الثاني : وجدان الماء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4151


ــ[366]ــ

كما أ نّه ينتقض بوجدان الماء (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوضوء أو الغسل عليه ، وحيث إنّه لا يتمكّن من الماء فيجب عليه التيمّم ، ولا يمكنه الاكتفاء بتيممه السابق لانتقاضه بصدور الأسباب منه حسبما تقتضيه الأدلّة المذكورة .

   الثّالث :  صحيحة زرارة أو حسنته قال «قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : يصلِّي الرجل بوضوء واحد صلاة اللّيل والنهار كلّه ؟ قال : نعم ، ما لم يحدث ، قلت : ويصلِّي بتيمم واحد صلاة اللّيل والنهار ؟ قال : نعم ، ما لم يحدث أو يصب ماءً» (1) .

   وهي مرويّة بطريقين :

   أحدهما حسن بابن هاشم إن لم نقل بوثاقته .

   وثانيهما مشتمل على محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان . والظاهر أ نّها صحيحة ، لأن محمّد بن إسماعيل وإن كان في نفسه مردداً بين أشخاص إلاّ أنّ الظاهر أ نّه تلميذ الفضل الثقة ، وهو الّذي يروي عن شيخه الفضل بن شاذان كثيراً .

   وقد رواها الشيخ أيضاً بإسـناده عن الحسين بن سعيد عن حماد(2) ، وهو طريق صحيح وفيه غنى وكفاية سواء صحّ الطريق المتقدم أم لم يصح .

    بوجدان الماء ينتقض التيمّم

   (1) وليس هذا الحكم مستنداً إلى إطلاق أدلّة الطّهارة المائية وكونها مقدمة على استصحاب بقاء الطّهارة الترابية بعد الوجدان ، فان أدلّة الطّهارة المائية كالآية المباركة وغيرها ممّا دلّ على وجوب الوضوء أو الغسل للمتمكّن من الماء مختصّة بالمحدث وأ نّه إذا قام إلى الصلاة وجب عليه أن يتوضأ أو يغتسل ، فلا تكاد تشمل المتيمم لأ نّه متطهر حتّى بعد وجدان الماء .

   وذلك لإطلاق أدلّة طهورية التراب لغير المتمكّن من الماء(3) لدلالتها على أنّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 377 /  أبواب التيمّم ب 19 ح 1 .

(2) التهذيب 1 : 200 / 580 ، الاستبصار 1 : 164 / 570 .

(3) الوسائل 3 : 385 /  أبواب التيمّم ب 23 ، ب 14 ح 15 وغيره .

ــ[367]ــ

التيمّم طهور وأ نّه أحد الطهورين ، ومقتضى إطلاقها كونه طهوراً حتّى بعد وجدان الماء ، لعدم كونها مغياة بالوجدان .

   وإطلاق أدلّة الطهوريّة(1) وارد على إطلاق أدلّة الطّهارة المائية ، لكونها موجبة لخروج المتيمم عن موضوعها ـ وهو المحدث ـ بالوجدان، فلو كنّا نحن وهذه المطلقات لقلنا ببقاء الطّهارة الترابية بعد وجدان الماء وعدم انتقاضها به ، كما التزمنا والتزم المشهور بذلك في المتوضي مع الجبيرة ، حيث ذكروا أ نّه لو ارتفع عذره بعد الوضوء وتمكّن من الوضوء الصحيح لم ينتقض وضوءه ، وذلك لإطلاق ما دلّ على طهورية الوضوء مع الجبيرة لذوي الأعذار (2) فانّه وارد على إطلاق ما دلّ على وجوب الطّهارة المائية لأنّ الموضوع فيها هو المحدث .

   والمقام وتلك المسألة من واد واحد ، فانّ المكلّف في كلا المقامين غير متمكّن من الماء لأ نّه معذور ، فلا وجه لدعوى شمول إطلاق أدلّة الطّهارة المائية للمتيمم وكونها مقتضية لوجوب الوضوء أو الغسل في حقّه وعدم جريان استصحاب بقاء الطّهارة الترابية بعد الوجدان ، لأنّ الإطلاق دليل اجتهادي يتقدم على الأصل .

   بل الوجه في ذلك هو الأخبار المتضافرة الّتي أكثرها صحاح ، وقد دلّت على أن وجدان الماء ناقض للتيمم ، وهي على طوائف :

   منها :  ما ورد في خصوص الوضوء وأنّ المتيمم بدلاً عنه إذا وجد الماء توضأ، مثل حسنة زرارة أو صحيحته المتقدمة عن أحدهما (عليهما السلام) قال : «إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب مادام في الوقت ، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت ، فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه وليتوضأ لما يستقبل» (3) .

   ومنها :  ما ورد في التيمّم بدلاً عن الغسل وأ نّه إذا وجد ماءً انتقض تيممه ، وذلك مثل صحيحة عبيدالله بن علي الحلبي «أ نّه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي طهوريّة التراب .

(2) الوسائل 1 : 463 /  أبواب الوضوء ب 39 .

(3) الوسائل 3 : 366 /  أبواب التيمّم ب 14 ح 3 .

ــ[368]ــ

إذا أجنب ولم يجد الماء ، قال : يتيمّم بالصعيد ، فإذا وجد الماء فليغتسل ولا يعيد الصلاة» (1) ونظيرها صحيحة أو حسنة اُخرى له (2) فليراجع .

   ومنها :  ما هو مطلق يعم التيمّم بدلاً عن الوضوء وما هو بدل عن الغسل كما في صحيحة زرارة أو حسنته المتقدمة «قلت : ويصلِّي بتيمم واحد صلاة اللّيل والنهار ؟ قال : نعم ، ما لم يحدث أو يصب ماءً ...» (3) .

   ومنها :  ما هو مصرح بالإطلاق وذلك كما في صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال «قلت له : كيف التيمّم ؟ قال : هو ضرب واحد للوضوء والغسل من الجنابة... ومتى أصبت الماء فعليك الغسل إن كنت جنباً والوضوء إن لم تكن جنباً»(4) .

   إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة (5) الدالّة على ذلك ، واقتصرنا على الأخبار المتقدمة من باب المثال .

   ويترتب على ذلك أنّ المتيمم إذا وجد الماء ولم يتوضأ أو يغتسل حتّى طرأ عليه العجز عن استعماله الماء ثانياً وجب عليه أن يتيمّم ثانياً ، وليس له الاكتفاء بتيممه السابق لانتقاضه بالوجدان .

   وهذا ـ مضافاً إلى أ نّه أمر على طبق القاعدة ـ منصوص ، فقد ورد في ذيل الصحيحة أو الحسنة المتقدمة(6) عن زرارة : «قلت : فان أصاب الماء ورجا أن يقدر على ماء آخر وظنّ أ نّه يقدر عليه كلّما أراد فعسر ذلك عليه ؟ قال : ينقض ذلك تيممه وعليه أن يعيد التيمّم» .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 366 /  أبواب التيمم ب 14 ح 1 .

(2) الوسائل 3 : 367 /  أبواب التيمّم ب 14 ح 4 .

(3) الوسائل 3 : 377 /  أبواب التيمّم ب 19 ح 1 .

(4) الوسائل 3 : 361 /  أبواب التيمّم ب 12 ح 4 .

(5) الوسائل 3 : 377 /  أبواب التيمّم ب 19 ، 20 ، 21 وغيرها .

(6) في التعليقة رقم (3) .

ــ[369]ــ

أو زوال العذر (1) ولا يجب عليه إعادة ما صلاّه كما مرّ (2) وإن زال العذر((1)) في الوقت ، والأحوط الإعادة حينئذ بل والقضاء أيضاً في الصور الخمسة المتقدمة .
ــــــــــــــــــــــــ

   انتقاض التيمّم بزوال العذر

   (1) للأخبار المتقدمة الدالّة على بقاء الطّهارة الترابية ما لم يحدث أو يصب ماءً (2) فان إصابة الماء الّتي جعلت غاية رافعة للطهارة الترابية إنّما هي نقيض قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً )(3) المفسّر بعدم التمكّن من الاستعمال .

   إذن فالمراد بالإصابة هو التمكّن من استعمال الماء ، فإذا تمكّن من استعماله بارتفاع عذره بطل تيممه .

   (2) كما تقدّم قريبا .
ــــــــــــــ

(1) مرّ حكم ذلك [ في المسألة 1146 ] .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net