1 ـ النيّة ابتداءً واستدامةً 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3738

 

ــ[321]ــ

 فصل

[في شرائط الأذان والاقامة]

   يشترط في الأذان والاقامة اُمور :

   الأوّل : النية ابتداء واستدامة على نحو سائر العبادات ، فلو أذّن أو أقام لا بقصد القربة لم يصح ، وكذا لو تركها في الأثناء(1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) غير خفي أنّ للنية معنيين : أحدهما قصد العمل ، ثانيهما قصد القربة .

   والأوّل ، معتبر مطلقاً تعبدياً كان أم توصلياً ، لأنّ غير المقصود غير اختياري ولابد من الاختيار في تحقق الامتثال ، غير أنّ شيخنا الاُستاذ (قدس سره) خصّه بتحقق الطبيعة في ضمن الحصة الاختيارية(1) ولا مقتضي له ، إذ المأمور به إنّما هو الجامع بين المقدور وغيره ، والجامع مقدور وإن تحقق في ضمن الحصة غير الاختيارية، فالقصد إلى الجامع كاف ، وتمام الكلام في الاُصول(2).

   وأمّا الثاني ، فلا يعتبر في أذان الاعلام بلا كلام ، إذ المقصود منه التنبيه على دخول الوقت وهو يتحصّل وإن كان بداعي التعليم مثلا ولا يكون منوطاً بقصد القربة . مضافاً إلى أصالة التوصلية بعد عدم الدليل على التعبدية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 1 : 264 ، 368

(2) محاضرات في اصول الفقه 3 : 62 ، 4 : 220 .

ــ[322]ــ

حسبما هو محرر في محله(1) .

   وأمّا أذان الصلاة فلا ينبغي التأمل في اعتباره فيه ، لاستقرار ارتكاز المتشرعة على كونه من توابع الصلاة المحكومة بحكمها من هذه الجهة وإن كان مقدّماً عليها خارجاً ، وهذا مركوز في أذهان عامة المتشرعة بمثابة يكشف عن كونه كذلك عند المشرّع الأعظم . مضافاً إلى أنّ ذلك هو مقتضى التنزيل في معتبرة أبي هارون المكفوف قال : «قال أبو عبد الله (عليه السلام) : يا أبا هارون الاقامة من الصلاة»(2) بعد وضوح الحاق الأذان بالاقامة من هذه الجهة ، لعدم القول بالفصل ، بل القطع باتحادهما في هذا الحكم ، وهما مشتركان في عامة الفصول بحيث لا تحتمل عبادية الاقامة دون الأذان كما لا يخفى .

   نعم ، نوقش في سندها تارة : باشتماله على صالح بن عقبة ، وقد ضعّفه ابن الغضائري(3) . وفيه : أنّ كتابه لم يثبت استناده إليه وإن كان هو ثقة في نفسه ، فلا يعوّل على جرحه ولا تعديله .

   واُخرى : بأنّ أبا هارون المكفوف لا توثيق له ، بل قد روى الكشي ما يكشف عن تضعيفه(4) . وفيه : أنّ الرواية مرسلة . مضافاً إلى جهالة الراوي ، وقد ذكر النجاشي أنّ الكشي يروي عن المجاهيل(5) .

   وكيف ما كان ، فالأظهر وثاقة الرجلين لوقوعهما في أسناد كامل الزيارات(6) والسلامة عن تضعيف صالح للمعارضة حسبما عرفت .

   وعليه فلو أذّن بدون قصد القربة لزمه الاستئناف ، لعدم وقوع العبادة على وجهها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 2 : 154 .

(2) الوسائل 5 : 396/ أبواب الأذان والاقامة ب 10 ح 12 .

(3) مجمع الرجال 3 : 206 .

(4) رجال الكشي : 222 / 398 .

(5) رجال النجاشي : 372/1018 [ولكن فيه أنّه روى عن الضعفاء] .

(6) ولكنّهما لم يكونا من مشايخ ابن قولويه بلا واسطة فلا يشملهما التوثيق .

ــ[323]ــ

نعم ، لو رجع إليها وأعاد ما أتى به من الفصول لا مع القربة معها ، صح ولا يجب الاستئناف(1) ، هذا في أذان الصلاة ، وأمّا أذان الاعلام فلا يعتبر فيه القربة كما مرّ . ويعتبر أيضاً تعيين الصلاة التي يأتي بهما لها مع الاشتراك(2) ، فلو لم يعيّن لم يكف ، كما أنّه لو قصد بهما صلاة لا يكفي لاُخرى ، بل يعتبر الاعادة والاستئناف .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) إذ لا مقتضي له بعد تدارك النقص ، ووضوح عدم كون فصل الفاسد قاطعاً للهيئة أو زيادة مبطلة بعد إطلاق الأدلة .

   (2) كما لو كان عليه أداء وقضاء ، فانّه لابدّ له من التعيين ، فلو عيّن لإحداهما لايجزئ للاُخرى لو عدل إليها ، بل يستأنف .

   وربما يعلل بأنّ الأمر المتعلق بهما غيري نشأ من قصد الأمر النفسي المتعلق بالصلاة المقيّدة بهما ، فتعيينه منوط بتعيين تلك الصلاة لاختلاف الأمر باختلاف موضوعه ، فلو عدل لم يقع مصداقاً له بناءً على اختصاص الأمر المقدّمي بالحصة الموصلة .

   ويندفع : بأنّ الأمر المتعلق بهما مستحب نفسي على ما تقتضيه ظواهر النصوص لا مقدّمي غيري . على أنّا لا نقول بوجوب المقدمة شرعاً ، ومع التسليم فهو توصلي لا تعبدي .

   وبالجملة : لا ارتباط للمقام بالمقدمة الموصلة ليبتني على القول بها ، بل الوجه فيه صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث «قال : إذا كان عليك قضاء صلوات فابدأ بأوّلهنّ فأذّن لها وأقم ثم صلّها ثم صلّ ما بعدها باقامة إقامة لكل صلاة»(1) فانها واضحة الدلالة على لزوم التعيين كما لا يخفى .

   وتؤيدها موثقة عمار(2) الواردة في إعادة المنفرد الأذان والاقامة فيما لو بدا له

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 5 : 446/ أبواب الأذان والاقامة ب 37 ح 1 .

(2) الوسائل 5 : 432/ أبواب الأذان والاقامة ب 27 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net