تيمم الجنب لدخول المسجد وأخذ الماء منه لو انحصر وجوده فيه 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4410


ــ[180]ــ

   [ 1093 ] مسألة 35: إذا  كان جنباً ولم يكن عنده ماء وكان موجوداً في المسجد فإن أمكنه أخذ الماء بالمرور وجب ولم ينتقل إلى التيمّم (1) ، وإن لم يكن له آنية لأخذ الماء أو كان عنده ولم يمكن أخذ الماء إلاّ بالمكث(2) فإن أمكنه الاغتسال فيه بالمرور وجب ذلك ، وإن لم يمكن ذلك أيضاً أو كان الماء في أحد المسجدين أي المسجد الحرام أو مسجد النّبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فالظاهر وجوب التيمّم لأجل الدخول في المسجد ((1)) وأخذ الماء أو الاغتسال فيه . وهذا التيمّم إنّما يبيح خصوص هذا الفعل(3) أي الدخول والأخذ أو الدخول والاغتسال ، ولا يرد الإشكال بأ نّه يلزم من صحّته بطلانه حيث إنّه يلزم منه كونه واجداً للماء فيبطل كما لا يخفى .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الظرف فيه وعدم كون التفريغ منه في إناء آخر استعمالاً له عرفاً لا مانع من الوضوء أو الغسل بمائهما بتفريغ مائهما في ظرف آخر ، لأ نّه استعمال مباح .

   وهذا بخلاف الآنية المغصوبة فانّ الوضوء أو الاغتسال من الماء الموجود فيها ولو بتفريغ مائها في ظرف ثان وعدم عده استعمالاً للمغصوب ، فهو ليس جائزاً لأ نّه تصرّف في مال الغير وهو حرام .

   (1) بناءً على ما اختاره في بحوث أحكام الجنابة من أنّ الجنب يجوز له أخذ الشيء من المساجد لا بناءً على ما اخترناه من حرمته(2) .

   (2) أو كان متمكّناً من الأخذ حال المرور إلاّ أ نّا بنينا على حرمة أخذ الجنب من المسجد شيئاً .

    مناقشة ودفع :

   (3) إشارة إلى دفع ما ربما يورد على ما ذكره من أنّ التيمّم إنّما يسوغ للفاقد فلو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدم أنّ الأظهر وجوب التيمّم للصلاة حينئذ ، ولا يسوغ به المكث في المسجد والدخول في المسجدين .

(2) شرح العروة 6 : 317 .

 
 

ــ[181]ــ

تيمّم للدخول وكان بسببه واجداً للماء فلا محالة يبطل تيممه فيلزم من صحّة التيمّم بطلانه .

   وتقريب دفعه : أ نّا قدمنا أنّ المسوغ للتيمم إنّما هو عدم التمكّن من استعمال الماء بالإضافة إلى الغاية المقصودة وإن كان المكلّف متمكّناً من استعماله بالإضافة إلى سائر الغايات ، ومن هنا جوّزنا التيمّم لضيق الوقت مع أنّ المكلّف حينئذ متمكّن من الاستعمال عقلاً وشرعاً لأجل بقية الغايات إلاّ أ نّه لم يكن متمكّناً منه بالإضافة إلى الصلاة، ولذا قلنا إنّ التيمّم لضيق الوقت لا يستباح به سوى الصلاة الّتي ضاق وقتها دون سائر الغايات لعدم تضيقها .

   وعليه ففي المقام لمّا كان المكلّف لا يتمكّن من استعمال الماء بالإضافة إلى الدخول ساغ التيمّم في حقّه لأجله وإن كان متمكّناً من استعماله لأجل سائر الاُمور .

   والحاصل : أنّ الجواز كان ثابتاً قبل التيمّم فهو لا يبيح إلاّ الدخول ولا مانع من صحّته ، لأ نّه فاقد بالإضافة إلى الدخول وإن كان واجداً بالإضافة إلى الصلاة وغيرها .

   وأمّا بالنسبة إلى الاغتسال فهو قد كان واجداً للماء قبل التيمّم وبعده لا أ نّه صار واجداً له بعد التيمّم ، لأنّ الوجدان ـ على ما فسّرناه ـ يعني التمكّن من استعمال الماء والمكلّف متمكّن وقادر على الاغتسال واستعمال الماء له بواسطة التمكّن على مقدّمته الّتي هي الدخول بالتيمّم ، والمقدور مع الواسطة مقدور ، وإنّما المقدّمة لها المدخلية في تحقق ذي المقدّمة ووجوده لا في القـدرة عليه على ما بيّناه في بحث مقدّمة الواجب(1) لأنّ المكلّف قادر على ذيها حتّى قبل الإتيان بمقدّمته ، نعم لولا المقدّمة لم يكن ذوها موجوداً لا أنّ المكلّف لم يكن قادراً عليه ، لأ نّه مقدور مع الواسطة وهو مقدور قبل الإتيان بالمقدمة وبعده .

   ومقامنا من هذا القبيل ، لأنّ المكلّف متمكّن من الاغتسال قبل التيمّم والدخول وبعدهما لقدرته على مقدّمته ، نعم لولا التيمّم والدخول لم يتحقق الاغتسال لا أنّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أشار إليه في محاضرات في اُصول الفقه 2 : 416 .

ــ[182]ــ

المكلّف لم يكن متمكّناً منه . إذن لا محذور في التيمّم لأجل الدخول ولا يستباح به سواه .

   فلا يرد الإشكال عليه بأنّ صحّة التيمّم تستلزم صدق الواجد عليه ومعه يبطل لأ نّه فاقد للماء بالنسبة إلى الدخول وليس بواجد له إلاّ (1) بعد تحقق الدخول ، نعم هو واجد للماء بالإضافة إلى غيره وهو لا يضر بصحّة التيمّم بالإضافة إلى الدخول، هذا .

   ولكن الصحيح ـ على ما بيّناه في أحكام الجنابة ـ عدم صحّة التيمّم للدخول، وذلك لأنّ التيمّم إنّما يسوغ لأجل وجوب الاغتسال من الجنابة ، إذ لولا وجوب الاغتسال منها لم يجز للمكلّف الدخول في المسجد ولا التيمّم لأجله ، فجواز التيمّم موقوف على وجوب الاغتسال ، فلو توقف وجوب الاغتسال على جواز التيمّم والدخول كما هو المفروض لدار(2) .

   إذن فالصحيح أ نّه فاقد للماء على وجه الإطلاق ووظيفته التيمّم ، فلو تيمّم ساغت له الغايات المترتبة على التيمّم مطلقاً كجواز المس وغيره دون الدخول ، لا أ نّه فاقد بالنسبة إلى خصوص الدخول ولا يباح له بالتيمّم إلاّ الدخول .

    استدراك :

   ذكرنا أنّ الجنب إذا لم يتمكّن من الاغتسال وكان الماء موجوداً في المسجد ـ بناءً على حرمة أخذ الجنب منه شيئاً ـ مع عدم تمكّنه من الاغتسال حال المرور أو فرضنا الكلام في المسجدين أو نحو ذلك من التقادير المذكورة في المتن لا يجوز له أن يتيمّم للدخول ، لاستلزامه الدور ، حيث إنّ جواز دخوله بالتيمّم متوقف على وجوب الاغتسال من الجنابة فلو توقف وجوب الاغتسال عليه على جواز الدخول لدار .

   بل المكلّف فاقد للماء ، لأنّ مقدمة اغتساله محرمة وهي دخوله المسجد جنباً والممنوع شرعاً كالممتنع عقلاً ، ولأجله يسوغ له أن يتيمّم ويباح له بتيممه الغايات المترتبة على التيمّم شرعاً كجواز مس كتابة القرآن والصلاة ونحوهما ، هذا .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لعلّ الصحيح : وليس بواجد له حتى ...

(2) شرح العروة 6 : 342 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net