أدلّة عدم مطهّريّة المضاف من الحدث 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7201


   عدم مطهريّة المضاف من الحدث

   (1) الكلام في ذلك يقع في مسألتين :

   المسألة الاُولى : في أن المضاف يرفع الحدث أو لا يرفعه حتى في حالة الاضطرار ؟ المشهور عدم كفاية المضاف في رفع الحدث ولو اضطراراً ، خلافاً لما حكي عن الصدوق (طاب ثراه) من جواز الوضوء والغسل بماء الورد (1) ، وقد استدلّوا على ذلك بوجوه :

   الأول : دعوى الاجماع على عدم كفاية المضاف في الوضوء والغسل . وأمّا ما ذهب إليه الصدوق (قدس سره) فقد ردّوه بأ نّه مسبوق وملحوق بالاجماع على خلافه . ويدفعها ما ذكرناه غير مرة من أن الاجماع في أمثال المقام مما لا يمكن الاعتماد عليه لأ نّا نعلم أو نظن ولا أقل من أنا نحتمل استناد المجمعين في ذلك إلى أحد الأدلة المذكورة في المقام ، ومعه كيف يكون إجماعهم تعبدياً وكاشفاً عن قول المعصوم (عليه السلام) .

   الثاني : ما صرّح به في الفقه الرضوي (2) من عدم جواز رفع الحدث بالمضاف . وفيه : أن كتاب الفقه الرضوي على ما ذكرناه غير مرة أشبه بكتب الفتوى ، ولم يثبت كونه رواية فضلاً عن اعتباره .

   الثالث : أن المضاف أيضاً لو كان كالمطلق من مصاديق الطهور للزم على الله سبحانه أن يأتي في الآية المتقدمة بما هو أعم من الماء ليشمله ويشمل المضاف لأ نّه في مقام الامتنان ، وحيث إنه تعالى خصّ الطهور بالماء فمنه يعلم أن المضاف ليس بطهور وإلاّ لم يكن لتركه في مقام الامتنان وجه . والجواب عن ذلك :

   أوّلاً : أن الطهور في الآية لم يثبت كونه طهوراً شرعياً كما هو المطلوب ، وإنّما هو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المختلف 1 : 61 .

(2) فقه الرضا : 92 قال : وكل ماء مضاف أو مضاف إليه فلا يجوز التطهير به ويجوز شربه .

ــ[17]ــ

طهور تكويني مزيل للقذارات والأوساخ كما تقدّم ، والمضاف ليس له هذا المعنى بل هو بنفسه من الأوساخ كمائي الرمّان والبطّيخ ونحوهما ، ولذا لا بدّ من إزالتهما عن الثياب وغيرها إذا تلوّثت بأمثالهما من المياه المضافة .

   وثانياً : هب أ نّه بمعنى الطهور شرعاً ، ولكنه لا يستكشف من عدم ذكر المضاف في الآية المباركة أ نّه ليس من مصاديق الطهور ، إذ لعلّ عدم ذكره في الآية من أجل قلّة وجود المضاف ، كيف وهو لا يتحصل لأغلب الناس ليشربوه فضلاً عن أن يزيلوا به الأحداث فإنّه يحتاج إلى مؤونة زائدة ويسار .

   فالصحيح أن يستدل على عدم طهورية المضاف بقوله تعالى : (إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم ... فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيداً طيباً ) (1) حيث حصر سبحانه الطهور في الماء والتراب فلا طهور غيرهما ، بل ولا حاجة إلى الاستدلال بالآية المباركة في المقام ، لكفاية ما ورد في الروايات الدالّة على تعيّن الوضوء والغسل بالماء ووجوب التيمم على تقدير فقدانه في إثبات المرام ، ففي رواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «عن الرجل يكون معه اللّبن ، أيتوضّأ منه للصلاة ؟ قال : لا ، إنّما هو الماء والصعيد» (2) ونظيرها ما نقله عبدالله بن المغيرة عن بعض الصادقين قال : «إذا كان الرجل لا يقدر على الماء وهو يقدر على اللّبن» فلا يتوضّأ باللّبن، إنّما هو الماء أو التيمّم» (3) فإنّ اللّبن وإن كان من المائعات التي لا يطلق عليها الماء ولو على وجه المضاف وهو خارج عن محل الكلام ، إلاّ أنّ تعليله (عليه السلام) بقوله إنّما هو الماء والصعيد أو إنّما هو الماء أو التيمم يقتضي انحصار الطهور بهما كما لا يخفى .

    كشف اشتباه في كلمات الأصحاب

   لا يخفى أن الأصحاب (قدس الله أسرارهم) نقلوا الآية المتقدمة في مؤلفاتهم بلفظة «إن لم تجدوا» «فإن لم تجـدوا» وهو على خلاف لفظة الآية الموجودة في الكتاب ، بل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المائدة 5 : 6 .

(2) ، (3) الوسائل 1 : 201 / أبواب الماء المضاف ب 1 ح 1 ، 2 .

ــ[18]ــ

لا توجد هاتان اللفظتان في شيء من آيات الكتاب العزيز ، فإن ما وقفنا عليه في سورتي النساء(1) والمائدة(2) «فلم تجدوا» كما أن الموجود في سورة البقرة (ولم تجدوا كاتباً ... )(3)، فراجع .  وظنّي أنّ الاشتباه صدر من صاحب الحدائق (قدس سره)(4) وتبعه المتأخرون عنه في مؤلفاتهم اشتباهاً ولا غرو فإنّ العصمة لأهلها ، وكيف كان فما ذهب إليه المشهور هو الصحيح .

   وخالفهم في ذلك الصدوق (قدس سره) وذهب إلى جواز الوضوء والغسل بماء الورد (5) ، ووافقه على ذلك الكاشاني (6) (قدس سره) ونسب إلى ظاهر ابن أبي عقيل جواز التوضّؤ بالماء الذي سقط فيه شيء غير محرّم ولا نجس وغيّره في أحد أوصافه الثلاثة حتى اُضيف إليه ، مثل ماء الورد وماء الزعفران وغيرهما مما ورد في محكي كلامه إلاّ أ نّه قيّده بصورة الاضطرار (7) ولعلّه يرى مطهّرية المضاف مطلقاً ، وإنّما ذكر الاُمور المشار إليها في كلامه من باب المثال .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net