الغسل يومي العيدين - وقت غسل العيدين 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 22089


   الثالث : غسل يومي العيدين : الفطر والأضحى ، وهو من السنن المؤكدة حتى أنه ورد في بعض الأخبار : أنه لو نسي غسل يوم العيد حتى صلّى إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة ، وإن مضى الوقت فقد جازت صلاته . وفي خبر آخر : عن غسل الأضحى فقال (عليه السلام) : «واجب إلاّ بمنى» وهو منزل على تأكد الاستحباب لصراحة جملة من الأخبار في عدم وجوبه (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «اغتسل في ليلة أربعة وعشرين ... إلخ» وهو ظاهر في رجوع الضمير إلى حريز ، ثم بعد ذلك قال الصدوق ... رجع الحديث إلى محمد بن مسلم .

   وعلى الجملة : لا بدّ من الالتزام باستحباب الغسل في ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان أيضاً ، وهو يغني عن الوضوء على المختار .

   (1) لا إشكال في استحباب غسل العيدين . وتدل عليه موثقة سماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «وغسل يوم الفطر وغسل يوم الأضحى سنّة لا اُحب تركها» وغيرها من الأخبار (1) .

   وأمّا ما ورد فيما رواه علي بن يقطين قال : «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الغسل في الجمعة والأضحى والفطر ، قال : سنّة وليس بفريضة» (2) فلا دلالة فيه على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 303 / أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 3 وأكثر أخبار الباب ، 328 ب 15 .

(2) الوسائل 3 : 329 / أبواب الأغسال المسنونة ب 16 ح 1 .

 
 

ــ[41]ــ

ووقته بعد الفجر (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاستحباب ، لأن السنّة فيها قبال الفريضة بمعنى ما أوجبه الله في كتابه ، فيكون مدلولها أن هذه الأغسال واجبة أوجبها النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نعم بقرينة الموثقة المتقدمة الدالّة على أنه سنّة لا يحب تركها لا بدّ من التصرف في صحيحة ابن يقطين بحمل السنّة على المستحب .

   وأمّا رواية القاسم بن الوليد قال : «سألته عن غسل الأضحى ، فقال : واجب إلاّ بمنى»(1) فهي ضعيفة السند بالقاسم بن الوليد . ولا دلالة فيها على الوجوب ، بل بقرينة الموثقة لا بدّ من حمل الوجوب فيها على معنى الثبوت الذي يجامع الاستحباب .

    مبدأ هذا الغسل

   (1) كما ورد في الفقه الرضوي(2) ورواية قرب الاسناد عن عبدالله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال : «سألته هل يجزئه أن يغتسل بعد طلوع الفجر ؟ هل يجزئه ذلك من غسل العيدين ؟ قال : إن اغتسل يوم الفطر والأضحى قبل الفجر لم يجزئه ، وإن اغتسل بعد طلوع الفجر أجزأه»(3) .

   إلاّ أنهما غير قابلتين للاعتماد عليهما . أما الاُولى فظاهر ، وأما الثانية فلوجود عبدالله ابن الحسن في سندها وهو غير موثق على ما ذكرناه مراراً . نعم لا إشكال في عدم صحّة الغسل قبل طلوع الفجر ، إذ لم يدل دليل على مشروعيته ليلة العيدين ، كما أن المعروف بينهم جوازه بعد طلوع الفجر .

   والأولى الاستدلال عليه بأن الأخبار الواردة في غسل العيدين مشتملة على لفظة اليوم وهو في قبال الليل ، فتدل على مشروعيته في يومهما دون ليلتهما ، نعم يرد على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 330 /  أبواب الأغسال المسنونة ب 16 ح 4 .

(2) المستدرك 2 : 512 /  أبواب الأغسال المسنونة ب 11 ح 1 ، فقه الرضا : 131 . وفي ذيله ما يدل على إجزاء الغسل بعد زوال الليل أيضاً .

(3) الوسائل 3 : 330 / أبواب الأغسال المسنونة ب 17 ح 1 ، قرب الاسناد : 181 / 669 .

ــ[42]ــ

إلى الزوال ويحتمل إلى الغروب ، والأولى عدم نية الورود إذا أتى به بعد الزوال ، كما أن الأولى إتيانه قبل صلاة العيد لتكون مع الغسل (1) . ويستحب في غسل عيد الفطر أن يكون في نهر ، ومع عدمه أن يباشر بنفسه الاستقاء بتخشع وأن يغتسل تحت الظلال أو تحت حائط ويبالغ في التستر ، وأن يقول عند إرادته : «اللّهمّ إيماناً بك وتصديقاً بكتابك واتباع سنّة نبيك» ، ثم يقول : «بسم الله»

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاستدلال المذكور أن اليوم يصدق بعد طلوع الشمس ولايصدق على ما بين الطلوعين لأنه إمّا ملحق بالليل وإما أنه خارج عن اليوم والليل ، فلا يكون ذلك مدركاً لما ذهب إليه المعروف من جوازه بعد طلوع الفجر .

   والصحيح أن يستدل على مشروعيته فيما بين الطلوعين بصحيحة زرارة المشتملة على أن المكلف لو اغتسل بعد طلوع الفجر للجمعة وعرفة والزيارة والنحر أجزأه ذلك وأنه إذا اجتمعت عليه حقوق كثيرة واغتسل غسلاً واحداً أجزأه عن الجميع(1) فانها مصرحة بكفاية الغسل بعد طلوع الفجر، فان غسل النحر هو غسل يوم الأضحى وحيث إنه لا تفصيل بين عيدي الأضحى والفطر فيحكم بذلك على أن مبدأ الغسل في العيدين هو طلوع الفجر .

    منتهى زمان الغسل

   (1) وقع الكلام في منتهى زمان الغسل وأنه هل يمتد إلى الغروب أو إلى الزوال أو ينتهي وقته بانتهاء الصلاة ؟

   ذهب إلى كل واحد قائل . وقد استدل للأخير بموثقة عمار قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل ينسى أن يغتسل يوم العيد حتى يصلِّي ، قال : إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة ، وإن مضى الوقت فقد جازت صلاته» (2) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 339 /  أبواب الأغسال المسـنونة ب 31 ح 1 ، وتقدّم أيضاً عن 2 : 261 / أبواب الجنابة ب 43 ح 1 .

(2) الوسائل 3 : 330 / أبواب الأغسال المسنونة ب 16 ح 3 .

ــ[43]ــ

ويغتسل ، ويقول بعد الغسل : «اللّهمّ اجعله كفارة لذنوبي وطهوراً لديني ، اللّهمّ أذهب عنّي الدنس» ، والأولى إعمال الآداب في غسل يوم الأضحى أيضاً لكن لا بقصد الورود لاختصاص النص بالفطر ، وكذا يستحب الغسل في ليلة الفطر (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وفيه : أنها إنما دلت على أنه لو لم يغتسل فصلى والوقت قد مضى صحت صلاته وجازت ، ولا دلالة فيها على أنه لا يغتسل . على أن الرواية لا بدّ من حملها على استحباب كون الغسل قبل الصلاة لا أن وقته ينقضي بانقضاء الصلاة ، لأن أخباره مطلقة تعم من يصلِّي العيدين ومن لا يصليهما فكيف يكون وقت غسلهما منقضياً بانتهاء الصلاة .

   وقد ذهب صاحب الجواهر (قدس سره) (1) إلى امتداد وقت الغسل إلى الزوال ولا ينتهي بانقضاء الصلاة ، واستدل عليه بصحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «الغسل من الجنابة ويوم الجمعة ويوم الفطر ويوم الأضحى ويوم عرفة عند زوال الشمس ...» (2) لدلالتها على أن وقت الغسل في الموارد المذكورة في الصحيحة إنما هو عند الزوال ، وحيث إن الصلاة قبل الزوال فتدل على أن وقت غسل العيدين لا ينقضي بانقضاء الصلاة بل يمتد إلى الزوال .

   ويرد عليه : أن قوله (عليه السلام) : «عند زوال الشمس» قيد لخصوص غسل يوم عرفة ولا يرجع إلى جميع الأغسال المتقدمة ، إذ منها غسل الجنابة وليس وقته محدوداً إلى الزوال . فالصحيح أن وقت غسل العيدين ممتد إلى الغروب لإطلاق الروايات الواردة في استحباب الغسل يومهما ، واليوم يطلق على ما بين طلوع الشمس وغروبها .

   (1) ورد الأمر به في رواية القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : إن الناس يقولون : إن المغفرة تنزل على من صام شهر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 5 : 8 .

(2) الوسائل 3 : 306 / أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 10 .

ــ[44]ــ

ووقته من أوّلها إلى الفجر ، والأولى إتيانه أوّل اللّيل ، وفي بعض الأخبار : «إذا غربت الشمس فاغتسـل» والأولى إتيانه ليلة الأضـحى أيضاً لا بقصد الورود لاختصاص النص بليلة الفطر .

   الرابع : غسل يوم التروية ، وهو الثامن من ذي الحجة ، ووقته تمام اليوم (1) .

   الخامس : غسل يوم عرفة (2) وهو أيضاً ممتد إلى الغروب ، والأولى عند الزوال منه ، ولا فرق فيه بين من كان في عرفات أو سائر البلدان .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رمضان ليلة القدر ، فقال : يا حسن إن القاريجار يعطى اُجرته عند فراغه وذلك ليلة العيد ، قلت : جعلت فداك فما ينبغي لنا أن نعمل فيها ؟ فقال : إذا غربت الشمس فاغتسل»(1) .

   والرواية ضعيفة أيضاً لوجود القاسم بن يحيى وجده الحسن لعدم توثيقهما . إذن يبتني الحكم باستحباب الغسل في ليلة الفطر على التسامح في أدلّة السنن وهو مما لا نقول به .

   (1) على ما دلّت عليه الأخبار المعتبرة. منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال : «الغسل في سبعة عشر موطناً ... ويوم التروية...» (2) .

   ومنها : صحيحته الاُخرى عن أبي جعفر (عليه السلام) المروية في الخصال (3) .

   ومنها غير ذلك من الأخبار(4) . ومقتضى إطلاق تلك الصحاح هو ثبوت الاستحباب في كل جزء جزء من أجزاء يوم التروية من دون اختصاصه بوقت دون وقت .

   (2) وقد استفاضت الأخبار به ومنها الصحيحتان المتقدمتان(5) وغيرهما (6) من الأخبار ، ومقتضى إطلاقها عدم اختصاصه بجزء معين من يوم عرفة وثبوته في كل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 328 / أبواب الأغسال المسنونة ب 15 ح 1 . والحسن بن راشد موجود في أسناد تفسير القمي (رحمه الله) .

(2) ، (3) ، (4) الوسائل 3 : 307 / أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 11 ، 5 ، 4 .

(5) ، (6) وهما الصحيحتان لمحمد بن مسلم وغيرهما من أخبار الباب .

ــ[45]ــ

   السادس : غسل أيام من رجب ((1)) (1) وهي أوّله ووسطه وآخره

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جزء من أجزائه .

   لكن المنسوب إلى والد الصدوق علي بن بابويه (قدس سره) اختصاصه بما قبل زوال الشمس(2) ، ولعله لصحيحة عبدالله بن سنان المتقدمة التي ورد فيها : «الغسل من الجنابة ... ويوم عرفة عند زوال الشمس ...» (3) .

   إلاّ أن المستحبات لما لم يلتزم فيها بالتقييد بل يبقى المطلق فيها على إطلاقه ويحمل المقيد على أفضل أفراده فلا موجب لتخصيص الاستحباب بما قبل الزوال في محل الكلام .

   (1) بل عد الغسل في النصف من رجب من المندوب بلا خلاف . وعن بعضهم أن الشهرة فيه كادت تكون إجماعاً بين الأصحاب ، وعن العلاّمة(4) والصيمري(5) أن به رواية أيضاً ، وعن ابن طاووس في الإقبال : وجدنا في كتب العبادات عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال : «من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوّله ووسطه وآخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته اُمّه»(6) .

   إلاّ أن شيئاً من ذلك لا يصلح للاستدلال به على الاستحباب . أمّا دعوى الشهرة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأظهر عدم ثبوت استحباب الغسل في هذه الأيام ، نعم لا بأس بالإتيان بها رجاء ، وكذا لم يثبت استحباب الغسل في يوم الغدير والنصف من شعبان واليوم السابع عشر من ربيع الأوّل إلى آخر ما ذكر في هذا الفصل .

(2) فقه الرضا : 223 .

(3) الوسائل 3 : 306 / أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 10 .

(4) نهاية الإحكام  1 : 177 .

(5) كشف الالتباس  1 : 341 .

(6) الوسائل 3 : 334 / أبواب الأغسال المسنونة ب22 ح1 . الإقبال: 62. وقد رواها الراوندي في كتابه النوادر ، وروى في لب اللباب مضمونها ، ولكن الإشكال في سندهما أيضاً . المستدرك 2 : 517 / أبواب الأغسال المسنونة ب 16 ح 1 ، 2 .

ــ[46]ــ

ويوم السابع والعشرين منه وهو يوم المبعث (1) . ووقتها من الفجر إلى الغروب وعن الكفعمي والمجلسي اسـتحبابه في ليلة المبعث أيضاً ، ولا بأس به لا بقصـد الورود .
ــــــــــــــــــــــــــــ

وعدم الخلاف فلعدم كونهما حجة قابلة للاستدلال بهما حتى لو كان المدعى هو الإجماع ، وذلك لعدم كونه إجماعاً تعبدياً كاشفاً عن قول المعصوم (عليه السلام) فضلاً عما لو كانت الدعوى عدم الخلاف ، لأنه غير دعوى الإجماع .

   وأمّا الرواية المدعاة فلم تصل إلينا حتى نشاهدها ونرى سندها معتبراً أو غير معتبر فلا يمكن الاعتماد على مثله بوجه .

   وأمّا ما رواه ابن طاووس فهي كالرواية المدعاة في المقام غير معلومة الحال من حيث السند ، ولعلّها رواية نبوية ضعيفة .

   (1) والأمر فيه كغسل نصفه وأوّله وآخره ، حيث لم ترد رواية معتبرة تدل على استحبابه ، نعم ادعي عدم الخلاف فيه ، بل عن الغنية الإجماع عليه(1) ، ويظهر من العلاّمة(2) والصيمري(3) نسبته إلى الرواية ، وقد اتضح الجواب عنها فلا نعيد . ويأتي في التعليقة الآتية استدلال آخر على استحباب الغسل يوم المبعث والجواب عنه إن شاء الله .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net