العدول من القصر إلى التمام وبالعكس 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4687


ــ[75]ــ

   الثامن : العدول من القصر إلى التمام (1) إذا قصد في الأثناء إقامة عشرة أيام .

   التاسع : العدول من التمام إلى القصر إذا بدا له في الإقامة بعدما قصدها .

   العاشر : العدول من القصر إلى التمام أو بالعكس في مواطن التخيير .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وبالجملة : فنية العدول إلى الانفراد من الأوّل قادحة ، سواء أكان لعذر أم غيره . وسيجيء تمام الكلام فيه ، وفيما لو بدا له العدول في الأثناء دون أن يقصده من الأوّل ، وأ نّه يصح لعذر أم مطلقاً أم لا يصح في مبحث الجماعة إن شاء الله تعالى(1) .

   وممّا ذكرنا يظهر حكم العدول من إمام إلى إمام إذا عرض للأوّل عارض وأ نّه ليس من العدول المبحوث عنه في المقام ، فلا وجه للتعرض له فيما نحن فيه ، وسيجيء البحث عنه في محلّه في أحكام الجماعة إن شاء الله تعالى(2) .

   (1) تعرّض (قدس سره) في هذا وفي الموردين الآتيين إلى حكم العدول من القصر إلى التمام ، ومنه إلى القصر ، ومن كل منهما إلى الآخر .

   فالأوّل :  كما إذا قصد في الأثناء إقامة عشرة أيام فيعدل إلى التمام .

   والثاني :  كما إذا بدا له في نيّة الاقامة ـ في الأثناء ـ بعدما قصدها ، فانّه يعدل إلى القصر مع بقاء محل العدول ، كما لو كان البداء قبل الدخول في ركوع الثالثة وأمّا مع التجاوز كما لو كان بعد الدخول فيه فتبطل الصلاة لا محالة، إذ المأمور به وهو القصر لايتمكن منه وما يتمكنه من التمام ليس بمأمور به بعد فرض العدول عن نيّة الاقامة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) العروة الوثقى 1 : 574 المسألة [ 1883 ] .

(2) العروة الوثقى 1 : 574 المسألة [ 1881 ] .

ــ[76]ــ

   والثالث :  كما في مواطن التخيير ، فانّه يجوز له العدول من كل منهما إلى الآخر مع بقاء محله .

   وممّا تقدم يظهر أنّ العدول في هذه الموارد ليس من العدول المبحوث عنه في المقام ، إذ القصر والتمام ليسا حقيقتين متباينتين وماهيتين من الصلاة ، بل صلاة الظهر مثلاً ماهية واحدة ذات فردين مختلفين في الأحكام كالجماعة والفرادى فيجب التسليم على الركعة الثانية إن كان مسافراً ، وعلى الرابعة إن كان حاضراً ، ومحل الكلام هو العدول من صلاة إلى صلاة اُخرى ، لا من فرد إلى فرد آخر مع اتحاد ماهيتهما كما في هذه الموارد . ومن هنا ذكرنا سابقاً أ نّه لو قصد أحد الفردين فأتمّ على الفرد الآخر غفلة كما في مواطن التخيير صحت صلاته ، لعدم الاخلال بالمأمور به بوجه .

   وتوضيح المقام :  أنّ الفرق بين القصر والتمام هو الفرق بين الطبيعة بشرط لا ، والطبيعة بشرط شيء ، فهما فردان من حقيقة واحدة يختلفان بلحاظ العوارض اللاحقة للطبيعة ، فصلاة الظهر مثلاً إن لوحظت مقيّدة بعدم اقترانها بالركعتين الأخيرتين فهي القصر ، وإن لوحظ انضمامها بهما فهي التمام ، فلا اختلاف بينهما من حيث الذات بل هما متحدان في الحقيقة والعنوان .

   وإنّما الفرق نشأ من الخصوصيات الملحوظة في كل من الفردين ، فليس حالهما كالفريضة والنافلة ، والأداء والقضاء ، والظهر والعصر ، حيث إنّهما متعددان عنواناً ، ومختلفان ماهية ، ومن هنا كان العدول فيهما على خلاف القاعدة ، لعدم كون الصلاة حينئذ مصداقاً لشيء من الماهيتين ، فلا تقع امتثالاً لشيء من العنوانين بعد وضوح عدم تعلق الأمر بالصلاة الملفّقة منهما ، فيحتاج جواز العدول فيها إلى دليل بالخصوص ، وقد عرفت اختصاصه بالحاضرتين والفائتتين ، ومن الحاضرة إلى الفائتة ، ومن الفرض إلى النفل ، دون غيرها من بقية الموارد على البيان الذي سبق في محله .

ــ[77]ــ

   وهذا بخلاف القصر والتمام، إذ بعد ما عرفت من كونهما حقيقة واحدة فجواز العدول حينئذ مطابق للقاعدة من دون حاجة إلى قيام دليل عليه بالخصوص ، فانّ العدول من أحدهما إلى الآخر قد يفرض في مواطن التخيير واُخرى في غيرها .

   أمّا في الأوّل :  فمرجع الوجوب التخييري ـ على ما بيّناه في محله (1) ـ إلى أنّ الواجب إنّما هو الجامع الانتزاعي ـ أعني عنوان أحدهما لا بعينه ـ فخصوصية كل من الفردين ملغاة في مقام تعلق الأمر وخارجة عن حريمه، إذ ليس المأمور به إلاّ نفس الجامع . وعليه فلو شرع في الصلاة بقصد التمام جاز له العدول إلى القصر وبالعكس ، فانّه عدول من فرد إلى فرد ، لا من واجب إلى واجب .

   وهذا كما لو كان بانياً لدى الشروع في الصلاة على الاتيان بسورة خاصة ثم عند الفراغ من الفاتحة بدا له وعدل إلى سورة اُخرى ، فانّ هذا لا ضير فيه قطعاً ، إذ الواجب إنّما هي الصلاة المقيّدة بجامع السورة ولا عدول في ذلك ، وإنّما العدول من فرد إلى فرد لم يتعلق الأمر بشيء منهما . والمقام من هذا القبيل كما هو واضح ، بل له الشروع في الصلاة مقتصراً على نيّة الظهر مثلاً من دون قصد شيء من القصر والتمام ، ثم بعد البلوغ إلى حدّ الافتراق يختار أحد الفردين .

   وأمّا في الثاني :  كما لو شرع في الصلاة بنيّة التمام قاصداً للإقامة ثم بدا له فيها وعزم في الأثناء على السفر فعدل إلى القصر ، فانّ العدول حينئذ وإن كان من واجب إلى واجب ، لوجوب التمام بخصوصه لدى الشروع بعد كونه قاصداً للإقامة آنذاك ، إلاّ أنّ الوجوب لم يكن فعليّاً منجّزاً ، بل كان معلقاً على استدامته على ذاك القصد إلى الانتهاء عن الصلاة ، كما كان مأموراً بالقصر أيضاً على تقدير العدول عن قصده .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 4 : 40 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net