الصلاة في الحمام 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5386


ــ[185]ــ

 فصل

في الأمكنة المكروهة

   وهي مواضع ، أحدها : الحمام وإن كان نظيفاً(1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) على المشهور ، بل ادعي عليه الاجماع في بعض الكلمات وعن أبي الصلاح الحلبي الحرمة وإن تردد في فساد الصلاة(1) .

   ومستند الحكم جملة من النصوص تضمنت النهي عن الصلاة في الحمام غير أنّها برمّتها ضعيفة السند ما عدا رواية واحدة رواها الشيخ باسناده عن عبيد بن زرارة قال «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : الأرض كلها مسجد إلا بئر غائط أو مقبرة أو حمام»(2) فانّ الطريق وإن اشتمل على سليمان مولى طربال وقد وقع الكلام في اتحاده مع سليم الفراء الذي وثقه النجاشي صريحاً(3) وعدمه ، إلا أنّه ثقة على التقديرين لوقوعه في أسانيد كامل الزيارات(4) .

   فلو كنا نحن وهذه المعتبرة لحكمنا بحرمة الصلاة كما يرتئيها أبو الصلاح ، إلا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الكافي في الفقه : 141 .

(2) الوسائل 5 : 118 / أبواب مكان المصلي ب 1 ح 4 ، الاستبصار 1 : 441 / 1699 .

(3) رجال النجاشي: 193/516.

(4) وقد اشتمل أيضاً على القاسم بن محمد ـ وهو الجوهري ـ ولا توثيق له أيضاً إلا من  جهة الكامل ، ولكنه لا ينفع حسب رأيه الأخير (دام ظله) لعدم كونهما من مشايخ ابن قولويه بلا واسطة .

ــ[186]ــ

أنّ بازائها بعض النصوص الظاهرة في الجواز كصحيحة علي بن جعفر «أنّه سأل أخاه موسى بن جعفر (عليه السلام) عن الصلاة في بيت الحمام فقال : إذا كان الموضع نظيفاً فلا بأس ، يعني المسلخ»(1) .

   ورواية عمار قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الصلاة في بيت الحمام قال : إذا كان موضعاً نظيفاً فلا بأس» (2) . وقد عبّر عنها بالموثقة في كلمات القوم ، وليس كذلك ، فانّ في الطريق علي بن خالد ولم يوثق . وكيف ما كان فقد جمع المحقق الهمداني (قدس سره) بينهما بحمل الاُولى على الموضع غير النظيف ، والأخيرتين على الموضع النظيف حسبما صرح فيهما بذلك(3) .

   وفيه أوّلا : أنّ لازم ذلك إلغاء عنوان الحمام وكون الاعتبار بنظافة المكان والتجنب عن كلّ موضع معرض للنجاسة ، ولعلّ من أبرز مصاديقه مذابح الحيوانات التي هي أشدّ نجاسة من الحمام ، فلا خصوصية لذكره . مع أنّ الظاهر أنّ للحمام خصوصية في هذا الحكم .

   وثانياً : أنّه بناء عليه لم يبق مدرك للكراهة ، ضرورة أن الموضع النظيف تجوز الصلاة فيه من غير كراهة ، وغيره لا يجوز فما هو مستند الكراهة(4) .

   فالصحيح حمل الاُولى على الكراهة بقرينة الأخيرتين مع الاختصاص بالموارد النظيفة(5) ، وأمّا غيرها فلا يجوز ، فانّ هذا هو الأوفق في مقام الجمع بحسب النظر العرفي كما لا يخفى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 5 : 176 / أبواب مكان المصلي ب 34 ح 1 .

(2) الوسائل 5 : 177 / أبواب مكان المصلي ب 34 ح 2 .

(3) مصباح الفقيه (الصلاة) : 185 السطر 33 .

(4) لو أراد المحقق الهمداني (قدس سره) من الموضع غير النظيف خصوص ما تكون نجاسته غير مسرية لم يرد عليه شيء من الاشكالين كما لا يخفى .

(5) ليت شعري كيف يجمع بين الحملين مع ارتفاع التعارض البدوي بأحدهما ، والمعروف  بينهم أنّ الجمع بحسب المادة كالتخصيص مقدّم على الجمع بحسب الهيئة كحمل النهي على الكراهة .

ــ[187]ــ

حتى المسلخ منه عند بعضهم(1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) كما عن النهاية(1) والأردبيلي(2) استناداً إلى شمول الحمام الوارد في النص له ، ولكنّ المشهور أنكروا ذلك ، نظراً إلى تفسير بيت الحمام بالمسلخ ، ونفي البأس عنه في صحيحة علي بن جعفر المتقدّمة .

   وهو وجيه لو كان التفسير من الامام (عليه السلام) ، أو من الراوي ، ولكنه غير واضح ، لجواز كونه من الصدوق نفسه(3) ، على ما هي عادته من إبداء نظره عقيب نقل الرواية .

   ويعضده ـ مضافاً إلى خلوّ موثقة عمار المتحدة مضموناً مع الصحيحة عن هذا التفسير - أنّ الذي يكون معرضاً للنجاسة بحيث يحتاج إلى التقييد بالنظافة إنما هو المغتسل دون المسلخ ، ضرورة أنّ شأنه شأن سائر الأمكنة مما هو خال عن المعرضية . فلا يحسن التقييد بنظافة المكان الذي تضمنه النص ، وهذا خير شاهد على أنّ المراد من الحمام داخله لا مسلخه ومنزعه ، وأنّ التفسير المزبور اجتهاد من الصدوق نفسه . هذا ، ولا أقل من الاجمال لتطرق احتماله بلا إشكال ، فتسقط عن الاستدلال ، ونبقى نحن وإطلاق موثقة عمار وصحيحة عبيد الشامل للمسلخ وغيره والمعتضد بالانسباق العرفي ، حيث يطلق عليهما معاً في العصر الحاضر من غير تخصيص بأحدهما ، وقد عرفت أنّ مقتضى الجمع بينهما الحمل على الكراهة ، فتكون النتيجة ما ذكره في النهاية من شمول الكراهة لهما معاً ، هذا .

   ولكن الذي يهوّن الخطب عدم ثبوت كلمة «أو حمام» في متن الصحيحة ، فانّ الشيخ وإن رواها في الاستبصار كذلك حسبما تقدم(4) ، ولكنه (قدس سره)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النهاية : 99 .

(2) مجمع الفائدة والبرهان 2 : 135 .

(3) الفقيه 1 : 156/727 .

(4) في ص 185 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net