وجوب التيمم قبل الوقت على الصائم ومن لا يتمكن منه بعد الدخول 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4293


ــ[317]ــ

 فصل

في أحكام التيمّم

    [ 1139 ] مسألة 1 : لا يجوز التيمّم للصـلاة قبل دخول وقتها (1) وإن كان بعنوان التهيؤ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحرمة وإن لم تكن متنجزة في موارد الجهل على المكلّف إلاّ أ نّها موجودة واقعاً وهو أمر مبغوض ، والحرمة الواقعية كافية في تخصيص دليل الوجوب ، لأنّ الحرام لا يعقل كونه مصداقاً للمأمور به .

   فالمقام من موارد النهي عن العبادة لاتحاد متعلق الأمر والنهي فيه ، وليس من موارد اجتماع الأمر والنهي الّتي يكون المأمور به فيها مغايراً للمنهي عنه إلاّ أنّ المكلّف لا يتمكّن من امتثالهما ، والفرق بين المقامين ظاهر ، فإذا ظهر أنّ الماء أو التراب لم يكن حلالاً بطل تيممه أو وضوءه ووجب عليه إعادة صلاته أو قضاؤها .

   نعم إذا كان ناسياً للغصبية صحّ وضوءه وغسله وتيممه ، لأنّ النسيان يرفع الحرمة والمبغوضية الواقعيّة ، ولكون العمل مع النسيان صادراً على وجه مباح ، وما يأتي به مع النسيان يقع مصداقاً للمأمور به من غير نقص ، إلاّ أن يكون الناسي هو الغاصب بعينه ، لأ نّه وإن كانت الحرمة مرتفعة عنه أيضاً إلاّ أ نّه يصدر العمل منه مبغوضاً ويعاقب عليه ، لأنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار .

 فصل في أحكام التيمّم

    (1) هذا هو المعروف عند الأصحاب . وتفصيل الكلام فيه :

   أ نّه قد يقع الكلام في من وجب عليه الغسل أو الوضوء قبل الوقت بسبب ونحو من الأنحاء من الالتزام بالواجب المعلّق أو غيره على ما أسلفناه في بحوث مقدّمة

ــ[318]ــ

الواحب والمقدّمات المفوتة(1) ، وذلك كالغسل ليلة شهر رمضان قبل الفجر لئلاّ يبقى على الجنابة عند طلوع الفجر ، فحيث إنّه لا يتمكّن من الطّهارة المائيّة جاز في حقّه التيمّم وإن كان قبل الوقت ، لعين ما دلّ على وجوب الطّهارة المائيّة في حقّه إمّا بالالتزام بالواجب المعلّق أو بغيره من الوجوه . وليس كلام المشهور في أنّ التيمّم لا يجوز قبل الوقت ناظراً إلى تلك الصورة ، أعني ما إذا وجبت عليه الطّهارة قبل الوقت .

   ومن هذه الكبرى ما إذا كان عند المكلّف ماء يفي بغسله أو وضوئه قبل الوقت إلاّ أ نّه لو لم يتوضأ أو يغتسل قبل الوقت وأراق الماء لم يتمكّن من الطّهارة المائيّة ولا الترابيّة بعد الوقت ، فانّه في هذه الصورة يجب عليه التوضؤ أو الاغتسال قبل الوقت . أو لو كان على طهارة وجب عليه إبقاؤها وحرم عليه نقضها بالحدث قبل الوقت لأ نّه لو لم يأت بهما قبل الوقت لفوّت الملاك الموجود في الصلاة بالاختيار ، لأ نّه لا صلاة إلاّ بطهور ، وتفويت الملاك قبيح عند العقل كقبح عصيان التكليف المحكّم .

   نعم لو كان على نحو لو فوّت الماء قبل الوقت لم يتمكّن من الوضوء أو الغسل بعد الوقت ولكنّه يتمكّن من الطّهارة الترابيّة لم يجب عليه الوضوء أو الاغتسال قبل الوقت ، كما أ نّه لو كان على طهارة جاز له أن ينقضها بالحدث قبل الوقت ، لأ نّه متمكّن من تحصيل الملاك الملزم في الصلاة بالتيمّم لأ نّه كالماء وقائم مقامه . فهذه المسألة أيضاً من صغريات تلك الكبرى .

   وكيف كان ، لا إشكال في وجوب التيمّم فيما إذا كانت الطّهارة واجبة على المكلّف قبل الوقت ، اللّهمّ إلاّ أن نقول إنّ التيمّم مبيح للصلاة لا أ نّه رافع للحدث فلا يجب التيمّم على المكلّف في المثال على هذا المبنى ، لأ نّه لا يرفع حدثه كي يكون متطهراً بسببه ويدرك الفجر متطهراً ، بل يبقى على الحدث بعد التيمّم وإنّما يباح له الدخول في الصلاة ، ولا دليل على أ نّه يباح بالتيمّم الصوم أيضاً ، فهو فاقد الطّهارة حينئذ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 2 : 355 ، وغيرها .

ــ[319]ــ

ومضطر في بقائه على الجنابة عند الفجر فلا تجب عليه الكفّارة لاضطراره .

   وهذا بخلاف ما إذا قلنا بأ نّه رافع للحدث فانّه واجب على المكلّف حينئذ ، لأ نّه مأمور بالطّهارة وترك البقاء على الجنابة عند طلوع الفجر ، فانّه لو بقي عليها بالاختيار لوجبت عليه كما هو محرر في محلِّه ، فيجب عليه أن يرفع حدثه بالتيمّم لعجزه عن الماء .

   ولعلّه إلى ذلك ينظر المانعون عن مشروعية التيمّم قبل دخول الوقت حتّى في مفروض المثال .

   بل يمكن أن يقال : إنّ التيمّم بناءً على أ نّه رافع للحدث لا يكون مشروعاً في المقام أيضاً ، لأ نّه ليس برافع للجنابة ، بل المتيمم جنب حقيقة وإنّما يرتفع بالتيمّم حدثه ومن هنا يجب عليه الاغتسال بعد تمكّنه من الماء ، والدليل دلّ على أنّ البقاء على الجنابة موجب لبطلان الصوم أو للكفارة ، والمتيمم جنب فهو ـ على كلا القولين ـ مضطر إلى البقاء على الجنابة فلا تجب الكفارة عليه ولا يشرع في حقّه التيمّم أيضاً .

   إلاّ أنّ الصحيح أ نّه ـ على القول بكونه رافعاً ـ لا شبهة في مشروعية التيمّم قبل الوقت في الصورة المذكورة ، وذلك لأن ظاهر الأدلّة أنّ الجنابة بما أ نّها حدث لا يجوز البقاء عليها ، وهي بهذا الوصف مانع عن الدخول في الصلاة أو غيرها لا بوصف كونها جنابة ، فإذا ارتفعت الجنابة بما أ نّها حدث صحّ صومه وجاز له كلّ ما هو جائز للمتطهر وغير المحدث ، والمفروض أنّ المكلّف محدث فيجب عليه التيمّم قبل الوقت لئلاّ يبقى على الحدث عند الفجر بالاختيار ، وإلاّ لوجبت عليه الكفارة وبطل صومه كما يأتي تفصيل هذا البحث عند التكلم في أنّ التيمّم رافع أو مبيح(1) .

   واُخرى يقع الكلام فيما إذا لم تجب الطّهارة قبل الوقت عليه وهو بحيث يحتمل تمكّنه من الماء بعد دخول الوقت وقبل أن ينقضي .

   وفي هذه الصورة إن قلنا بعدم جواز التيمّم أوّل الوقت لمن احتمل تمكّنه من الماء

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 397 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net