليته عن الحصّة الخاصّة منه دليل .

   والصحيح في الجواب عن هذه المناقشة أن يقال إنّ الأخبار الواردة في البدلية غير مختصّة بما دلّ على تنزيل التراب منزلة الماء ، فإن قوله (عليه السلام) «التيمم أحد الطهورين»(2) مطلق ، لاطلاق الطهور الثاني ، فهو يعم طبيعي الماء والحصّة الخاصّة منه كما في المقام ، ومقتضاه قيام التيمم مقام التغسيل بالسدر والكافور أيضاً ، لدلالته

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 370 /  أبواب التيمم ب 14 ح 13 ، 15 ، 344 /  ب 3 ح 2 ، 4 وغيرها .

(2) الوسائل 3 : 385 /  أبواب التيمم ب 23 خصوصاً ح 5 .

ــ[211]ــ

على أ نّه يقوم مقام مطلق الطهور .

   هذا على أنّا لو سلمنا أنّ الأدلّة دلّت على تنزيل التراب منزلة الماء أيضاً لا مانع من شمولها للمقام ، لأنّ التيمم حينئذ بناءً على مشروعية الأغسال الثلاثة بالماء القراح وعدم انتقال الأمر إلى التيمم بدل عن الماء المطلق وطبيعي الماء ، لا أ نّه بدل عن الحصّة الخاصّة ، فالتيمم بدل عن الأغسال الثلاثة بالماء القراح الّتي هي بدل عن الغسل بالسدر والكافور ، فلا إشكال من هذه الجهة .

   وعلى الجملة لا إشكال في شمول أدلّة البدلية للمقام لاطلاقها .

   وأمّا الاستدلال على بدلية التيمم عن غسل الميِّت برواية عمرو بن خالد «في ميت مجدور كيف يصنع بغسله ؟ قال (عليه السلام) : ييمم» (1) ، بدعوى دلالتها على أن من لم يمكن تغسيله يكفي التيمم في حقّه .

   فيندفع بأنّ الرواية ضعيفة السند ، لوجود عدّة مجاهيل في السند .

   ودعوى انجبار ضعفها بعمل الأصحاب لأ نّهم أخذوا التمثيل بالمجدور في كلماتهم فيظن أ نّهم أخذوا الحكم من تلك الرواية كما عن المحقق الهمداني(2) (قدس سره) .

   مندفعة بأن ذلك لا دلالة له على استنادهم إلى الرواية ، ومن ثمة لم يخصصوا الحكم بالمجدور ، بل ذهبوا إلى كفاية التيمم في مطلق من لم يمكن تغسيله ، وذكروا المجدور من باب المثال ولعدم التمكّن من غسله بالماء لتناثر لحمه بإصابته ، مع أنّ الرواية مختصّة بالمجدور .

   على أن كبرى الانجبار بعمل المشهور غير ثابتة كما ذكرنا في محلِّه(3) ، فالصحيح في الاستدلال هو التمسُّك بإطلاق أدلّة البدلية كما تقدّم .

   بل الوجه في المنع عن كفاية التيمم عن وجوب غسل المسّ هو أنّ الأدلّة الواردة في بدلية التيمم عن الماء إنّما تدل على أ نّه طهور في حقّ المتيمم وأ نّه متطهر كالمتطهر بالماء ولكنّه في هذه الحـال ، وأمّا الشـخص الآخر وأن حكم مسّه حكم المسّ بعد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 513 /  أبواب غسل الميِّت ب 16 ح 3 .

(2) مصباح الفقيه (الطّهارة) : 385  السطر 6 .

(3) مصباح الاُصول  2 : 201 .

ــ[212]ــ

ولا فرق في الميِّت بين المسلم والكافر (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التغسيل فهو محتاج إلى الدليل، أي محتاج إلى عناية زائدة في الكلام ولا يمكن استفادته من بدلية التيمم عن الغسل بالاضافة إلى المحدث والميِّت .

   وهذا نظير ما إذا كان بدن الميِّت متنجساً ثمّ ييمم ، فإن أدلّة البدلية لا تدلّ على أن مسّه بالرطوبة غير موجب للتنجس ، لأ نّه كمس بدنه بعد التغسيل ، ولعلّه ظاهر .

    التسوية بين أقسام الميِّت

   (1) لأنّ الأخبار الواردة في المقام الدالّة على أن من غسل الميِّت يجب عليه الاغتسال وإن لم تشمل الكافر لاختصاصها بمن يجب غسله بعد موته ، والكافر لا يغسل ولا دليل على مشروعيته في حقّه ، إلاّ أن من الأخبار ما يشمل المقام .

   كصحيحة محمّد بن مسلم الدالّة على أن من غمض عيني الميِّت يغتسل(1) ، فإن غمض العين لا يختص بالمسلم ويشمل الكافر أيضاً .

   وكذا صحيحة إسماعيل بن جابر الدالّة على أن مسّ الميِّت بعد برده موجب للاغتسال (2) ، لاطلاقها وعدم اختصاصها بالمسلم وإن كان موردها هو المسلم ، وكذا غيرهما ممّا دلّ على وجوب الغسل بتقبيل الميِّت (3) ، فإنّها مطلقة تعم الكافر لا محالة .

   وأمّا الأخبار الاُخرى فغايتها أنّها لا تدل على وجوب الغسل بمسّ الكافر الميِّت لا أنّها تدل على عدم الوجوب .

   وأمّا ما حكي عن العلاّمة (قدس سره) من أن مسّ الكافر كمس ميتة البهيمة (4) .

   ففيه : أ نّه يشبه كلام العامة لأ نّه قياس ، فإن عدم وجوب الاغتسال من مسّ البهيمة لا يستلزم عدم وجوبه في مسّ ميت الانسان ، وهما أمران أحدهما غير الآخر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 289 /  أبواب غسل المسّ ب 1 ح 1 .

(2) الوسائل 3 : 290 /  أبواب غسل المسّ ب 1 ح 2 .

(3) الوسائل 3 : 293 /  أبواب غسل المسّ ب 1 ح 15 .

(4) حكاه عنه في المستمسك 3 : 470 /  في غسل المسّ وراجع المنتهى 2 : 458 /  في غسل المسّ . (لكنّه ليس فيه هذا التعليل) .

ــ[213]ــ

والكبير والصغير (1) حتّى السقط (2) إذا تمّ له أربعة أشهر ، بل الأحوط الغسل بمسّه ولو قبل تمام أربعة أشهر أيضاً وإن كان الأقوى عدمه .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وإن كان الكفار كالبهائم حقيقة بل هم أضل سبيلاً ، إلاّ أن حكمهما مختلف ، ومن ثمة يجوز وطء الكافرة دون البهيمة .

   مضافاً إلى أ نّه اجتهاد في قبال النص ، لدلالة الأخبار المتقدمة بإطلاقها على وجوب الغسل بمس ميت الكافر أيضاً ، ودلالتها على عدم وجوب الغسل بمس الميِّت الحيواني كما تقدم ، فالقياس مع الفارق .

   (1) لاطلاق الأخبار ، فإنّ الموضوع لوجوب غسل المسّ إنّما هو مسّ الميِّت الانساني بلا فرق في ذلك بين الصغير والكبير .

   (2) أي إذا ولجته الروح ، وذلك لصدق الميِّت الانساني عليه ، وهو ظاهر .

   وإنّما الكلام في السقط الّذي لم تتم له أربعة أشهر ، أي قبل ولوج الروح فيه ، هل يوجب مسّه الغسل أو لا يوجبه ؟

   فيه خلاف بين الأعلام ، والصحيح عدم وجوب الغسل بمسّه ، لأنّ الموضوع كما مرّ هو مسّ الميِّت الانساني ، وإنّما يصدق الميِّت فيما إذا سبقته الروح والحياة ، فالمراد به خصوص الميِّت بعد الحياة لا مطلق ما لا روح فيه ، فلا يصدق الميِّت على السقط قبل ولوج الروح فيه .

   ويؤيّده ما رواه الصدوق في العلل عن ابن شاذان وعن محمّد بن سنان عن الرضا (عليه السلام) «إنّما اُمر من يغسل الميِّت بالغسل لعلّة الطهارة ممّا أصابه من نضح الميِّت ، لأنّ الميِّت إذا خرج منه الروح بقي منه أكثر آفته» (1) .

   لدلالته على أنّ الميِّت الّذي يجب الغسل بمسّه هو الميِّت الّذي له روح تخرج منه دون الميِّت الّذي لا روح له من الابتداء .

   نعم ، يبقى الكـلام في أ نّه إذا لم تصدق الميتة أو الميِّت على ما لا روح فيه من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 292 /  أبواب غسل المسّ ب 1 ح 11 ، 12 .  علل الشرائع : 268 / 9 .

ــ[214]ــ

الابتداء ، فبأي وجه تحكمون على السقط بالنجاسة حينئذ ، لعدم كونه ميتة على الفرض ، مع أن نجاسته ممّا لا خلاف فيه .

   إلاّ أنّا قدّمنا في مبحث النجاسات(1) أن موضوع الحكم بالنجاسة لا يختص بالميتة لأنّ الجيفة أيضاً نجسة ، فالموضوع أعم من الميتة ، لما في بعض الأخبار من النهي عن التوضؤ بالماء الّذي تغيرت ريحه بريح الجيف (2) . ولا إشكال في أنّ السقط قبل ولوج الروح فيه يصدق عليه الجيفة ، بل هو من أظهر مصاديقها ، فهو نجس من هذه الجهة .

   وأمّا الاستدلال على نجاسته بأ نّه من القطعات المبانة من الحي والقطعة المبانة بحكم الميتة ونجسة ،

   فمندفع بأنّ الظاهر من القطعة المبانة كون الشيء المبان قبل أن يبان جزءاً من الحيوان ، ومن الظاهر أنّ السقط والولد ليسا جزءاً من الاُم ، لأن حالهما حال البيضة في بطن الدجاجة ، فالبطن وعاء للسقط ليس هو جزءاً من بدن الاُم ، فلا يصدق عليه عنوان القطعة المبانة من الحي .

   على أ نّه لو كان من القطعات المبانة من الحي لزم الالتزام بوجوب غسل المسّ بمسّه بناءً على ما هو المشهور من أنّ القطعة المبانة من الحي إذا كانت مشتملة على العظم وجب الغسل بمسّه، والسقط قبل تمام أربعة أشهر مشتمل على العظم، والمفروض أنّا لا نلتزم بوجوب الغسل بمسّه .

   ويؤيّد ما ذكرناه اتفاقهم على نجاسة الجنين كما تقدم ، لأ نّه يؤكّد كون الموضوع في الحكم بالنجاسة أعم من الميتة كما مرّ .

   وأمّا ما استدلّ به المحقق الهمداني(3) (قدس سره) على نجاسة السقط حينئذ بالأخبار الدالّة على أن ذكاة الجنين ذكاة اُمّه(4) ، بتقريب أنّها تدل على أنّ الجنين قابل للتذكية وأ نّه مذكّى عند تذكية اُمّه ، فإذا لم تقع عليه التذكية ولم يذك اُمّه فهو ميتة ، إذ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في شرح العروة 2 : 460 .

(2) الوسائل 1 : 137 /  أبواب الماء المطلق ب 3 .

(3) مصباح الفقيه (الطّهارة) : 538  السطر 27 .

(4) الوسائل 24 : 33 /  أبواب الذبائح ب 18 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net