انكشاف بطلان الإجارة بعد العمل - التزاحم بين فريضة الوقت وبين ما استؤجر عليه 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3615


ــ[255]ــ

   [1835] مسألة 23: إذا تبيّن بطلان الإجارة بعد العمل استحقّ الأجير اُجرة المثل بعمله، وكذا إذا فسخت الإجارة من جهة الغبن لأحد الطرفين (1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دين الغير، الجائز ببناء العقلاء والنصوص الخاصّة(1). فيستحقّ الاُجرة بعد انطباق ما اشتغلت به الذمّة من الطبيعي على فعل المتبرّع كما هو ظاهر.

   وأمّا إذا كانت الإجارة واقعة على العمل المباشري فقط فلا ينفع فعل المتبرّع بالنسبة إلى الأجير، وإن انتفع الميّت به بفراغ ذمّته، فتعود الفائدة منه إليه فقط، وليس للأجير الاكتفاء به.

   وفي انفساخ الإجارة حينئذ ما تقدّم في التبرّع عن الميّت، فيحكم بالانفساخ مع وقوع الإجارة على عنوان التفريغ وعجز الأجير من ذلك حدوثاً وبقاءً، وبثبوت الخيار مع العجز الطارئ. كما أنّه مع تعلّق الإجارة بالصلاة بداعي التفريغ يحكم بلزوم العقد، فيجب على الأجير الإتيان بالعمل ثانياً، لاحتمال الفساد الواقعي في فعل المتبرّع على التفصيل المتقدّم فلاحظ.

   (1) إذا انكشف بطلان الإجارة لفقد شرط من شروطها كما إذا كانت المدّة مجهولة، أو اُكره أحدهما على العقد، أو انكشف موجب للخيار كالغبن من أحد الطرفين ففسخ صاحبه، إلى غير ذلك من موجبات الانحلال حدوثاً أو بقاءً فان لم يكن الأجير قد أتى بشيء فلا كلام.

   وأمّا إذا كان آتياً بالعمل كلا أو بعضاً استحق من اُجرة المثل بمقدار ما عمله وذلك لقاعدة: كلّ ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده. والإجارة من العقود الضمانيّة، ففاسدها يوجب الضمان باُجرة المثل كما يوجب صحيحها ضمان المسمّى.

   والمستند لهذه القاعدة أنّ المقْدِم على المعاملة الضمانيّة لم يقدِم على إتلاف ماله أو عمله مجّاناً، بل بازاء عوض، وحيث كان عمله في المقام محترماً استحقّ الاُجرة بازائه لا محالة.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 20: 46 / أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب 12 ح 6 وغيره.

ــ[256]ــ

   [1836] مسألة 24: إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال من يوم معيّن إلى الغروب فأخّر حتّى بقي من الوقت مقدار أربع ركعات ولم يصلّ صلاة عصر ذلك اليوم، ففي وجوب صرف الوقت في صلاة نفسه أو الصلاة الاستئجارية إشكال((1)) من أهمّية صلاة الوقت، ومن كون صلاة الغير من قبيل حقّ الناس المقدّم على حقّ الله (1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) موضوع البحث هو ما إذا وقعت المزاحمة بين فريضة الوقت وبين واجب آخر مالي، من دون فرق بين الصلاة الاستئجارية وغيرها، كما إذا وقعت المزاحمة بين فريضة الوقت وبين الخياطة أو الكتابة ونحوهما لكونه أجيراً على الإتيان بذلك، وكما إذا كان دين مطالب مزاحم بفريضة الوقت. فلا يختصّ ذلك بما فرضه المصنف (قدس سره) في المتن، لعموم الملاك.

   وكيف كان، فقد استشكل (قدس سره) في تقديم أحدهما على الآخر من جهة أهميّة فريضة الوقت، ومن كون الواجب الآخر من حقّ الناس المقدّم على حقّ الله تعالى.

   ولكن لا مجال لذلك، بل لا ينبغي التأمّل في تقديم فريضة الوقت، فانّ الصلاة عمود الدين(2) وممّا بني عليها الإسلام(3) وهي المائز بين المسلم والكافر(4) ، إلى غير ذلك ممّا ورد في أخبار الباب، الكاشف ذلك عمّا لها من أهميّة بالإضافة إلى سائر الواجبات إلاّ النادر منها كحفظ النفس المحترمة وحفظ بيضة الإسلام. فهي مقدّمة على غيرها من الواجبات عند المزاحمة، ولا تحتمل أهميّة غيرها كي يتردّد في المسألة.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا ينبغي الإشكال في تقدّم صلاة نفسه.

(2) الوسائل 4: 27 / أبواب أعداد الفرائض ب 6 ح 12.

(3) الوسائل 1: 13 / أبواب مقدمة العبادات ب 1.

(4) الوسائل 4: 42 / أبواب أعداد الفرائض ب 11 ح 6، 7.

ــ[257]ــ

   وأمّا لزوم تقديم حقّ الناس على حقّ الله سبحانه فيختصّ بموارد تساوي الواجبين المتزاحمين في الرتبة مع زيادة أحدهما على الآخر بكونه حقّ الناس كما لو كان مكلّفاً بالحج من السنة السابقة وكان مكلّفاً بأداء الدين أيضاً، فانّ هذه المزيّة في مسألة الدين تستوجب أهميّة أحد المتزاحمين بالنسبة إلى الآخر
قطعاً أو احتمالا فيتقدّم.

   ولا يتمّ ذلك فيما إذا اختلف المتزاحمان في المرتبة وبحسب الملاك بأن كان أحدهما أهمّ من الآخر مطلقاً حتّى ولو كان الآخر حقّاً مالياً كما في المقام، فانّ الأهم حينئذ يتقدّم على غيره قطعاً، ولا مجال فيه للترديد، فضلا عن تقديم الحقّ المالي على الحق الإلهي.

   وقد يقال بانفساخ الإجارة في مفروض الكلام، فانّ صحّتها مشروطة بالقدرة على العمل حدوثاً وبقاء. فلو طرأ العجز وتعذّر العمل بقاء ولو لأجل المانع الشرعي الذي هو في حكم المانع العقلي كشف ذلك عن بطلان العقد من أوّل الأمر، لارتفاع الموضوع، فلا تصل النوبة إلى المزاحمة حتى يتردّد في التقديم.

   وفيه ما لا يخفى، لعدم الدليل على الاشتراط بالقدرة بقاءً، وإنّما المعتبر هي القدرة على الفعل حدوثاً فقط، ليكون مالكاً له حال التمليك، فلا يكون العجز الطارئ قادحاً في صحّة التمليك ولزومه لا في الإجارة ولا في البيع كما مرّت الإشارة إليه(1).

   فالمدار في الصحة حدوثاً وبقاءً على مجرّد القدرة على التسليم حدوثاً، أي في ظرف التمليك، حتّى لا يملّك ما لا سلطنة له عليه، وهو متحقّق في المقام، لا أنّ الصحة بقاءً تدور مدار القدرة بقاءً، نعم العجز الطارئ يوجب الانتقال إلى البدل، فيرجع المستأجر في المقام إلى الأجير باُجرة المثل، كما أنّ للأجير أن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 254.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net