ما يجب فعله عند ظهور علامات الموت - أقسام الحقوق في الذمّة وطريق الخروج عن عهدتها 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5903


ــ[257]ــ

   [ 841 ] مسألة 1 : يجب عند ظهور ((1)) أمارات الموت أداء حقوق الناس الواجبة ورد الودائع والأمانات الّتي عنده مع الامـكان والوصيّة بها مع عدمه مع الاستحكام على وجه لا يعتريها الخلل بعد موته (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وأكمل مراتب التوبة ما ذكره أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة من أن للتوبة مراتب ستّة ، منها وهو خامسها : أن تعمد إلى اللّحم الّذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان والطاعة (2) إلاّ أنّه غير واجب ولا يعتبر في التوبة بوجه ، إذ قد يتوب العبد ويرجع ويندم ويعزم على عدم العود فيدركه الموت بعدها بزمان قليل قبل أن يذوب عنه لحمه .

    الواجبات لدى ظهور علائم الموت

   أقسام الحقوق في الذمّة

   (1) الحقوق الثابتة على ذمّة المكلّف قد تكون واجبة الأداء فعلاً وبالفور كالأموال المغصوبة والمقبوضة بالبيع الفاسد الّذي هو بحكم الغصب ، والديون الّتي يطالب بها مالكها ، أو الّتي حلّت لانتهاء مدّتها أو حصول شرطها كالمهور الثابتة على الذمم المقيّد أداؤها بالقدرة والاستطاعة .

   وهذه الحقوق لا بدّ من ردّها إلى مالكها ، ولا يجوز فيها الايصاء لوجوب ردّها فوراً ، سواء في ذلك ظهور أمارات الموت وعدمه ، لأ نّه تكليف فعلي منجّز لا بدّ من امتثاله بردّها إلى أهلها ولو مع القطع بالحياة ، للأمر بذلك شرعاً ، فالايصاء غير جائز حينئذ لعدم كونه امتثالاً فورياً للأمر بالرد أعني الواجب الفعلي المنجّز .

   وقد لا تكون الحقوق واجبة الأداء بالفعل كالودائع والأمانات ـ  لرضا مالكها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل عند عدم الاطمئنان بالبقاء أيضاً .

(2) الوسائل 16 : 77 /  أبواب جهاد النفس ب 87 ح 4 ، نهج البلاغة : 549 / 417 ، ولكن ليس فيه «والطّاعة» .

ــ[258]ــ

بالبقاء عنده  ـ الّتي علم من حال مالكها أو احتمل عدم رضاه بايداعها عند شخص آخر ، وفي هذه الصورة يجوز له إبقاؤها عنده مادام حياً ، وإذا ظهرت أمارات الموت أو احتمله في نفسه وجب أن يردها إلى مالكها بالمباشرة ، للأمر بذلك في قوله تعالى (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا ا لاَْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )(1) ولا يجوز فيها الايصاء أي ردّها بالتسبيب ، لفرض عدم رضى مالكها بالإيداع عند غيره فيتعين ردّها بالمباشرة ، لأ نّه تكليف فعلي منجز لا بدّ من إحراز الخروج عن عهدته ولا يكون ذلك إلاّ بردّها حال الحياة .

   وثالثة : لا يكون المال واجب الرد فوراً ولا من قبيل الودائع الّتي لا يرضى مالكها بايداعها عند شخص آخر كاللقطة ومجهول المالك والودائع الّتي يرضى مالكها بايداعها عند شخص آخر ، وفي هذه الصورة لا بدّ للمكلّف من أحد أمرين : إمّا أن يوصلها بنفسه إلى مالكها ، أو يوصي بها بالاشهاد والاستحكام حتّى تصل إلى مالكها بعد موته ، أو يودعه عند من يثق به أو يدفعه للحاكم الشرعي ، ولا يتعيّن عليه أداؤها بنفسه لعدم وجوبه عليه على الفرض .

   والدليل على وجوب الرد والايصاء في تلك الموارد هو : أن وجوب ردّ المال إلى مالكه والودائع إلى أهلها حكم فعلي منجّز في حقّه ، ولا بدّ له من الخروج عن عهدة هذا التكليف المنجّز ، وهو لا يتحقق إلاّ بإيصـالها بنفسه إلى مالكها ـ كما في بعض الصور ـ  وبالأعم منه ومن الايصاء كما في بعض الموارد الاُخرى .

   وقد ظهر ممّا ذكرناه أنّ الحكم غير مختص بما إذا ظهرت له أمارات الموت ـ كما هو صريح كلام الماتن (قدس سره) ـ بل الرد الواجب فعلي في بعض الصـور ولو كان قاطعاً بالحياة، وبمجرّد الشك في الموت في بعض الصور الاُخرى وإن لم تظهر له أمارات الموت ، وذلك لأنّ التكليف المنجّز الفعلي لا بدّ من إحراز الخروج عن عهدته ولا يمكن إحرازه إلاّ بالرد أو الايصاء .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النِّساء 4 : 58 .

ــ[259]ــ

   [ 842 ] مسألة 2 : إذا كان عليه الواجبات الّتي لا تقبل النيابة حال الحياة كالصلاة والصوم والحج ((1)) ونحوها ، وجب الوصية بها إذا كان له مال ، بل مطلقاً إذا احتمل وجود متبرع ، وفيما على الولي كالصلاة والصوم الّتي فاتته لعذر يجب إعلامه أو الوصية باستئجارها أيضاً  (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   واستصحاب بقاء الحياة لا أثر له في ذلك كما ذكرناه في الواجبات الموسعة أداءً أو قضاءً ، لأن تنجز التكليف يقتضي إحراز الخروج عن عهدته ، فبمجرد الشك في الموت يجب عليه الامتثال ، بمعنى أ نّه إذا لم يقطع أو لم يطمئن ببقاء حياته إلى آخر الوقت واحتمل موته قبل ذلك وجب أن يأتي به فعلاً ، لتنجز التكليف في حقّه ، وهو يستلزم عقلاً إحراز الامتثال ولا يحرز إلاّ باتيانه بالفعل ، ولا أثر شرعي لاستصحاب بقاء حياته حينئذ ، هذا في الحقوق المالية .

    الواجبات الّتي لا تقبل النيابة حال الحياة

   (1) هذا في الحقوق الإلهيّة ، إذا كانت على ذمّته واجبات من صوم وصلاة وحج ونحوها فان جازت الاستنابة فيها حال حياته كمن لا يتمكّن من الحج بنفسه لمرض أو هرم وجب ، لتنجز التكليف بالأداء والاستنابة وفاءً له .

   وإذا لم يجز له الاستنابة فيها حال حياته كما إذا ترك الحج عن عمد واختيار ، أو أنّ الوقت لم يكن موسم الحج وهو يحتمل موته ، أو ظهرت له أماراته أو غير ذلك من الفروض ، وجب الايصاء بها إذا كان له مال يوفى به دينه من الصلاة والصيام والحج وغير ذلك ، وذلك في الصورتين لما قدمناه من أنّ التكليف المنجز الفعلي بأداء الدين وإفراغ الذمّة عن الواجبات يستدعي إحراز الخروج عن عهدته بالمباشرة أو التسبيب ، وهو لا يكون إلاّ بالاستنابة فيما أمكنت ، وبالايصاء عند عدم امكان

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا إذا كان قبل أشهر الحج ، وأمّا إذا كان فيها فيجب عليه الاستنابة إذا كان عالماً باستمرار عذره إلى الموت .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net