العلم بفوت ثلاث أو أكثر من الخمس - العلم بفوت صلاة معينة مرات لا يعلم عددها 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4756


   [1799] مسألة 23: إذا علم أنّ عليه ثلاثاً من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس على الترتيب، وإن كان في السفر يكفية أربع صلوات ركعتان مردّدتان بين الصبح والظهر، وركعتان مردّدتان بين الظهر والعصر، ثمّ المغرب، ثمّ ركعتان مردّدتان بين العصر والعشاء.

   وإذا لم يعلم أنّه كان حاضراً أو مسافراً يصلّي سبع صلوات، ركعتين مردّدتين بين الصبح والظهر والعصر((1))(1) ثمّ الظهر والعصر تامّتين، ثمّ ركعتين مردّدتين بين الظهر والعصر، ثم المغرب، ثمّ ركعتين مردّدتين بين العصر والعشاء، ثمّ العشاء بتمامه. ويعلم ممّا ذكرناه حال ما إذا كان أوّل يومه الظهر، بل وغيرها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والصبح، وعلى ما في المتن لم يصحّ منه حينئذ إلاّ العشاء فقط، ولعلّ السقط من النسّاخ(2) .

   (1) لا حاجة الى ضمّ العصر هنا، للاستغناء عنها بضمّها إلى الظهر في الثنائية الثانية كما نبّه الاُستاذ (دام ظلّه) عليه وعلى ما قبله في تعليقته الأنيقة.

   ثم إنّه لا موجب لشرح ما أفاده الماتن (قدس سره) في مطاوي هذه المسائل، فانّه بعد وضوح كبرى المسألة على ما تقدّم والتدبّر في الاستخراج والتطبيق لا طائل في التفصيل فلاحظ.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا حاجة إلى ضمّ العصر إليهما.

(2) وأمّا ما اُورد على المتن في المقام من عدم الحاجة إلى ملاحظة العشاء في الرباعية الاُولى لإغناء ملاحظتها في الرباعية الثانية، فيندفع بلزوم ملاحظتها، رعاية لاحتمال كون الفائتتين هما العشاء والصبح، فانّه على ما ذكره المورِد لم يصحّ منه إلاّ العشاء فقط.

ــ[154]ــ

   [1800] مسألة 24: إذا علم أنّ عليه أربعاً من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس على الترتيب، وإن كان مسافراً فكذلك قصراً، وإن لم يدر أنّه كان مسافراً أو حاضراً أتى بثمان صلوات، مثل ما إذا علم أنّ عليه خمساً ولم يدر أنّه كان حاضراً أو مسافرا.

   [1801] مسألة 25: إذا علم أنّ عليه خمس صلوات مرتّبة ولا يعلم أنّ أولها أيّة صلاة من الخمس أتى بتسع صلوات على الترتيب، وإن علم أنّ عليه ستاً كذلك أتى بعشر، وإن علم أنّ عليه سبعاً كذلك أتى باحدى عشرة صلاة وهكذا. ولا فرق بين أن يبدأ بأيّ من الخمس شاء، إلاّ أنّه يجب عليه الترتيب على حسب الصلوات الخمس إلى آخر العدد. والميزان أن يأتي بخمس، ولا يحسب منها إلاّ واحدة، فلو كان عليه أيّام أو أشهر أو سنة ولا يدري أوّل ما فات، إذا أتى بخمس ولم يحسب أربعاً منها، يتيقّن أنّه بدأ بأوّل ما فات.

   [1802] مسألة 26: إذا علم فوت صلاة معيّنة كالصبح أو الظهر مثلا مرّات ولم يعلم عددها يجوز الاكتفاء بالقدر المعلوم على الأقوى (1)،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) وجوه المسألة بل الأقوال فيها أربعة:

   الأوّل: الاقتصار على المقدار المعلوم كما هو المشهور، وهو الأقوى، وذلك لانحلال العلم الإجمالي الدائر بين الأقلّ والأكثر بالعلم التفصيلي بالأقل والشكّ البدوي في الأكثر.

   وهل المرجع في نفي الأكثر أصالة البراءة أو قاعدة الحيلولة؟ ينبغي التفصيل في ذلك بين ما إذا كان احتمال الفوت مستنداً إلى احتمال الغفلة أو النسيان أو العصيان ونحو ذلك ممّا ينافي ظاهر حال المسلم فالمرجع حينئذ قاعدة الحيلولة، التي هي بمثابة قاعدة الفراغ وأصالة الصحّة في عدم الاعتناء بكلّ احتمال ينافي ظاهر الحال.

ــ[155]ــ

ولكن الأحوط التكرار بمقدار يحصل منه العلم بالفراغ (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فكما لا يعتني باحتمال ترك الجزء أو الشرط بعد الفراغ من العمل كذلك لا يعتني باحتمال ترك الواجب بعد خروج الوقت، لوحدة المناط، وهو منافاة الاحتمال المذكور لطبع المكلّف الذي هو بصدد الامتثال.

   وبين ما إذا استند الاحتمال المذكور إلى سبب آخر كالنوم مثلا كما إذا انتبه من النوم الممتد وشكّ في أنّ نومه استغرق يومين أو ثلاثة مثلا، فانّه لا مجال حينئذ للرجوع إلى قاعدة الحيلولة، فانّها إنّما تتكفّل بنفي احتمال الفوت المستند إلى ما ينافي ظاهر الحال كما عرفت.

   وليس استمرار النوم إلى اليوم المشكوك فيه - بالنسبة إلى من استمرّ نومه - من هذا الباب. فليس المرجع حينئذ إلاّ أصالة البراءة عن وجوب قضاء الزائد على المقدار المتيقّن به ، فانّ القضاء بأمر جديد، وموضوعه الفوت، ولم يحرز ذلك في المقدار المشكوك فيه.

   بل الصحيح هو جريان البراءة عن وجوب الزائد حتّى بناءً على القول بتبعية القضاء للأداء وعدم كونه بأمر جديد، بأن يلتزم بتعدّد المطلوب في الوقت، وذلك للشكّ في أصل حدوث التكليف زائداً على المقدار المعلوم، نظراً إلى الشكّ في تحقّق يوم آخر وقد نام فيه زائداً على الأيام المعلوم تحقّق النوم فيها، فيرجع حينئذ إلى البراءة دون الاستصحاب.

   (1) هذا هو القول الثاني، وقد اختاره صاحب الحدائق (رحمه الله) واستند في ذلك إلى قاعدة الاشتغال بعد تنجّز التكليف بالعلم الإجمالي الدائر بين الأقلّ والأكثر(1) .

   ولكن يتوجّه عليه أنّ المحقّق في محلّه هو انحلال العلم في أمثال المقام إلى علم تفصيلي بالمقدار الأقلّ الذي هو المتيقّن وشكّ بدويّ في الزائد على ذلك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 11: 21.

ــ[156]ــ

خصوصاً مع سبق العلم بالمقدار وحصول النسيان بعده (1)، وكذا لو علم بفوت صلوات مختلفة ولم يعلم مقدارها، لكن يجب تحصيل الترتيب بالتكرار في القدر المعلوم، بل وكذا في صورة إرادة الاحتياط بتحصيل التفريغ القطعي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وحينئذ فيرجع في نفي الزائد إلى اصالة البراءة أو قاعدة الحيلولة لكون الشكّ بعد خروج الوقت.

   (1) هذا هو القول الثالث، وحاصله: التفصيل بين سبق التنجّز وعروض النسيان بعده، وبين عدم السبق كما لو انتبه من النوم الممتدّ فترة من الزمان وشكّ في استمراره يومين أو ثلاثة مثلا، حيث إنّه لم يتنجّز في حقّه التكليف قبل حال الالتفات، فيحكم بوجوب الاحتياط في الأوّل والاقتصار على المقدار المتيقّن به في الثاني.

   وقد بنى على ذلك شيخنا الاُستاذ المحقّق النائيني (قدس سره)، والوجه فيه كما أفاده (قدس سره) في مجلس البحث: أنّه مع سبق العلم قد تنجّز التكليف في حقّ المكلّف، وعروض النسيان بعد ذلك لا يوجب رفع التنجيز، فيكون احتمال الفوت في الزائد على المتيقّن به احتمالا للتكليف المنجّز، إذ هو على تقدير ثبوته فقد تنجّز سابقاً وإن لم يعلم به فعلا، والمرجع في مثل ذلك أصالة الاشتغال دون البراءة(1) .

   وجوابه ظاهر ممّا ذكرناه، وقد ذكره (قدس سره) هو أيضاً(2) غير مرّة من دوران التنجيز مدار المنجّز - بالكسر - حدوثاً وبقاء، ولا يغني الحدوث عن البقاء حتّى في العلم التفصيلي فضلا عن العلم الإجمالي. فاذا علم بحرمة شيء ثمّ زال العلم المذكور بالشك الساري أفهل يتوقّف حينئذ في الرجوع إلى أصالة البراءة.

   ومن المعلوم أنّ العلم الإجمالي لا يزيد في ذلك على العلم التفصيلي، فاذا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1)، (2) فوائد الاُصول 3: 439 - 441.

ــ[157]ــ

علمنا بنجاسة أحد الإناءين ثم علمنا تفصيلا بنجاسة أحدهما بالخصوص كان اللازم قبل حصول العلم الثاني الاجتناب عن كلا الإناءين لأجل العلم الإجمالي المنجّز، وأمّا بعد حصوله وانحلال العلم الإجمالي بانقلابه إلى علم تفصيلي وشكّ بدوي، فلا محالة يرجع في نفي المشكوك فيه إلى أصالة البراءة
لفقد المنجّز بالنسبة إليه بقاءً وإن كان ذلك موجوداً بالنسبة إليه في وقت ما.

   وهذا هو الحال في محّل الكلام، فانّ العلم إنّما كان منجّزاً في ظرف تحقّقه وأمّا في هذه الحال وبعد انحلاله بعلم تفصيلي وشكّ بدوي فلا بقاء له كي يكون منجّزاً، ولا أثر للتنجيز السابق بعد زوال موجبه، فيكون الشكّ في المقدار الزائد شكّاً في التكليف غير المنجّز بالفعل، ويرجع في نفيه إلى أصاله البراءة.

   وأمّا القول الرابع وهو الاكتفاء بالظنّ بالفراغ فقد نسبه في الحدائق(1) - نقلاً عن المدارك(2) - إلى المقطوع به من كلام الأصحاب (قدس سرهم) معترفاً بعدم ورود نصّ في ذلك.

   ولكنّه غير واضح، فانّ العلم الإجمالي الدائر بين الأقلّ والأكثر إن لم ينحلّ وجب الاحتياط بمقدار يحصل معه العلم بالفراغ، عملا بقاعدة الاشتغال كما اختار ذلك صاحب الحدائق (قدس سره)، ولا يكفي حينئذ الظنّ بالفراغ، فانّ الاشتغال اليقيني يستدعي اليقين بالفراغ، ومع الظنّ به يبقى باب الاحتمال مفتوحاً وإن كان الاحتمال موهوماً.

   وإن انحلّ العلم الإجمالي - كما هو الأظهر على ما مرّ - فلا حاجة إلى تحصيل الظن، بل يكفي حينئذ الاقتصار على المقدار المتيقّن به، وينفى الزائد - وإن كان مظنوناً - بالأصل. فهذا القول أردأ الأقوال في المسألة، فانّه إمّا لا يكفي الظنّ أو أنّه لا حاجة إليه بعد عدم الدليل على حجّيته وكونه ملحقاً شرعاً بالشك.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 11: 20.

(2) المدارك 4: 306.

ــ[158]ــ

   نعم، هناك روايتان قد يستدلّ بهما على الاكتفاء بالظنّ في قضاء النوافل مع الجهل بعددها:

   إحداهما: صحيحة مرازم قال: « سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: أصلحك الله، إنّ عليّ نوافل كثيرة فكيف أصنع؟ فقال: أقضها فقال له: إنّها أكثر من ذلك، قال: اقضها، قلت (قال): لا اُحصيها، قال: توخّ ...» الحديث(1) .

   ثانيتهما: رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: «سألته عن الرجل نسي ما عليه من النافلة وهو يريد أن يقضي، كيف يقضي؟ قال: يقضي حتّى يرى أنّه قد زاد على ما يرى عليه وأتم»(2) بناءً على إرادة الظنّ من قوله: «حتّى يرى».

   إلاّ أنّه لا وجه للتعدّي عن موردهما - بعد الغضّ عن سند الثانية ودلالتها - للفرق الظاهر بين الفريضة والنافلة، فانّ العلم قد تعلّق بالحكم الإلزامي في الأوّل فصار الحكم منجّزاً بذلك، وهذا بخلاف النافلة حيث إنّه لا إلزام فيها فيمكن الحكم باستحباب القضاء في النوافل إلى أنّ يحصل الظنّ بقضاء كلّ ما فاته، فانّ ذلك نحو من الاحتياط الذي هو حسن على كلّ حال.

   وأمّا الفرائض فحيث كان الحكم الثابت فيها إلزامياً كان اللازم - بناءً على عدم الانحلال - هو الخروج عن عهدته بدليل قاطع، وليس الاكتفاء بالظنّ هنا أولى منه هناك.

   نعم، بناء على الانحلال تتمّ الأولوية، فانّه - بعد اشتراك الموردين في عدم الإلزام بالنسبة إلى المشكوك فيه - إذا ثبت استحباب الامتثال الظنّي في النوافل ثبت ذلك في الفرائض بالأولوية كما لا يخفى.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4: 78/ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 19 ح 1.

(2) الوسائل 4: 79/ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 19 ح 3.

ــ[159]ــ

   ثم إنّه في المقام رواية ثالثة باطلاقها تشمل الفرائض أيضاً، والمظنون قوياً أنّها هي المستند لفتوى المشهور بالاكتفاء [بالظنّ] بالفراغ، وهي رواية إسماعيل ابن جابر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «سألته عن الصلاة تجتمع عليّ قال: تحرّ واقضها»(1) .

   ولكنّها ضعيفة السند بمحمّد بن يحيى المعاذي الذي يروي عنه محمّد بن أحمد بن يحيى، فقد ضعّفه الشيخ (رحمه الله) صريحاً(2) واستثناه ابن الوليد - وتبعه الصدوق وابن نوح - من روايات محمّد بن أحمد بن يحيى(3) .

   ودلالة، فانّ قوله: «تجتمع عليّ» بصيغة المضارع ظاهر في الدوام والاستمرار بمعنى جريان العادة من إسماعيل بن جابر على ذلك، وهو بعيد جدّاً، بحيث لا يحتمل في حقّه وهو الثقة الممدوح من أصحاب الصادقين (عليه السلام) أن تفوته الفرائض مكرّراً وعلى سبيل الاستمرار بمثابة يصبح ذلك عادة له.

   فانّ من الظاهر الفرق بين قول القائل: اجتمعت ... بصيغة الماضي، وبين قوله: تجتمع ... بصيغة المضارع، حيث يكون الثاني ظاهراً في الدوام والاستمرار.

   فلا مناص إذن من أن يكون المراد بالصلاة فيها النوافل خاصّة، ولا مانع من تكرّر فوتها منه عدة مرّات في الاُسبوع أو الشهر، كما يتّفق ذلك كثيراً لغالب الأشخاص، وعليه فلا تدلّ الرواية على كفاية التحرّي - وهو الأخذ بالأحرى، أي الظنّ - بالنسبة إلى الفرائض أيضاً، بل الصحيح أن الظنّ حينئذ إمّا غير كاف أو غير لازم حسبما عرفت.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4: 78/ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 19 ح 2.

(2) رجال الطوسي: 438/6263، وقد صرّح بضعفه في ترجمة رقم 6267.

(3) كما ذكره النجاشي في رجاله: 348/939.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net