قراءة سور العزائم عمداً 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5225


ــ[305]ــ

   [ 1495 ] مسألة 3 : لا يجوز قراءة إحدى سور العزائم في الفريضة ((1)) (1) فلو قرأها عمداً استأنف الصلاة وإن لم يكن قرأ إلاّ البعض ولو البسملة أو شيئاً منها ، إذا كان من نيّته حين الشروع الاتمام أو القراءة إلى ما بعد آية السجدة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) على المعروف والمشهور ، بل ادعي عليه الاجماع في كثير من الكلمات بل عن غير واحد نسبته إلى فتوى علمـائنا أجمع ، فكأنّ الحكم مورد للتسالم ولم يسند الخلاف إلاّ إلى الإسكافي (2) ، فذكر أنه يومئ إلى السجود بدلاً عنه ثم يسجد للتلاوة بعد الفراغ عن الصلاة .

   ويقع الكلام تارة فيما إذا قرأ سورة العزيمة عمداً وسجد لها ، واُخرى فيما إذا لم يسجد سواء أومأ إليه كما ذكره ابن الجنيد أم لا .

 أمّا الأوّل :  فلا إشكال في عدم جوازه وبطلان الصلاة بذلك ، للزوم الزيادة العمدية في المكتوبة التي هي مبطلة بلا خلاف ولا إشكال ، كما وقع التصريح بذلك في روايتين إحداهما معتبرة ، وهما رواية زرارة ـ الضعيفة بالقاسم بن عروة ـ وصحيحة علي بن جعفر (3) التي رواها صاحب الوسائل عن كتابه ، وطريقه إلى الكتاب صحيح ، فقد ورد فيها قوله (عليه السلام) «وذلك زيادة في الفريضة»(4) فانّ عنوان الزيادة وإن كان متقوّماً بقصد الجزئية كما مرّ غير مرّة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

(2) حكاه عنه في المعتبر 2 : 175 .

(3) الوسائل 6 : 105 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 40 ح 1 ، 4 .

(4) هذه الجملة أثبتها صاحب الوسائل نقلاً للرواية عن قرب الإسناد [ قرب الإسناد : 202 / 776 ] وكتاب علي بن جعفر [ مسائل علي بن جعفر : 185 / 366 ] . لكن    العلاّمة المجلسي أوردها في البحار 82 : 171 نقلاً عن الكتابين خالية عنها ، كما أنّ كتاب قرب الإسناد بطبعتيه ـ الحجرية والنجفية ـ خالية عنها ، نعم هي موجودة فيما نقله في البحار 10 : 285 عن كتاب علي بن جعفر . وبالجملة : فاشتمال كتاب علي بن جعفر على هذه الجملة ـ التي هي محل الاستشهاد ـ غير ثابت بعد تعارض ما نقله العاملي والمجلسي في بعض مجلدات البحار مع ما نقله في البعض الآخر ، ومعه يشكل الاستدلال بها .

ــ[306]ــ

المنفي في المقام ، لأ نّه يسجد للتلاوة لا للصلاة ، لكنه يستثنى من ذلك خصوص السـجود بمقتضى هاتين الروايتين المصرّحتين بأ نّه زيادة في المكتوبة أو في الفريضة ويلحق به الركوع بطريق أولى .

   فيظهر من ذلك أنّ خصوص الركوع والسجود يمتازان عن بقية الأجزاء بعدم ارتضاء الشارع بزيادتهما حتى الصورية منها ، وأنّ لكل ركعة ركوعاً وسجدتين لا يضاف عليها شيء ولو بعنوان آخر من سجدة الشكر أو التلاوة ونحوهما .

   إلاّ أنّ هناك روايات ربما يستظهر منها جواز تلاوة السورة والسجود لها في الصلاة ، لكن لا بدّ من حملها على النافلة أو على الاعادة واستئناف الصلاة جمعاً بينها وبين الروايتين المتقدمتين .

   منها :  صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «أ نّه سئل عن الرجل يقرأ بالسجدة في آخر السورة ، قال : يسجد ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثم يركع ويسجد» (1) فانّها مطلقة تحمل على النافلة بقرينة الروايتين وقيام التسالم على عدم جواز زيادة السجدة في الصلاة كما عرفت ، أو على استئناف الصلاة كما يشهد به قوله (عليه السلام) : «ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب» فانّ هذا التعبير مع كونه آتياً بالفاتحة كناية عن الاعادة ، ولا يقدح عدم التعرض لتكبيرة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 102 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 37 ح 1 .

ــ[307]ــ

الاحرام ، فقد وقع نظير ذلك في أخبار ركعة الاحتياط (1) فأمر بالقيام وقراءة الفاتحة وأهمل التكبيرة مع أ نّها ركعة مستقلّة .

   ومنها :  موثقة سماعة «قال : من قرأ (إقرَأ بِاسمِ رَبّك ) فاذا ختمها فليسجد فاذا قام فليقرأ فاتحة الكتاب وليركع» (2) وهذه أيضاً يجري فيها الوجهان من الحمل على النافلة ، أو الاستئناف (3) .

   ومنها :  رواية علي بن جعفر عن أخيه قال : «سألته عن الرجل يقرأ في الفريضة سورة النجم أيركع بها أو يسجد ثم يقوم فيقرأ بغيرها ؟ قال : يسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب ... » إلخ (4) وهي مروية بطريقين ، في أحدهما ضعف لمكان عبدالله بن الحسن ، والآخر الذي يرويه صاحب الوسائل عن كتاب علي ابن جعفر(5) معتبر ، وهذه لا يجري فيها الوجه الأوّل للتصريح بالفريضة فتحمل على الاستئناف .

   وكيف كان ، فلا إشكال في البطلان مع تعمد التلاوة وتحقق السجدة .

   وأمّا الثاني :  وهو ما إذا لم يسجد سواء أومأ إليه أم لا ، فالمشهور حينئذ هو البطلان أيضاً ويستدل له بوجوه :

 الأوّل :  ما استقربه في الجواهر(6) بدعوى أنّ الأمر بالسجود أمر بالابطال

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 215 /  أبواب الخلل ب 9 ح 2 .

(2) الوسائل 6 : 102 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 37 ح 2 .

(3) ولكنّها مقطوعة لا تصلح للاستناد كما سيُصرِّح به الاستاذ في المسألة السادسة [ ص 324 ] .

(4) الوسائل 6 : 106 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 40 ح 4 .

(5) مسائل علي بن جعفر : 185 / 366 .

(6) الجواهر 9 : 344 .

ــ[308]ــ

لكونه زيادة عمدية في المكتوبة وهي مبطلة، فكيف يجتمع ذلك مع الأمر بالمضي في الصلاة، وهل ذلك إلاّ أمر بالمتضادين. فنفس الأمر بالسجود يقتضي البطلان سواء أسجد أم لا ، لانتفاء الأمر بالاتمام معه . وهذا نظير ما إذا وجب ارتكاب أحد المفطرات على الصائم كالارتماس لإنقاذ الغريق أو القيء لأكل المغصـوب أو الوطء لمضي أربعة أشهر ، أو غير ذلك ، فكما لا يجتمع الأمر باتمام الصوم مع الأمر بما يبطله، ولذا يحكم ببطلان الصوم بلا إشكال سواء ارتكب تلك المفطرات أم لا ، فكذا في المقام .

   وفيه : أ نّه يمكن تصحيح الأمر بالضدّين بنحو الترتب كما حقق في الاُصول(1) فيؤمر أوّلاً بالسجود للتلاوة ، وعلى تقدير العصيان يؤمر باتمام الصلاة ، وإنّما لا يجري هذا في مورد التنظير لعدم صحة الترتب هناك ، إذ يشترط في مورده أن يكون من الضدين اللذين لهما ثالث بحيث يمكن امتثال الأمر بالمهم وعدمه في ظرف عصيان الأهم ، وأمّا الذي يدور أمره بين الوجود والعدم كالنقيضين أو الضدين اللذين لا ثالث لهما فلا يعقل فيه الترتب ، إذ فرض عدم أحدهما مساوق لفرض وجود الآخر ، ومعه لا معنى لتعلق الأمر ، فكما لا يمكن أن يقال افعل وإلاّ فلا تفعل ، أو تحرّك وإلاّ فاسكن أو بالعكس ، لأنّ وجود أحدهما في ظرف عدم الآخر ضروري لا يصح تعلق التكليف به ، فكذا لا يمكن أن يقال في مورد التنظير كل وإلاّ فلا تأكل ، أو يجب القيء وإلاّ فيحرم ويجب المضي في الصوم .

   نعم ، نظير المقام ما إذا لم يتعلق الأمر بذات المبطل ، بل بعنوان الابطال ، كما لو وجب السفر على الصائم لجهة من الجهات فانّه يؤمر أوّلاً بابطال صومه بالسفر وعلى تقدير العصـيان يؤمر بالمضي في الصوم ، فانّ السفر ليس من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 3 : 102 .

ــ[309]ــ

المفطرات ، بل من شرائط وجوب الصوم فيعتبر عدمه في وجوبه ، وهما من الضدين اللذين لهما ثالث ، إذ يمكن أن لا يسافر ولا يصوم ، هذا .

   والتحقيق :  أنّ مورد التنظير حكمه حكم المقام بعينه فيجري فيه الترتب أيضاً ، لكونه من الضدّين اللّذين لهما ثالث كما فيما نحن فيه ، وتوضيحه : أنّ النقيضين أو الضدين اللذين لا ثالث لهما كالحركة والسكون إذا لوحظا بنحو الطبيعة المطلقة لم تكن بينهما واسطة ، وأمّا إذا قيّد أحدهما بقيد تثبت الواسطة لا محالة ، وكانا مما لهما ثالث ، وهو الفاقد لذلك القيد ، كما إذا قال : تحرّك وإلاّ فاسكن في المكان الكذائي ، فانّه يمكن عدمهما بالسكون في المكان الآخر .

   والمقام من هذا القبيل ، لأنّ ترك القيء مثلاً لوحظ مقيداً بقصد التقرّب ، لأنّ الصوم عبادي ، فالتروك المعتبرة فيه تعبدية ، فيؤمر أوّلاً بالقيء وعلى تقدير العصيان يؤمر بتركه لله ، والواسطة بينهما هو تركه لا لله ، فيكونان من الضدّين اللذين لهما ثالث فيجري فيها الترتب .

   وبالجملة : أحد النقيضين تعبدي والآخر توصلي ، ومثلهما ممّا له ثالث ، كما يمكن ذلك في التوصليين إذا لوحظ أحدهما مقيداً بقيد كالمثال المتقدم ، وإنّما يكونان مما لا ثالث له إذا لوحظا مطلقين كما عرفت ، فالصحيح صحة الصوم في مورد التنظير لجريان الترتب فيه كالمقام .

   الوجه الثاني :  أنّ قراءة السورة معرض للوقوع في أحد المحذورين فتحرم لأ نّه إن سجد للتلاوة فيلزمه إبطال الصلاة لمكان الاتيان بالزيادة العمدية المبطلة وهو حرام ، وإن لم يسجد يلزمه ترك السجود الذي هو واجب فوري فهذه السورة محرّمة لأدائها إلى أحد المحذورين ، والممتنع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقاباً ، والمبغوض لا يصلح لأن يتقرّب به ، وحرمة العبادة تقتضي الفساد .

ــ[310]ــ

   وفيه أوّلاً :  أ نّه مبني على حرمة قطع الصلاة ، وهي محل تأمل أو منع .

   وثانياً :  أنّ معرضية السورة لما ذكر لا تستدعي أكثر من حرمتها عقلاً من باب المقدّمات المفوّتة فراراً عن الوقوع في أحد المحذورين المزبورين ، لا حرمتها شرعاً كي تقتضي الفساد ، لعدم كون مقدمة الحرام حراماً . والحاصل : أنّ السورة في حد ذاتها لم يتعلق بها نهي شرعاً ولا تكون مبغوضة ، بل هي صالحة لأن يتقرب بها لعدم قصورها في حد نفسها عن ذلك ، وإنّما العقل يستقل بتركها حذراً عن الوقوع في الحرام ، فلو عصى بسوء اختياره ولم يسجد للتلاوة لم يكن مانع عن صحتها ، لما عرفت من عدم قصورها عن وقوعها مصداقاً للواجب .

   وثالثاً :  مع التسليم ، فغايته بطلان السورة دون الصلاة ، فله العدول عنها إلى سورة اُخرى وإن كان آثماً وصحت صلاته .

   والعمدة في المقام إنّما هو الوجه الثالث ، وهي الروايات الناهية عن قراءة سورة العزيمة في الفريضة، ولا إشكال فيها من حيث السند، لصحّة أسانيد بعضها وإن كانت جملة اُخرى منها ضعيفة ، إنّما الإشكال في الدلالة ، ووجه الاشكال : أنّ النهي في هذه الأخبار لا يحتمل أن يراد به النهي التكليفي المولوي ، إذ لا يحتمل أن تكون قراءة العزيمة في الصلاة من المحرّمات الإلهية ، والسرّ أنّ الأوامر والنواهي في باب المركبات من العبادات والمعاملات قد انقلب ظهورها الأوّلي من التكليف النفسي المولوي الوجوبي أو التحريمي إلى الارشاد إلى الجزئية أو الشرطية أو المانعية .

   على أ نّه لو سلم ذلك فلا موجب للبطلان ، إذ المبطل خاص بكلام الآدمي والقراءة المزبورة لا تخرج بحرمتها عن كونها قرآناً ولا تعدّ من كلام الآدمي كي تكون مبطلة ، بل غايته أ نّه قرآن محرّم ، وقد تقدم التعرض لذلك قريباً .

ــ[311]ــ

   وكيف كان ، فلا ينبغي الريب في كون النهي في المقام إرشـادياً ، وهل هو إرشاد إلى المانعية ، نظير النهي عن الصلاة فيما لا يؤكل لحمه ، أو إرشاد إلى تقيّد السورة المأمور بها بعدم كونها من سور العزائم ، وأنّ هذه ليست جزءاً من الصلاة ، بل الجزء سورة اُخرى غيرها ، نظير النهي عن السجود على القير الذي هو إرشاد إلى أنّ مثله ليس مصداقاً للسجود الواجب ، بل هو مقيد بغيره ، أو أ نّه إرشاد إلى معنى آخر لا هذا ولا ذاك .

   أمّا الأوّل ، فبعيد عن سياق هذه الأخبار غايته ، إذ النهي لم يتعلق بالصلاة مع هذه السورة كما في مثال ما لا يؤكل ، بل بجزء منها وهي القراءة ، فغايته فساد الجزء لا أصل الصلاة ، فهو نظير النهي عن السجود على القير الذي يكون مقتضى القاعدة في مثله فساد السجود خاصة ، وجواز الاتيان بسجود آخر على غير القير لولا قيام الدليل على بطلان الصلاة بزيادة السجود عمداً .

   وأمّا الثاني ، فهو وإن لم يكن بعيداً بحسب النظر البدوي لكن يضعّفه أمران :

   أحدهما :  أ نّه مبني على الالتزام بوجوب السورة حتى يقيد اطلاق دليله بذلك ، وقد عرفت انّه محل مناقشة ، بل منع ، وإنما الوجوب كان مبنيّاً على الاحتياط فالجزئية غير ثابتة من أصلها فكيف تكون ارشاداً إلى تقييدها فليتأمل .

   ثانيهما :  تعليل النهي في ذيل بعض هذه الأخبار بأ نّه زيادة في المكـتوبة فيظهر من ذلك أنّ سورة العزيمة في حدّ نفسها لا قصور في اتصافها بالوجوب ووقوعها مصداقاً للمأمور به ، فلا يتقيد دليل وجوب السورة بعدمها ، لكونها واجدة لعين الملاك الذي تشتمل عليه سائر السور ، وإنّما المانع من قراءتها لزوم السجود الذي هو زيادة في الفريضة .

   فالصواب :  أنّ النهي في هذه الأخبار إرشاد إلى أمر خارجي ، وهو التحذير

ــ[312]ــ

عن ايقاع المكلّف نفسه في الورطة من دون حزازة في السورة نفسها أصلاً ، وهي أ نّه بعد القراءة إمّا أن يسجد أو لا ، فعلى الأوّل يلزمه إبطال الصلاة ، لمكان الزيادة العمدية ، وهو نقض لغرضه من إتمام الصلاة والمضي فيها فانّ المؤمن المتشـاغل بالصلاة همّه تفريغ الذمة بالامتثال لا الإبطـال ، وعلى الثاني يلزمه ترك السجود الذي هو واجب فوري ، فليس النهي إرشاداً لا إلى المانعية ولا الشرطية ، بل إرشاد إلى ما ذكرناه . وعليه فلو عصى ولم يسجد واسترسل في صلاته صحت وإن كان آثماً .

   ثم لو بنينا على الوجه الثاني ، أعني الارشاد إلى الشرطية وتقيد السورة الواجبة بعدم كونها من العزائم ، فغايته بطلان السورة دون الصلاة ، فلو تداركها وأتى بسورة اُخرى من دون أن يسجد للتلاوة صحت صلاته ، بخلاف ما لو قلنا بالإرشاد إلى المانعية ، فانّها تبطل حينئذ كما هو ظاهر .

   ثم إنّه ربما يستدل على جواز قراءة العزيمة في الصلاة فيسجد لها وتصح صلاته بروايتين ، فتحمل النهي في سائر الأخبار على الكراهة جمعاً .

   إحداهما :  صحيحة علي بن جعفر عن أخيه قال : «سألته عن الرجل يقرأ في الفريضة سورة النجم أيركع بها أو يسجد ثم يقوم فيقرأ بغيرها ؟ قال : يسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب ويركع ، وذلك زيادة في الفريضة ولا يعود يقرأ في الفريضة بسجدة» (1) ، وقد رويت بطريقين في أحدهما ضعف لمكان عبدالله بن الحسن ، والآخر وهو الذي يرويه صاحب الوسائل بطريق الشيخ عن كتاب علي بن جعفر(2) معتبر ، لصحة الطريق .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 106 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 40 ح 4 .

(2) مسائل علي بن جعفر : 185 /  366 .

ــ[313]ــ

   بتقريب أنّ المستفاد منها سؤالاً وجواباً المفروغية عن جواز القراءة ، وإنّما السؤال عن أ نّه متى يسجد وماذا حكمه فارغاً عن عدم قادحية السجدة ؟ وقد أقرّ الإمام (عليه السلام) على هذا المعهود في ذهن السائل غير أ نّه (عليه السلام) نهاه عن العود المحمول على الكراهة بقرينة الصدر ، وحينئذ فقوله «وذلك زيادة في الفريضة» أي شبيهة بها ، لا أ نّه منها ، وإلاّ لحكم (عليه السلام) بالبطلان .

   وفيه :  أنّ قـوله (عليه السلام) : «وذلك زيـادة في الفريضـة» كالصريح في البطلان(1) ، فانّ مبطلية الزيادة العمدية ممّا لا يخفى على أحد فضلاً عن مثل علي ابن جعفر ، فلا وجه لحمله على الشبيه بالزيادة ، ويشهد له قوله (عليه السلام) : «ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب» فانّه لا موجب لقراءتها بعد ما قرأها أوّلاً ، فهو كناية عن البطلان واستئناف الصلاة ، ولا يقدح عدم التعرض لتكبيرة الاحرام إذ قد وقع نظير ذلك في أخبار ركعة الاحتياط كما أشرنا إليه سابقاً (2) ، وعليه فالنهي في الذيل محمول على الارشاد بالمعنى الذي قدّمناه ، ولا موجب لحمله على الكراهة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذه العبارة بمجردها مع الغض عمّا دلّ على مبطلية الزيادة لا ظهور لها في البطلان فضلاً عن الصراحة، ولم يثبت كون المبطلية المزبورة في تلكم الأعصار من الواضحات الجلية ، كيف وكتاب علي بن جعفر المندرج في البحار وقرب الاسناد مليء بالسؤال عن اُمور واضحة في هذه الأعصار بحيث لا يكاد يقع السؤال عنها إلاّ من العوام فكيف يجعل ذلك دليلاً على صراحة الصحيحة في البطلان .

         إلاّ أن يقال : إنّ خفاء المبطلية على الراوي ـ لو سلّم ـ لم يكن قادحاً في الاستدلال ، لظهور الصحيحة في تحقق صغرى الزيادة بمقتضى الأخذ بما هو المنسبق منها من إرادة الزيادة الحقيقية دون التنزيلية ، وبعد الضم إلى الكبرى المستفادة من سائر الأدلة من مبطلية الزيادة العمدية ـ وإن خفيت على الراوي نفسه ـ يتم المطلوب.

(2) في ص 307 .

ــ[314]ــ

   الثانية :  روايته الاُخرى قال : «وسألته عن إمام يقرأ السجدة فأحدث قبل أن يسجد كيف يصنع ؟ قال : يقدّم غيره فيسجد ويسجدون وينصرف وقد تمّت صلاتهم»(1) وهذه صريحة في المطلوب غير أ نّها ضعيفة السند لمكان عبدالله بن الحسن .

   نعم ، رويت بسند آخر صحيح وهو إسناد الشيخ عن أحمد بن محمد عن موسى بن القاسم ، عن علي بن جعفر ، غير أنّ المتن مضطرب لم يعلم أ نّه كما ذكر أم أ نّه هكذا ، «سألته عن إمام قرأ السجدة فأحدث قبل أن يسجد كيف يصنع ؟ قال : يقدّم غيره فيتشهد ويسجد وينصرف هو وقد تمّت صلاتهم»(2) فانّ السندين متحدان، وكذا المتن إلاّ يسيراً، فهما رواية واحدة، فلو كان الصادر عن المعصوم (عليه السلام) هو المتن الثاني كانت الرواية أجنبية عن المقام ، إذ لم يتعرض فيها لسجود المأمومين ، فهي ناظرة إلى عدم وجوب السجود بمجرّد السماع ولا ربط لها بمحل الكلام كما لا يخفى .

   نعم ، هناك رواية اُخرى دلت على جواز قراءة ما عدا آية السجدة ، وهي موثقة عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : في الرجل يسمع السجدة ـ إلى أن قال ـ وعن الرجل يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم ، فقال : إذا بلغ موضع السجدة فلا يقرأها ، وإن أحبّ أن يرجع فيقرأ سورة غيرها ويدع التي فيها السجدة فيرجع إلى غيرها» (3) دلت على جواز قراءة سورة العزيمة في الصلاة ما لم يقرأ آية السجدة ، وأ نّه مخيّر بين الاقتصار عليها والعدول إلى سورة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 106 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 40 ح 5 .

(2) الوسائل 6 : 240 /  أبواب قراءة القرآن ب 42 ح 4 ، التهذيب 2 : 293 / 1178 .

(3) الوسائل 6 : 105 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 40 ح 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net