حكم الجلد ونحوه المأخوذ من المسلم مع العلم بسبق يد الكافر 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3991


ــ[164]ــ

بل وكذا المأخوذ من يد المسلم إذا علم أنّه أخذه من يد الكافر (1) مع عدم مبالاته بكونه من ميتة أو مذكى .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) قد يقال بمشمولية هذه الصورة لإطلاقات نصوص السوق ، نظراً إلى كثرة الكفرة الذين يتعاملون مع المسلمين ، ولاسيما إذا ألحقنا بهم الخوارج والنواصب والغلاة ، لتداول ذبحهم للحيوانات وأكلهم لها وبيع جلودها ، فلا موجب لتقييد يد المسلم بعدم السبق بيد الكافر ، بل المتبع إطلاقات الأدلة .

   ويظهر من المتن التفصيل بين المسلم المبالي بأحكام الدين والملتزم بها فتكون يده حينئذ أمارة على التذكية ، وبين غير المبالي فلا أمارية لها .

   أقول : أمّا ما ذكره في غير المبالي فجيّد ، إذ المستفاد من النصوص الناهية عن السؤال عن المأخوذ من سوق المسلمين اختصاص الحكم بصورة الجهل بالحال واحتمال اتصاف الحيوان بالتذكية ، بحيث لو سألنا صاحب اليد لما ظهر لنا غالباً خلاف ما احتملناه ، ومن ثم نهينا عن تكلّف المسألة والتضييق على النفس بكثرة الأسئلة كما صنعه الخوارج ، فلا تشمل ما كان معلوم الحال لكونه محكوماً بعدم التذكية من أول الأمر وقبل انتقاله إلى المسلم من أجل كونه تحت يد الكافر .

   وبالجملة : لا تنفع يد المسلم المسبوقة قبل ساعة ـ مثلاً ـ بيد الكافر المحكومة آنذاك بعدم التذكية ، فانّ ذلك بمنزلة ما لو أخذه من الكافر ابتداء ومباشرة من دون توسيط يد المسلم ، فلا ينبغي الشك في خروج هذه الصورة عن منصرف الإطلاقات . ومنه يعلم فساد ما اُفيد آنفاً من التمسك بها .

   وأمّا ما ذكره في المبالي بالدين والثقة الملتزم بأحكامه فان كان تعريضه للبيع بمثابة إخباره عن التذكية صحّ ، لحجيّة خبر الثقة في الموضوعات ، وأمّا لو لم يكن كذلك ولو لاحتمال أنّه نسي شراءه من الكافر أو لم يكن ملتفتاً إلى كفره ونحن نعلم به فلا وجه حينئذ للحكم بالتذكية ، لما عرفت من أنّ نصوص

ــ[165]ــ

أماريّة يد المسلم قاصرة الشمول للمسبوقة بيد الكافر . فالتفصيل بين المبالي وغيره لا يستقيم على إطلاقه .

   تنبيه : لو كان نصف الحيوان بيد المسلم ونصفه الآخر في يد الكافر فمقتضى اليد الاُولى تذكية ما في تحتها ، كما أنّ مقتضى الثانية عدم التذكية ، ولكنّا نعلم وجداناً باتحاد حكم النصفين والملازمة بينهما واقعاً ، لعدم تحمّل الحيوان الواحد لحكمين متضادين ، فامّا أنّه مذكى كلّه ، أو غير مذكى كلّه أيضاً ، فلا يحتمل التفكيك في الحكم الواقعي .

   وهل يمكن ذلك في الحكم الظاهري أو انّه لابدّ من الحكم عليهما معاً بالتذكية أو بعدمها ؟

   لا شبهة أنّ يد المسلم أمارة التذكية ، وبناء على المشهور من حجية مثبتات الأمارات تدلّ بالالتزام على تذكية النصف الآخر أيضاً .

   وأمّا يد الكافر فان قلنا بأنّها أمارة على عدم التذكية كما مال إليه في الجواهر(1) فتدلّ ـ طبعاً ـ بالالتزام على عدم تذكية النصف الآخر ، فيتعارض المدلول المطابقي لكلّ منهما مع المدلول الالتزامي للآخر ، والمرجع بعد التساقط أصالة عدم التذكية في النصفين معاً .

   وإن أنكرنا ذلك وبنينا على أنّ يد الكافر لا تكون أمارة على التذكية لا أنّها تكون أمارة على العدم ، فلا جرم تكون يد المسلم سليمة عن المعارض ، فيعمل بمقتضاها من كونها أمارة على تذكية النصفين معاً ، أحدهما بالمطابقة والآخر بالالتزام .

   هذا على المشهور من حجية الأمارات في لوازمها والعمل بمثبتاتها مطلقاً حتى أنّهم جعلوا ذلك هو الفارق بينها وبين الاُصول العملية .

   ولكنّا ذكرنا في محلّه(2) أنّ هذا بالرغم من اشتهاره وانتشاره لا أساس له

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 8 : 54 .

(2) مصباح الاُصول 3 : 151 ـ 155 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net