انكشاف اشتباه القبلة أثناء الصلاة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4465


ــ[51]ــ

   ولو كان في الأثناء مضى ما تقدم واستقام في الباقي (1) من غير فرق بين بقاء الوقت وعدمه ، لكن الأحوط الإعادة في غير المخطئ في اجتهاده مطلقاً .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المستفيضة . فالقول بوجوب القضاء ساقط جداً .

   (1) على المشهور ، بل لا خلاف كما نص عليه جماعة ، فلا فرق في الحكم المزبور بين أبعاض الصلاة وجملتها .

   ويشهد له صريحاً موثق عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «في رجل صلّى على غير القبلة فيعلم وهو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته ، قال : إن كان متوجهاً فيما بين المشرق والمغرب فليحوّل وجهه إلى القبلة ساعة يعلم وإن كان متوجهاً إلى دبر القبلة فليقطع الصلاة ثم يحوّل وجهه إلى القبلة ثم يفتتح الصلاة»(1) ودلالته على انسحاب الحكم المزبور إلى الأثناء ظاهرة .

   نعم ، قد يتوهم منافاته لخبر القاسم بن الوليد قال : «سألته عن رجل تبيّن له وهو في الصلاة أنّه على غير القبلة ، قال : يستقبلها إذا ثبت ذلك ، وإن كان فرغ منها فلا يعيدها»(2) حيث دلّ باطلاقه على البطلان واستقبال الصلاة عند الانحراف .

   وفيه : مضافاً إلى ضعف سنده بقاسم بن الوليد ، فانّه مهمل في كتب الرجال ، أنّ المنافاة مبنيّة على ارجاع الضمير في «يستقبلها» إلى الصلاة ، أي يستفتح الصلاة إلى القبلة ويستأنفها فيدل حينئذ على البطلان ، لكنّه خلاف الظاهر ، بل مقتضى عود الضمير إلى الأقرب إرجاعه إلى القبلة ، أي يتوجه حينئذ إلى القبلة ويتم الصلاة ، فيوافق الموثق حينئذ ، غايته تقييد الإطلاق بما إذا كان الانحراف ما بين المشرق والمغرب بقرينة التصريح به في الموثق . فالخبر لولا ضعف سنده معاضد للموثق لا معارض له كما لا يخفى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 315 / أبواب القبلة ب 10 ح 4 .

(2) الوسائل 4 : 314 / أبواب القبلة ب 10 ح 3 .

ــ[52]ــ

   ثم إنّه لو التفت في الأثناء إلى استدباره أو انحرافه إلى نقطتي المشرق والمغرب لا إشكال حينئذ في البطلان ولزوم استئناف الصلاة ـ بمقتضى الموثق المتقدم ـ مع سعة الوقت لذلك ، وأما لو لم يسع للإعادة كما لو التفت إلى استدباره وهو في التشهد الأخير من صلاة العصر مثلاً ، وكان الوقت ضيقاً بحيث لو أراد الاستئناف لم يدرك الوقت حتى بمقدار ركعة فهل الصلاة حينئذ محكومة بالصحة فيتمها مستقبلاً ، أو أنها باطلة فيقضيها خارج الوقت ؟ وجهان بل قولان ، اختار أولهما المحقق الهمداني (قدس سره)(1) وجماعة ، بل ذكر (قدس سره) أنّه لو لم يتمكن من الاستقامة ورعاية الاستقبال في بقية الصلاة لمانع خارجي فاضطر إلى إيقا ع الصلاة بتمامها مستدبراً صحت ، وسقط اشتراط الاستقبال ، فضلاً عن مثل المقام الذي يتمكن فيه من رعايته في بقية الأجزاء فيستعدل ويتم مستقبلاً .

   وأفاد (قدس سره) في وجهه أنّ الأمر حينئذ دائر بين رعاية الوقت أو الاستقبال ، ولا ريب أنّ الأول أولى ، لما ثبت أنّ الصلاة لا تسقط بحال ، فيتعين عليه إتمام الصلاة تحفّظاً على الوقت ، ولا يسوغ له القطع والقضاء خارجه لإدراك القبلة ، لتقدم الأول على الثاني لدى المزاحمة .

   وبالجملة : اشتراط الاستقبال مختص بحال التمكن ، فما صدر منه قبل استبانة الخطأ قد وقع صحيحاً ، لكونه معذوراً حال الفعل من رعاية الاستقبال عذراً مستوعباً لتمام الوقت ، لأجل عدم تمكنه من إعادته أداءً على الفرض ، وأمّا بعد الاستبانة فتجب الاستقامة مع التمكن وتصحّ الصلاة ، لعدم الإخلال بالشرط حينئذ في شيء من الأجزاء .

   وأمّا موثّق عمّار المتضمّن لإطلاق الأمر بالقطع فهو منصرف أو مصروف عن مثل الفرض ، جمعاً بين الأدلّة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه (الصلاة) : 114 السطر 29 .

ــ[53]ــ

   لكن الظاهر هو الوجه الثاني فيحكم بالبطلان ووجوب القضاء ، ولا يتم شيء مما اُفيد ، فانّ موثق عمار المتضمن للأمر بالقطع الراجع إلى فساد الأجزاء السابقة وعدم صلاحيتها لانضمام اللاحقة بها غير قاصر الشمول للفرض ، ولا نعرف وجهاً للانصراف أو الصرف ، فانّه قد تضمّن حكمين(1) : وجوب القطع ولزوم التوجه إلى القبلة وافتتاح الصلاة . والحكم الثاني وإن سلّم انصرافه عن مثل المقام ، لكن لا مقتضي لرفع اليد عن إطلاق الأول كما لا يخفى . وبمقتضاه يحكم بالفساد كما عرفت .

   واشتراط الاستقبال وإن كان مختصاً بحال التمكن ـ كما ذكر ـ لكنّه متمكن منه عند الشروع في الصلاة على الفرض ، غايته أنّه غفل أو أخطأ فاستدبر بزعم القبلة ، ولا دليل على تحقق العذر المسقط للتكليف بمثل ذلك ما لم يستوعب الوقت ، أي تستمر هذه الحالة إلى آخر الوقت بحيث يكون الانكشاف خارجه ، فانّ هذا هو الذي يسقط معه الاشتراط بمقتضى الأخبار(2) وهو منفي في مفروض البحث لكون الانكشاف قبل خروج الوقت .

   وعليه فما صدر عنه قبل استبانة الخطأ غير محكوم بالصحة واقعا ، ولا يجزئ عن الواجب بعدما عرفت من بقاء الأمر بالاستقبال وعدم عروض المسقط له .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لعل المنساق من الموثقة انّ الحكمين مترابطان فلا يحكم بالقطع إلا في مورد محكوم فيه بالافتتاح ، وبما أنّ الظاهر من افتتاح الصلاة بقاء الوقت وافتتاحها أداءً المتعذر في المقام  حسب الفرض فلا جرم كانت الموثقة منصرفة عنه .

(2) الوارد في تلك الأخبار التي منها صحيحة عبدالرحمن الآتية في التعليق الآتي هكذا «وأنت في وقت فأعد وإن فاتك الوقت فلا تعد» وظاهر المقابلة أنّ المراد بفوات الوقت ما يقابل بقاءه الذي حكم فيه بالإعادة، وبما أنّ المراد بالبقاء وجود وقت قابل للإعادة
   وصالح للأمر بها فيه فلا جرم يراد بالفوات فوات وقت الإعادة لا لزوم كون الانكشاف خارج الوقت، وعليه فلا قصور في شمولها للمقام.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net