الثالث : الخوف من استعمال الماء على نفسه أو أحد أعضائه 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5948


ــ[111]ــ

كما أنه لو أمكنه اقتراض نفس الماء أو عوضه مع العلم أو الظن بعدم إمكان الوفاء لم يجب
ذلك(1).

   [ 1075 ] مسألة 17 : لو أمكنه حفر البئر بلا حرج (2) وجب ، كما أنه لو وهبه غيره بلا منة ولا ذلة وجب القبول (3) .

   الثالث : الخوف من استعماله على نفسه أو عضو من أعضائه بتلف أو عيب أو حدوث مرض أو شدّته أو طول مدّته أو بطء برئه أو صعوبة علاجه أو نحو ذلك مما يعسر تحمله عادة (4)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لحاجاته فعلاً لكنه سيحتاج إليه في الشتاء مثلاً فانه لا يجب عليه بذله لشراء الماء لوقوعه في الحرج مستقبلاً في الشتاء .

   (1) لأن الاقتراض وإن لم يشترط فيه التمكن من الأداء إلاّ أنه بعد الاقتراض مطالب بالأداء ، فلو لم يؤدِّ حق الدائن وصرفه في شراء ماء الوضوء عُدّ هذا إذهاباً وإتلافاً لحق الناس وهو غير جائز .

   (2) كما يتفق في بعض القرى والبلدان ، وذلك لأن الماء موجود تحت الأرض وهو متمكن من الوصول إليه فيجب الحفر لصدق تمكنه من الماء .

   (3) بل يجب الاستيهاب ، لأنه مثل قبول الهبة وصلة إلى الماء وهو متمكن منها فيجبان ، نعم لو كان فيهما ـ قبول الهبة أو الاستيهاب ـ منّة وصعوبة عليه لا يجبان لأنه عسر في حقه .

    الثالث من مسوغات التيمّم

   (4) ويدل على ذلك قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر .... فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّـمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) (1) لما قدمناه من أن المسافر قد يكون فاقداً للماء حقيقة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النساء 4 : 43 .

ــ[112]ــ

وواقعاً إلاّ أن المريض غالباً ما يكون واجداً للماء حقيقة لكنه لا يتمكّن من استعماله .

   فالمراد من عدم الوجدان هو عدم التمكّن من استعماله لكونه موجباً لشدّة المرض أو بطئه أو صعوبة علاجه أو غير ذلك من الاُمور علماً أو احتمالاً ، إذ لو كان استعماله لا  يؤثر في اللاحق وجب أن يتوضأ لعدم كونه مضراً في حقه . إذن المدار في وجوب التيمّم هو احتمال كون الماء مضراً وموجباً لشدة المرض أو لغيرها ، ولا فرق بين سبق المرض وعدمه ، فالمدار على احتمال الضرر .

   ويدل عليه الأخبار الواردة في المجذوم والكسير والقريح الدالّة على أنهم يتيممون(1) ، إذ لا وجه له سوى احتمالهم كون الماء مؤثراً في الجذام أو الكسر أو القرحة في اللاّحق . وفي بعض الأخبار(2) أنه لو خاف على نفسه البرد تيمم ، فتدلنا هذه الأخبار على الانتقال إلى التيمّم عند احتمال الضرر بلا فرق بين سبق المرض ولحوقه .

   كما يمكن الاستدلال عليه بأدلة نفي الحرج ، لأن إلزام المكلف بالوضوء أو الغسل مع احتمال كونه مضرّاً بحاله ـ  كما لو استلزم العمى فيما لو توضأ أو اغتسل من بعينه الرمد  ـ  موجب للعسر والحرج ، وهما منفيان في الشريعة المقدسة .

   نعم لا مجال للاستدلال عليه بحديث لا ضرر(3) بل الاستدلال به من عجائب الكلام ، وذلك لأنه لا علم بالضرر في موارد الخوف ، وكلامنا في مسـوغية الخوف نعم الضرر محتمل عند الخوف وليس بمعلوم ، ومع عدم إحراز الضرر كيف يتمسك بحديث لا ضرر ، فانّه من التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية من طرف العام ولا يقول به أحد ، وإنما يرى جوازه من ذهب إليه في الشبهة المصداقية من طرف المخصص ، بل مقتضى الاستصحاب عدم تحقق الضرر .

   نعم لا بأس بإستدلال المحقق الهمداني (قدس سره) في المقام بما دلّ على نفي العسر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 346 / أبواب التيمّم ب 5 .

(2) الوسائل 3 : 348 / أبواب التيمّم ب 5 ح 7 ، 8 .

(3) الوسائل 18 : 32 / أبواب الخيار ب 17 .

ــ[113]ــ

بل لو خاف من الشـين (1) الذي يكون تحمله شاقاً (2) تيمم ، والمراد به ما يعلو البشرة من الخشونة المشوهة للخلقة أو الموجبة لتشقق الجلد وخروج الدم . ويكفي الظن بالمذكورات أو الاحتمال الموجب للخوف (3) سواء حصل له من نفسه أو قول طبيب أو غيره وإن كان فاسقاً أو كافراً (4) ولا يكفي الاحتمال المجرّد عن الخوف(5) كما  أنه  لا يكفي  الضرر  اليسير  الذي  لايعتني  به العقلاء(6) وإذا  أمكن علاج المذكورات بتسخين الماء وجب ولم ينتقل إلى التيمّم (7) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والحرج(1) كما تقدّم .

   (1) وهو المعبر عنه بالسوداء ونحوه .

   (2) حرجياً إما من جهة التطهير والوضوء أو لأجل كونه في الوجه واليدين وتشويه الخلقة فيما يظهر للناس مما يصعب تحمّله ، وهو أمر حرجي .

   وأما إذا لم يكن تحمله حرجياً كما لو كان على بدنه فيما لا يراه الناس ولا يحتاج إلى تطهيره في اليوم خمس أو ثلاث مرات فلا ينتقل الأمر إلى التيمّم ، لأنه ليس مرضاً وهو متمكن من استعمال الماء بلا موجب للخوف من ضرر الماء فلا يشمله شيء من الأدلّة .

   (3) أعني الاحتمال العقلائي .

   (4) إذ لا تعتبر العدالة في الطبيب وغيره ، بل المدار على حصول الخوف من قوله .

   (5) إذ مع عدم الخوف لا يندرج الاحتمال المجرد تحت شيء من الأدلة المتقدمة .

   (6) كما إذا استلزم الوضوء الاستبراد دقيقة واحدة مع ارتفاعه بعدها ، وذلك لعدم كونه ضرراً عند العقلاء فلا يشمله شيء من الأدلة المتقدمة .

   (7) لأن الواجب هو الوضوء بطبيعي الماء ، والمدار على التمكن من استعمال الطبيعي والمفروض تحققه في المقام ، فانه بتسخين الماء يتمكن من الوضوء والغسل ومعه لا ينتقل الأمر إلى التيمّم .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه (الطهارة) : 458  السطر 16 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net