الصلاة في ثوب صُبغ بمغصوب 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4114


   ثالثها : ما إذا صبغ الثوب بصبغ مغصوب ، وقد حكم في المتن بجواز الصلاة فيه ، نظراً إلى أنّ الصبغ يعد تالفاً عرفاً ويضمن الغاصب بدله ، فلا يكون اللون لمالكه ليشتمل الثوب على جزء مغصوب يمنع عن الصلاة فيه ، ثم عقّبه بقوله : لكن لا يخلو عن إشكال .

   أقول : وهو في محلّه ، بل لا ينبغي التأمل في عدم مساعدة الارتكاز العقلائي على التلف في أمثال هذه الموارد .

   نعم ، قد تكون العين باقية بصورة اُخرى بحسب النظر العقلي فقط ، ولا يكاد يساعده الفهم العرفي بوجه ، كما في تسخين الماء المباح بالحطب أو النفط المغصوبين أو بقوة كهربائية مختلسة ، فانّ الحرارة وإن كانت مسبّبة عن أجزاء منتشرة في الماء منقلبة عن تلك المواد بحسب التدقيق العقلي إلا أنّه بالنظر العرفي تعدّ تلك المواد تالفة فانية وأنّ الحرارة الموجودة في الماء لم تكن إلا عرضاً مبايناً مع الجوهر المغصوب .

   وأمّا في أمثال المقام فقد استقر الارتكاز العقلائي على بقاء عين المال حتى بالنظر العرفي فضلاً عن الدقّي ، غاية الأمر أنّ الأجزاء قد تفرّقت وتشتّت بعد ما كانت مجتمعة .

   وبعبارة اُخرى : تغيّر الصبغ من شكل إلى آخر ، وتحوّل من كيفية إلى اُخرى لا أنّه انعدم وانصرم بالمرّة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) العروة الوثقى 2: 383 فصل: في أحكام العوضين بعد المسألة [3282]، المسألة[3297].

ــ[140]ــ

   ويشهد لهذا الارتكاز ملاحظة نظائر المقام وأشباهه ، فلو غصب مقداراً من الشاي فصبّ عليه الماء المغلي المباح حتى اكتسب اللون وبقي الثافل ، أو مقداراً من التمر فألقى عليه الماء وبقي مدة حتى اكتسب حلاوة وصار نقيعاً ، أفهل يمكن القول بجواز شرب الشاي أو النقيع بدعوى أنّ المغصوب تالف والموجود لون أو حلاوة لا يستند إلى المالك فيحل للغاصب ولا يضمن إلا قيمة المغصوب .

   وأوضح من ذلك ما لو غصب الدهن وألقاه على الاُرز بحيث لا يمكن ردّه أفهل ترى جواز أكله بزعم أنّ الدسومة عرض تالف مع وضوح بقاء عين المغصوب غايته بشكل آخر .

   وأوضح من الكلّ ما لو غصب كميّة من السكر وأذابها في الماء أفهل يسمح في شربه استناداً إلى الدعوى المزبورة ، كل ذلك لا يكون إتلافاً ، ولا يكون الاستعمال سائغاً في شيء من هذه الموارد ، والسرّ ما عرفت من بقاء عين المغصوب وإن تغير شكله وتبدّلت هيئته . فدعوى التلف والسقوط ساقطة البتة .

   وعليه فلا ينبغي التأمل في عدم جواز الصلاة في الثوب المصبوغ في محل الكلام ، كما لا يجوز في الثوب المخيط بالخيط المغصوب حسبما عرفت ، هذا .

   ولكنه (دام ظله) جدّد النظر أخيراً حول ما أفاده في المقام وبنى على افتراق الأمثلة المذكورة عن الصبغ الذي هو محلّ الكلام ، نظراً إلى اشتمالها على عين المغصوب ولو بصورة اُخرى ومن شكل إلى آخر ، وأمّا الصبغ فانّما يكون من هذا القبيل لو كان المصبوغ حاملاً لعين الصبغ كما في صبغ اللوح أو الحديد وأمّا الثوب فلا يحمل أي جزء منه ، وإنّما يبقى فيه اللون الخالص الذي هو صفة محضة . ومن المقرر في محلّه(1) أنّ الأوصاف لا تقابل بشيء من المال وإن أوجبت الازدياد في قيمة العين ، فلا يقاس الصبغ المبحوث عنه بتلك الأمثلة ، بل يعدّ تالفاً بنظر العرف بعد افتراض زوال العين ، فلا مانع من الصلاة فيه . وبذلك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقاهة 7 : 269 .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net