لو شكّ فيما بيده أ نّه الظهر أو العصر ، المغرب أو العشاء 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4557


ــ[59]ــ

   [ 1432 ] مسألة 19 : لو شكّ فيما في يده أ نّه عيّنها ظهراً أو عصراً مثلاً(1)، قيل بنى على التي قام إليها، وهو مشكل ، فالأحوط الاتمام والاعادة((1)) نعم لو رأى نفسه في صلاة معيّنة وشكّ في أ نّه من الأوّل نواها أو نوى غيرها ، بنى على أ نّه نواها وإن لم يكن مما قام إليه ، لأ نّه يرجع إلى الشك بعد تجاوز المحل .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أبي يعفور(2) إلاّ أنّ سندهما لا يخلو عن الخدش ، لضعف طريق الشيخ إلى العياشي فلا تصلحان إلاّ للتأييد .

   (1) تارة يفرض الكلام في المترتبتين كالظهرين والعشاءين ، واُخرى في غيرهما كالفريضة والنافلة ، والأداء والقضاء ونحوهما .

   أمّا في الاُولى : فلا ينبغي الاشكال في الصحة في فرض صحة العدول وبقاء محلّه ، كما لو علم بعدم الاتيان بالظهر ، أو شكّ فيه ورأى نفسه في صلاة لم يدر أ نّه دخل فيها بعنوان الظهر أو العصر ، فانّه يعدل بها إلى الظهر ويتمّها كذلك وتصح بلا إشكال ، لأ نّه إن دخل فيها بعنوان الظهر فهو ، وإلاّ فله العدول إليه وهذا لا غبار عليه .

   وكذا الحال في العشاءين مع بقاء محل العدول ، كما لو كان الشك المزبور قبل الدخول في ركوع الركعة الرابعة .

   وأمّا إذا لم يكن المورد من موارد العدول ، كما إذا كان شكّه فيما في يده بعد العلم بالاتيان بالصلاة الاُولى من الظهر أو المغرب ، أو فرض الكلام في غير

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا في غير المترتبتـين ، وأمّا فيهما فلو لم يكن آتياً بالاُولى جعل ما في يده الاُولى وصحّت بلا إشكال .

(2) الوسائل 6 : 6 /  أبواب النيّة ب 2 ح 2 ، 3 .

ــ[60]ــ

المترتبتين كالفريضة والنافلة ، والأداء والقضاء ، فتارة يعلم أ نّه قام إلى صلاة معيّنة ويشك في أ نّه دخل فيها بالعنوان الذي قام إليه ، واُخرى لا .

   أمّا الثاني ، فلا إشكال في البطلان ، لعدم إحراز النيّة كما هو ظاهر .

   وأمّا في الأوّل ، فربّما يقال بالصحة ووقوعها على التي قام إليها ، ويستدل له تارة : بأصالة عدم العدول عما قام إليه ، واُخرى : بخبر ابن أبي يعفور المتقدم فانّ قوله (عليه السلام) في صدره : «هي التي قمت فيها ولها» شامل للمقام وظاهر في أنّ المدار على ما قام إليه وإن دخله الشك بعدئذ .

   وفي كلا الوجهـين ما لا يخفى ، فانّ العدول ليس بنفسه حكماً شرعياً ولا موضـوعاً ذا أثر ، وإنّما اللاّزم إحراز اسـتناد الصلاة إلى النيّة التي قام إليها وإثبات ذلك باستصحاب عدم العدول من أظهر أنحاء الأصل المثبت كما لا يخفى .

   وأمّا الخبر فصدره وإن لم يأب عن الشمول للمقام كما عرفت إلاّ أنّ ذيله شاهد على الخلاف ومفسّر للمراد من الصدر ، فانّ قوله (عليه السلام) : «وإن كنت دخلت فيها وأنت تنوي ... » إلخ ، وقوله (عليه السلام) : «إنّما يحسب للعبد من صلاته التي ابتدأ في أوّل صلاته» ، يشهد بأنّ المراد مراعاة النيّة التي افتتح بها صلاته ودخل فيها بها ، لا ما قام إليها وإن لم يدر أ نّه ابتدأ بها في أوّل صلاته أم لا كما في المقام . فالرواية ناظرة إلى المسألة السابقة ، وهي ما لو دخل في الصلاة بنية معيّنة ثم أتمّها بنية اُخرى غفلة ، وأجنبية عن المقام رأساً كما هو ظاهر .

   هذا ، مضافاً إلى عدم خلوّ سندها عن الخدش ، لضعف طريق الشيخ إلى العياشي كما مرّ، وإن كان رجال السند كلّهم موثقين مع الغض عن الطريق المزبور.

   فتحصّل :  أنّ الأقوى هو الحكم بالبطلان في مثل ذلك ، لقاعدة الاشتغال بعد الشك في صدور النيّة على وجهها .

 
 

ــ[61]ــ

   هذا كلّه فيما إذا كان شكه فيما في يده على نحو يشك في حالته الفعلية أيضاً .

   وهناك نوع آخر تعرّض له في المتن ، وهو ما إذا لم يتعلّق الشك بالحـالة الفعلية ، فيرى نفسه فعلاً في صلاة العصر مثلاً وشكّ في أ نّه نواها من الأوّل كي تصح ، أو نوى غيرها كالظهر مثلاً كي لا تصح ، لعدم جواز العدول من السابقة إلى اللاّحقة . وليفرض الكلام فيما لو كان آتياً بصلاة الظهر وإلاّ ـ إمّا جزماً أو احتمالاً ـ فيعدل بها إليه ويتمّها ظهراً ولا إشكال كما تقدّم ، أو رأى نفسـه في الفريضة وشكّ في أ نّه نواها من الأوّل ، أو نوى النافلة .

   حكم في المتن حينئذ بالصحة ، وأ نّه يبني على أ نّه نواها كذلك من الأوّل وإن لم يكن ممّا قام إليه ، وعلّله بأ نّه يرجع إلى الشك بعد تجاوز المحل .

   أقول :  إن أراد (قدس سره) إجراء قاعدة التجاوز في نفس النيّة ابتداءً فعليه إشكال ظاهر كما ستعرف ، وإن أراد إجراء القاعدة في شيء آخر يلازم الشك في النيّة بحيث يكون مرجعه إلى الشك بعد تجاوز المحل على وجه دقيق لا أ نّه منه ابتداءً ، كما لا يبعد ظهور العبارة فيه ، للتعبير بقوله : لأ نّه يرجع ... إلخ فهو في غاية الجودة ، ويحكم بصحة الصلاة من أجل ذلك ، وبيانه : أ نّه ربّما يشكل في المقام بعدم جريان قاعدة التجاوز بالاضافة إلى النيّة ، لعدم كونه من الشك بعد تجاوز المحل ، لتوقفه على أن يكون للمشكوك فيه محل موظف مقرر له بحيث كان تركه تركاً لما ينبغي أن يفعل ، كما لو شكّ في القراءة بعدما ركع ، أو فيه بعدما سجد وهكذا ، فانّ محل القراءة سابق على الركوع وهو على السجود .

ومعلوم أنّ الشك في النيّة ليس من هذا القبيل ، فانّ نيّة صلاة العصر مثلاً إنّما يكون محلّها قبلها (1) وينبغي فعلها فيما إذا كانت الصلاة معنونة بصلاة العصر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ربّما يتراءى التـنافي بين المقام وبين ما اُفيد في [ العروة 1 : 645 المسألة 2134  ]فليلاحظ .

ــ[62]ــ

لا نافلتها مثلاً ، وإنّما تكون معنونة بالعصر فيما إذا سبقتها نيّة العصر لا كل نيّة .

   وعليه ، فاذا اُحرز أنّ الصلاة معنونة بالعصر فقد اُحرزت نيّتها ، فلا حاجة لاثباتها بقاعدة التجاوز ، وإذا لم يحرز ذلك وشكّ في عنوان ما بيده من الصلاة حينما دخل فيها ، فلم يعلم أنّ نيّة العصر محلّها قبل هذه الصلاة ، لاحتمال الدخول فيها بعنوان النافلة مثلاً ومثلها لا تتقدّمها نيّة العصر قطعاً ، فلا يكون ترك نيّة العصر حينئذ تركاً لما ينبغي أن يوجد ، فكون النيّة ممّا ينبغي أن تفعل تابع لعنوان العمل الذي تجاوز عنه ، فهو من مقوّمات جريان القاعدة ، فكيف تصلح القاعدة لاثباتها .

   وهذا الاشـكال وجيه جدّاً لا مدفع عنه ، غير أنّ بالامـكان أن تجري القاعدة في شيء آخر يصدق معه التجاوز الذي لا ينفك عنه الشك المزبور ، بل يرجع إليه عند التحليل ، وهي الأجزاء السابقة على الجزء الذي بيده ، فلو رأى نفسه في الركعة الثانية مثلاً بانياً على صلاة العصر وشكّ في أ نّه كان بانياً عليه أوّل العمل أولا ، فهو لا محالة يشك في أنّ الأجزاء السابقة على هذه الركعة إلى أوّل التكبيرة هل وقعت بنيّة العصر أو بعنوان آخر كالظهر مثلاً .

   وهذا الشك وإن لم يكن شكّاً في الوجود لعلمه بوجود التكبيرة مثلاً ، بل هو شكّ فيما هو الموجود ، وأنّ التكبيرة الواقعة هل كانت بعنوان العصر أو لا ، إلاّ أ نّه بالأخرة يرجع إلى الشك في الوجود ، للشك وجداناً في وجود التكبيرة للعصر كي تصح ما بيده عصـراً ، وعدمها  كي لا تصح . ولا ريب في شمول القاعدة لكل من الشك في الوجود والموجود ، فكما أ نّه إذا شكّ في الفاتحة بعد الدخول في السورة تجري القاعدة بالنسبة إليها ، فكذلك إذا علم بعد الدخول فيها بأ نّه قرأ سورة وترددت بين كونها هي الفاتحة أم سورة اُخرى غيرها لرجوعه في الحقيقة إلى الشك في وجود الفاتحة وعدمها كما عرفت .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net