حكم الصلاة لو اُعتقت الأمة أثناء الصلاة مع علمها به 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4530


ــ[111]ــ

مطلقا (1) ولو اُعتقت في أثناء الصلاة وعلمت به ولم يتخلل بين عتقها وستر رأسها زمان صحت صلاتها (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المكاتبة إذا اشترط عليها مولاها . . .»الخ(1) فانّ مفهومها أنّ المكاتبة المطلقة عليها القناع وإن أصبحت حرة بمقدار ما أدّت من مال الكتابة وصارت مبعّضة .

   نعم ، قد قيّد الحكم فيما رواه الصدوق باسناده عن يونس بن يعقوب بالحرة قال (عليه السلام) : « . . . ولا يصلح للحرة إذا حاضت إلا الخمار»(2) ولا يقدح اشتمال الطريق على الحكم بن مسكين ، فانّه ثقة عندنا لوجوده في أسناد كامل الزيارات(3) .

   فقد يقال بأنّها تستوجب تقييد المطلقات وحملها على الحرة فلا دليل إذن في المبعّضة ، ومعه يرجع إلى الأصل .

   ويندفع بابتنائه على ثبوت المفهوم للوصف(4) وهو في حيّز المنع ، إلا بالمعنى الذي ذكرناه في الاُصول من الدلالة على عدم تعلّق الحكم بالطبيعة على إطلاقها وسريانها ، ومن ثم لا يجب القناع على الأمة . وأمّا التخصيص بالحرة كي ينتفي عن المبعّضة فهو مبني على المفهوم الاصطلاحي ، ولا نقول به . إذن فلا مانع من شمول المطلقات لها .

   (1) أي من غير فرق في المبعّضة بين كون التحرير بمقدار النصف أو أقل أو أكثر كما هو واضح .

   (2) كما لو اتفق أنّها سترت رأسها آناً ما قبل العتق . ولا شبهة حينئذ في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 411 / أبواب لباس المصلي ب 29 ح 7 ، تقدمت في ص 108 .

(2) الوسائل 4 : 405 / أبواب لباس المصلي ب 28 ح 4 ، الفقيه 1 : 244 / 1082 .

(3) ولكنّه لم يكن من مشايخ ابن قولويه بلا واسطة ، فالرواية إذن محكومة بالضعف .

(4) الوصف في المقام غير معتمد على الموصوف ، ومثله ملحق باللقب كما أفاده (دام ظله) في    الاُصول [محاضرات في اُصول الفقه 5 : 127] .

ــ[112]ــ

بل وإن تخلل زمان((1)) إذا بادرت إلى ستر رأسها للباقي من صلاتها بلا فعل مناف (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصحة ، إذ الأجزاء السابقة لم يعتبر فيها الستر ، واللاحقة مشتملة عليه ، فلا خلل في شيء منها ، وهذا واضح .

   (1) على المشهور ، بل بلا خلاف ظاهر كما في الجواهر(2) . ويستدلّ له بوجوه :

   أحدها : قصور الأدلّة عن إثبات اعتبار الستر فيما عدا الأفعال من الأكوان المتخلّلة ، ولو ثبت فهو ساقط ، لمكان العجز بعد فرض عدم تقصيرها في البدار ، فالكشف قبل الستر خارج عن الاختيار ومثله ساقط لا محالة .

   ويندفع : بأنّ مقتضى الإطلاق في أدلة اعتبار الاختمار لزوم رعايته من ابتداء الصلاة إلى اختتامها ، والتخصيص بالأفعال عار عن الدليل ومناف للإطلاق المزبور كما لا يخفى .

   وحديث العجز لا يوجب سقوط الشرط بعد إمكان الاستئناف وكون الواجب هو الطبيعة المحدودة ما بين المبدأ والمنتهى ، لا خصوص هذا الفرد الذي هو مورد للعجز فما هو المأمور به لا عجز فيه ، وما فيه العجز لم يكن مأموراً به .

   ثانيها : حديث لا تعاد ، فانّ من الواضح انّ صدق الإعادة لا يتوقف على الفراغ ، بل يشمل رفع اليد في الأثناء والاستئناف كما يشهد به نحو ما ورد من أنّ من تكلّم في صلاته فعليه الإعادة(3) . وعليه فلو رفعت المعتقة ـ في مفروض المسألة ـ يدها عن صلاتها وأعادتها بعد رعاية الستر فقد أعادت بسبب غير الخمس المستثناة ، والحديث ينفي ذلك .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) صحة الصلاة مع تخلله لا تخلو من إشكال بل منع.

(2) الجواهر 8 : 227 .

(3) الوسائل 7 : 238 / أبواب قواطع الصلاة ب 2 ح 4 وغيره .

ــ[113]ــ

وأمّا إذا تركت سترها حينئذ بطلت (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ويندفع : بأنّ الحديث إمّا أنّه خاص بالناسي أو يشمل الجاهل القاصر ـعلى القولين في المسألة ـ وعلى التقديرين فلا يكاد يشمل الملتفت إلى الخلل في ظرفه وإن كان عاجزاً عن رفعه كما في المقام ، ومعه لا مناص من الإعادة .

   ثالثها : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال : «سألته عن الرجل صلى وفرجه خارج لا يعلم به ، هل عليه إعادة ، أو ما حاله ؟ قال : لا إعادة عليه ، وقد تمّت صلاته»(1) فانّ إطلاقها يشمل صورة الالتفات في الأثناء والتستر بعده المستلزم طبعاً للتكشف من زمان العلم إلى زمان وقوع الستر فاذا لم يكن هذا المقدار قادحاً في كشف العورة فأحرى بعدم القدح في المقام فيتعدّى اليه بالفحوى ، أو لا أقل من اتحاد المناط .

   وفيه : أنّ إطلاق الصحيحة وإن لم يكن قاصر الشمول لصورة الالتفات في الأثناء ، ولا يختص بما بعد الفراغ ـ كما لو علم بعد القيام بالكشف حال السجود ـ إلا أنّه لم يفرض فيها الكشف حين الالتفات ـ الذي هو محلّ الكلام ـ ليتعدّى إلى المقام .

   ودعوى الإطلاق حتى من هذه الناحية عهدتها على مدعيها ، بل هي في حيّز المنع كما لا يخفى .

   وبالجملة : لا نضايق من شمول الصحيحة لمن التفت حال الجلوس ـ مثلاً ـ إلى وجود ثقب في ثوبه أوجب كشف عورته حال السجود ، إلا أنّ استدامة الكشف إلى حال الالتفات والعلم ليكون نظير المقام يحتاج إلى مزيد عناية لم تفرض في الرواية ، ولأجله لا تصلح للاستدلال بها لما نحن فيه .

   والمتحصّل : أنّ الأظهر في هذه الصورة بطلان الصلاة .

   (1) للإخلال بالستر المعتبر في بقية الأجزاء ـ لمكان انقلاب الموضوع واندراجها بقاءً في عنوان الحرة المحكومة بلبس الخمرة ـ عالمة عامدة ، وهو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 404 / أبواب لباس المصلي ب 27 ح 1 .

ــ[114]ــ

وكذا إذا لم تتمكن من الستر إلا بفعل المنافي (1) ولكن الأحوط الاتمام ثم الإعادة .
ـــــــــــــــــــــــ

موجب للفساد ، ومنه تعرف ضعف الاستناد إلى استصحاب الحكم الثابت قبل العتق . وأضعف منه ما عن المدارك من اختصاص الستر الواجب بما إذا توجّه التكليف به قبل الشروع في الصلاة(1) فانّ فيه ما لا يخفى .

   (1) بحيث دار الأمر بين الإخلال بالستر الواجب وبين ارتكاب المنافي وبما أنّ كلاً منهما موجب للفساد فلا مناص من الاستئناف .

   ودعوى سقوط اعتبار الستر حينئذ لمكان العجز ، نظراً إلى توقّفه على فعل المنافي الممنوع شرعاً ، وهو كالممتنع عقلاً ، مدفوعة بما عرفت من أنّ العجز عن إتمام الفرد لا يستوجب العجز عما هو الواجب ، أعني الطبيعة الجامعة المحدودة ما بين المبدأ والمنتهى . فالممنوع مغاير للمأمور به ، ومعه لا موجب لسقوطه بوجه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net