لبس الرجال ما يختص بالنساء وعكسه - حكم ما لو فقد المصلّي الثوب الساتر 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 13127


ــ[391]ــ

   وكذا يحرم على الأحوط لبس الرجال ما يختصّ بالنساء (1) أو بالعكس((1)) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

به ، فانّ الحرمة لو كانت ثابتة لكانت ظاهرة ، بل لم يقع الخلاف فيها في مثل هذه المسألة .

   وعليه فالأقوى هي الكراهة ، استناداً إلى هذه الرواية أو غيرها من الأخبار على وجه .

   (1) على الأشهر ـ كما قيل ـ ويستدلّ له بعدة من الأخبار المذكورة في الوسائل في باب 13 من أحكام الملابس .

   منها : ما رواه الطبرسي في مكارم الأخلاق عن سماعة بن مهران عن أبي عبدالله (عليه السلام) وأبي الحسن (عليه السلام) : في الرجل يجرّ ثيابه ، قال : «إنّي لأكره أن يتشبّه بالنساء»(2) .

   لكن الرواية ضعيفة السند ، إذ الطبرسي لا يروي عن سماعة بلا واسطة كما هو ظاهر ، فقد سقط ما بينهما فتكون مرسلة .

   نعم ، رواها في الكافي بعين هذا المتن بسند صحيح(3) لكن الدلالة قاصرة فانّ الكراهة في لسان الأخبار وإن لم تكن بالمعنى المصطلح لكنّها غير ظاهرة في التحريم أيضاً ، فغايتها الدلالة على مطلق المرجوحية الصالح لكلّ منهما ، فلا تدلّ على الحرمة من دون القرينة المفقودة في المقام كما لا يخفى .

   ومنها : ما رواه عنه أيضاً عن أبي عبدالله عن آبائه (عليهم السلام) قال : «كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يزجر الرجل أن يتشبّه بالنساء ، وينهى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط فيما إذا تزيى أحدهما بزي الآخر ، وأما إذا كان اللبس لغاية اُخرى فلا    حرمة ، ولاسيما إذا كانت المدة قصيرة .

(2) الوسائل 5 : 25 / أبواب أحكام الملابس ب 13 ح1 ، مكارم الأخلاق 1 : 256/767 .

(3) الكافي 6  : 458 / 12 [ولعله يريد كون السند معتبراً لا صحيحاً بالاصطلاح ، لأن في    السند عثمان بن عيسى ، وهو واقفي ، لم يثبت رجوعه عن الوقف كما ذكره في معجم رجال    الحديث 12  : 132] .

ــ[392]ــ

المرأة أن تتشبّه بالرجال في لباسها»(1) وهي أيضاً ضعيفة بما عرفت .

   ومنها : ما رواه عنه أيضاً عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «خير شبابكم من تشبّه بكهولكم ، وشرّ كهولكم من تشبّه بشبابكم»(2) . وهي مضافاً إلى ضعف السند بما مرّ أجنبية عن المقام رأساً كما لا يخفى .

   وربما يستدلّ للحرمة بما رواه في الكافي عن عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في حديث : لعن الله المحلّل والمحلّل له ، ومن تولّى غير مواليه ، ومن ادعى نسباً لا يعرف والمتشبّهين من الرجال بالنساء ، والمتشبّهات من النساء بالرجال . . .»الخ(3) .

   ونوقش فيه بعدم إرادة الإطلاق من التشبّه ، بل في خصوص التذكّر والتأنّث ، كأن يكون الشخص مخنّثاً كما يشهد له ما رواه في العلل بسنده عن زيد بن علي عن آبائه عن علي (عليه السلام) : «أنّه رأى رجلاً به تأنيث في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال له : اخرج عن مسجد رسول الله يالعنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ثم قال علي (عليه السلام) : سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : لعن الله المتشبّهين من الرجال بالنساء والمتشبّهات من النساء بالرجال»(4) .

   وفيه : أنّه لا موجب لرفع اليد عن الإطلاق بمثل هذه الرواية الضعيفة بحسب السند من جهة حسين بن علوان وغيره الواقع في الطريق ، البعيدة بحسب المضمون ، فانّ من به تأنيث يجب إجراء الحدّ عليه وهو القتل ، لا مجرّد الإخراج عن مسجد الرسول (صلّى الله عليه وآله) فاطلاق رواية جابر الشامل لمثل اللبس محكّم .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 5  : 25 / أبواب أحكام الملابس ب13 ح2 ، مكارم الاخلاق 1 : 256/768 .

(2) الوسائل 5  : 25 /أبواب أحكام الملابس ب 13 ح3 ، مكارم الأخلاق 1 : 257/769 .

(3) الوسائل 17  : 284 / أبواب ما يكتسب به ب 87 ح 1 ، الكافي 8  : 69 / 27 .

(4) الوسائل 17  : 284 / أبواب ما يكتسب به ب 87 ح 2 ، علل الشرائع : 602 / 63 .

ــ[393]ــ

والأحوط ترك الصلاة فيهما وإن كان الأقوى عدم البطلان((1)) (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   نعم ، الظاهر منها أن يكون ذلك بقصد التشبّه ، فلو لبس أحدهما ما يختصّ بالآخر من دون القصد المزبور ، بل لغرض آخر عقلائي ، سيما إذا كانت المدة يسيرة كما لو لبس الرجل حذاء زوجته في البيت لغرض التطهير أو بالعكس أو لبس أحدهما ثوب الآخر لدفع البرد ونحوه من سائر الدواعي فالرواية منصرفة عن مثل ذلك كما لا يخفى .

   على أنّ الرواية في نفسها ضعيفة السند أيضاً بعمرو بن شمر ، فلا يمكن الاستدلال بها للتحريم حتى مع قصد التشبه . فالأقوى أنّ الحكم مبني على الكراهة استناداً إلى موثّقة سماعة المتقدّمة .

   (1) بناءً على حرمة اللبس في الفرعين المتقدّمين ـ أعني لباس الشهرة والتشبّه ـ فهل تثبت المانعية له أيضاً فتبطل الصلاة فيه ؟

   ذهب كاشف الغطاء (قدس سره) إلى ذلك ، بدعوى الملازمة بين الحرمة النفسية والمانعية(2) . وهي كما ترى ، لعدم الملازمة بين الأمرين ، إذ مجرّد النهي عن أمر خارج عن حقيقة الصلاة ـ كما في المقام ـ لا يقتضي الفساد كما هو ظاهر .

   والصحيح في المقام أن يقال : إنّه إذا كان معه ساتر بالفعل غير ذاك اللباس المحرّم ، بحيث تحقّق ستر عورته فعلاً بستر مباح فلا ينبغي الارتياب في الصحة ، لتحقّق الشرط وهو الستر بحده . ومجرّد لبس ما هو محرّم الذي هو كالنظر إلى الأجنبية في الخروج عن حقيقة الصلاة لا يوجب البطلان ، لعدم الاتحاد بينه وبين شيء من أجزاء العبادة كما هو واضح .

   وأمّا إذا كان الساتر الفعلي هو اللباس المحرّم ، بحيث كان هو بنفسه مصداقاً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يبعد البطلان في الساتر بالفعل المحرم لبسه .

(2) كشف الغطاء : 201 السطر 21 .

ــ[394]ــ

   [1311] مسألة 43 : إذا لم يجد المصلّي ساتراً حتى ورق الأشجار والحشيش فان وجد
الطين((1)) أو الوحل ، أو الماء الكدر ، أو حفرة يلج فيها ويتسترّ بها أو نحو ذلك ممّا يحصل به ستر العورة صلّى صلاة المختار((2)) قائماً مع الركوع والسجود ، وإن لم يجد ما يستر به العورة أصلاً ، فان أمن من الناظر بأن لم يكن هناك ناظر أصلاً ، أو كان وكان أعمى ، أو في ظلمة ، أو علم بعدم نظره أصلاً ، أو كان ممّن لا يحرم نظره اليه كزوجته أو أمته ، فالأحوط تكرار
الصلاة((3)) بأن يصلّي صلاة المختار تارة ومومئاً للركوع والسجود اُخرى قائماً ، وإن لم يأمن من الناظر المحترم صلّى جالساً (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للشرط وهو الستر ، فبناءً على ما اخترناه سابقاً من سراية حرمة الشرط إلى المشروط اتجّه البطلان ، إذ عليه يتعلّق النهي بنفس العبادة فيوجب فسادها .

   وأمّا بناءً على ما اخترناه أخيراً من عدم السراية ، إذ لا مقتضي لها ، فانّ قضية الاشتراط ليست إلا كون المأمور به الحصّة الخاصّة من الطبيعي وهي الصلاة المقارنة للستر مثلاً فكون مصداق الستر حراماً لا يستوجب عدم تحقّق تلك الحصّة الخاصّة ، فالأقوى حينئذ الصحّة وإن كان آثماً ، إلا فيما إذا كان الشرط عبادياً كالطهارات الثلاث ، فانّ فسادها يقتضي فساد العبادة ، فلا يتحقّق الشرط فتبطل الصلاة للإخلال بالشرط . ولا يقاس المقام بالساتر المغصوب ، لوضوح الفرق فتدبّر جيداً .

   (1) قد ذكرنا في بحث الستر والساتر أنّ الستر الصلاتي يفرق عن الستر الواجب في نفسه عن الناظر المحترم ، فانّ الثاني يتحقّق بكلّ ما يحصل معه ستر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مرّ أنه في عرض الحشيش ونحوه .

(2) الأظهر أن المتستّر بدخول الوحل أو الماء الكدر أو الحفرة يصلي مع الايماء ، والأحوط    الجمع بينها وبين صلاة المختار .

(3) لا بأس بالاكتفاء بالصلاة مع الايماء قائماً .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net