الخامس : الخوف على نفسه أو غيره من العطش لو توضأ به 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6280


ــ[131]ــ

   الخامس : الخوف من استعمال الماء((1)) (1) على نفسه أو أولاده وعياله أو بعض متعلقيه أو صديقه فعلاً أو بعد ذلك من التلف بالعطش أو حدوث مرض بل أو حرج أو مشقة لا تتحمل . ولا يعتبر العلم بذلك بل ولا الظن ، بل يكفي احتمال يوجب الخوف حتى إذا كان موهـوماً ، فانه قد يحصل الخوف مع الوهم إذا  كان المطلب عظيماً فيتيمم حينئذ ، وكذا إذا خاف على دوابه أو على نفس محترمة وإن لم تكن مرتبطة به

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   على أنّ ذلك يمكن استفادته من الأدلة الأولية وإن لم تكن رواية في البين ، وذلك لدلالة الأدلة على أنه «لا صلاة إلاّ بطهور» وأن الطهارة معتبرة في الصلاة ، فاذا فرضنا أن الطهارة المائية ليست واجبة على المكلف لدليل نفي الحرج أو غيره يتعين عليه إما الصلاة بلا طهور أو الصلاة بالتراب ، وحيث لا سبيل إلى الأوّل لأن الصلاة لا تترك بحال فيجب أن يصلِّي مع التيمّم لا محالة ، لانحصار الطهور بالماء والصعيد ، فاذا لم يجب الأوّل يتعين وجوب الثاني . مع أن دلالة الأخبار واضحة كما عرفت .

    الخوف من استعمال الماء

   (1) الفرق بين هذا المسوغ والمسوغ الثالث ـ الخوف من استعمال الماء على نفسه أو عضو من أعضائه بتلف أو عيب ... ـ هو أن الضرر أو الحرج في المسوغ الثالث يترتب على استعمال الماء بالتوضي أو الاغتسال به ، وفي المسوغ الخامس يترتب الضرر على عطشه أو عطش من يهمه أمره، هذا العطش مسبب من عدم استبقائه الماء ومن استعماله في الوضوء أو الغسل ، ولا ضرر في استعمال الماء في الوضوء والغسل ولا حرج أصلاً.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الخوف المسوغ للتيمم إنما يتحقق في موارد : الأوّل : أن يخاف من صرف الماء في الطهارة على نفسه فعلاً أو فيما بعد من عطش مؤد إلى التلف أو المرض أو الحرج . الثاني : أن يخاف على غيره من التلف أو ما دونه مع فرض وجوب حفظه عليه . الثالث : أن يخاف من العطش على غيره ممن يهمه أمره على نحو يقع في الضرر أو الحرج ، وفي غير ذلك لا يجوز له حفظ الماء بل يجب صرفه في الطهارة ، وبذلك يظهر الحال في الفروع المذكورة في المتن .

ــ[132]ــ

   ولا فرق في المسوغ الخامس بين الخوف من استعمال الماء على عطش نفسه أو أولاده أو غيرهم ، فعلاً أو يخاف عليهم بعد ذلك .

   والدليل على مسوغيته للتيمم مطابقته للقاعدة العامة ودلالة النصوص عليه .

   أمّا من حيث القاعدة فلأن ما يحتمله من التلف بالعطش أو حدوث المرض أو غيرهما إن كان راجعاً إلى نفسه فتشمله قاعدتا نفي الضرر والحرج ، لأنه ضرر أو حرج يترتب على الوضوء أو الغسل لا مباشرة بل مع الواسطة ، ولا فرق في شمولهما للضرر مع الواسطة وله مباشرة وبلا واسطة .

   وأمّا إذا كان الضرر أو الحرج راجعاً إلى غيره ممن يهمه أمره ويقع في حرج ومشقة بسبب ما يناله من عدم استبقاء الماء كولده وزوجته ونحوهما فمقتضى قاعدة نفي الحرج عدم وجوب الوضوء أو الغسل ، لأن فيهما مشقة وحرجاً عليه . وهذا لا يختص بالولد والزوجة ونحوهما بل يعم الضيف الوارد عليه فيما إذا احتمل عطشه في الأثناء على تقدير استعماله الماء في طهوره ، فان بقاء ضيفه عطشاناً صعب وشاق عليه . فعدم وجوب الطهارة المائية في أمثال هذه الموارد على طبق القاعدة .

   وأمّا إذا كان ما يحتمله من الضرر والعطش راجعاً إلى غيره بأن احتمل تلفه عطشاً إذا صرف هو ماءه في طهوره فانه في مثل ذلك يتزاحم الأمر بالصلاة مع الطهارة المائية مع الأمر بحفظ النفس المحترمة ، وحيث إن الأمر الأوّل مشروط بالقدرة شرعاً وبالتمكن من استعمال الماء والأمر الثاني غير مشروط فيتقدم وجوب حفظ النفس على وجوب الطهارة المائية لأنه معجز مولوي عن الطهارة المائية ، والممتنع شرعاً مثل الممتنع عقلاً فلا يجب عليه الوضوء والغسل بالماء .

   وإن شئت قلت : إن الأمر بالصلاة مع الطهارة المائية له بدل ، والأمر بحفظ النفس المحترمة ليس له بدل ، وعند تزاحم مثلهما يتقدم ما ليس له بدل على ما له البدل فيجب التيمّم ، وكذلك إذا خاف التلف على نفسه .

   وأمّا في غير هذا المورد كما لو كان ما يحتمله من الضرر المسبب من العطش الراجع إلى الغير لا يبلغ حد التلف بل كان وضوء المكلف أو اغتساله به موجباً لوقوع بعض

ــ[133]ــ

من في القافلة مثلاً في المشقة والحرج فلا يجوز له ترك الطهارة المائية والانتقال إلى التيمّم ، هذا كله على ما تقتضيه القاعدة .

   وأمّا بحسب النصوص فهي مطابقة للقاعدة أيضاً :

   فمنها : صحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال : «في رجل أصابته جنابة في السفر وليس معه إلاّ ماء قليل ويخاف إن هو اغتسـل أن يعطش قال : إن خاف عطشاً فلا يهريق منه قطرة وليتيمم بالصعيد فان الصعيد أحب إليَّ»(1) .

   وهي من حيث السند صحيحة على طريق الشيخ وحسنة(2) على طريق الكليني(3) ومن حيث الدلالة ظاهرة لكنها مختصة بما إذا احتمل وخاف العطش على نفسه .

   ومنها : رواية محمد الحلبي قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : الجنب يكون معه الماء القليل فان هو اغتسل به خاف العطش أيغتسل به أو يتيمم ؟ فقال : بل يتيمم ، وكذلك إذا أراد الوضوء» (4) وهي من حيث الدلالة كسابقتها ، ومن حيث السند ضعيفة بمحمد بن سنان وإن عبر عنها في «الحدائق» بالصحيحة (5) .

   ومنها : رواية ابن أبي يعفور قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يجنب ومعه من الماء قدر ما يكفيه لشربه أيتيمم أو يتوضأ به ؟ قال : يتيمم أفضل ، ألا ترى أنه إنما جعل عليه نصف الطهور» (6) .

   وهي كسابقتها دلالة وسنداً ، لوقوع معلى بن محمد في سندها ، وهو لم يوثق ولم يمدح فهي ضعيفة، لا صحيحة ولا حسنة ولا موثقة وإن وصفها في الحدائق بالحسنة(7) ولكن لم يظهر لنا وجهه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 388 / أبواب التيمّم ب 25 ح 1 .

(2) التهذيب 1 : 404 / 1267 .

(3) الكافي 3 : 65 / 1 .

(4) الوسائل 3 : 388 / أبواب التيمّم ب 25 ح 2 . ولهذه الرواية طريق آخر صحيح وليس فيه محمد بن سنان فراجعه .

(5) ، (7) الحدائق 4 : 289 .

(6) الوسائل 3 : 389 / أبواب التيمّم ب 25 ح 4 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net