الاقتداء بمن يتخيّل أنّه مجتهد أو كان مقلّداً لمن ليس أهلاً للتقليد 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3780


ــ[332]ــ

   [1959] مسألة 37 : لا يجوز الاقتداء بإمام يرى نفسه مجتهداً وليس بمجتهد (1) مع كونه عاملا برأيه ، وكذا لا يجوز الاقتداء بمقلّد لمن ليس أهلا للتقليد إذا كانا مقصّرين في ذلك ، بل مطلقاً على الأحوط ، إلاّ إذا علم أنّ صلاته موافقة للواقع من حيث إنّه يأتي بكلّ ما هو محتمل الوجوب من الأجزاء والشرائط ويترك كلّ ما هو محتمل المانعية ، لكنّه فرض بعيد ، لكثرة ما يتعلّق بالصلاة من المقدّمات والشرائط والكيفيات وإن كان آتياً بجميع أفعالها وأجزائها . ويشكل حمل فعله على الصحّة مع ما علم منه من بطلان اجتهاده أو تقليده .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا إثباتاً . فهي ضعيفة سنداً ومتناً ودلالة .

   فالأقوى عدم وجوب الإعلام لا بعد الفراغ ولا في الأثناء ، فيما عدا الصورة التي ذكرناها التي هي فرض نادر التحقّق كما أشرنا إليه ، نعم هو أحوط في الأثناء ، رعاية للإجماع المدّعى عليه .

   (1) أمّا إذا كان مقصّراً في اعتقاد الاجتهاد ، أو في تقليده لمن ليس أهلا للتقليد ، فلا إشكال في عدم جواز الاقتداء به وإن طابق عمله للواقع وأتى بكلّ ما يراه المأموم معتبراً ، لفقده شرط العدالة المعتبر في الإمامة كما هو واضح .

   وأمّا إذا كان قاصراً في أحد الأمرين فللمسألة صور :

   الاُولى : أن يعلم بمطابقة عمله للواقع ، لإتيانه بكلّ ما هو محتمل الوجوب من الأجزاء أو الشرائط ، وتركه لكلّ ما هو محتمل المانعية ، أو يعلم بموافقة رأيه أو رأي من يقلّده لرأي المأموم أو من يقلّده . ولا ينبغي الإشكال في جواز الائتمام به حينئذ ، فانّ صلاته صحيحة عند المأموم حسب الفرض ، وهو عادل بعد أن كان قاصراً معذوراً في زعم الاجتهاد أو التقليد الباطل ، وهذا ظاهر .

   الثانية : أن يعلم بمخالفة رأيه أو رأي مقلّده لرأي المأموم أو من يقلده . وهذا على نحوين : إذ تارة يتعلّق الاختلاف بالأركان ، واُخرى بما عداها .

ــ[333]ــ

   أمّا في غير الأركان كما لو كان رأي الإمام جواز الاقتصار على الواحدة في التسبيحات الأربع ، أو عدم وجوب جلسة الاستراحة ، والمأموم يرى الوجوب أو التثليث ، فالظاهر جواز الائتمام أيضاً ، لصحّة صلاة الإمام حينئذ حتّى واقعاً ، بمقتضى حديث لا تعاد ، الشامل لمطلق المعذور وإن لم يتعلّق به حكم ظاهري من أجل فساد زعمه الموجب لكون ما اعتقده من الصحّة أمراً خيالياً لا شرعياً ظاهرياً ولا واقعياً ، إذ لا يدور شمول الحديث مدار تعلّق الأمر الظاهري ، بل هو عامّ لكافّة المعذورين ومنهم المقام .

   فلا فرق بين ما نحن فيه وبين ائتمام أحد المجتهدين المختلفين في الفتوى بالآخر ، الذي عرفت صحّته سابقاً(1) إذا كان الاختلاف فيما عدا الأركان ، في أنّ كلا منهما مشمول لحديث لا تعاد ، وإن اختصّ أحدهما بالحكم الظاهري لصحّته في دعوى الاجتهاد دون الآخر .

   وأمّا إذا تعلق الاختلاف بالأركان كما لو اختلفا في موارد التيمّم والجبيرة أو الركوع والإيماء إليه ، أو في خصوصيات الغسل ونحو ذلك ممّا هو داخل في عقد الاستثناء من حديث لا تعاد ، فحيث إنّ المأموم يرى بطلان صلاة الإمام حينئذ بحسب الواقع ـ وإن كان هو معذوراً فيه لقصوره ـ لا يسوغ له الائتمام به ، كما كان هو الحال في المجتهدين أو المقلّدين لمجتهدين مختلفين في الفتوى على ما ذكرناه سابقاً .

   وعلى الجملة : لا فرق بين المجتهد أو المقلّد بالميزان الصحيح وبين من يزعم الاجتهاد أو من يقلّد من لا أهليّة له في جريان التفصيل الذي ذكرناه سابقاً بين الأركان وغيرها ، من صحّة الائتمام في الثاني لحديث لا تعاد دون الأوّل وأنّ الحديث إن جرى ففي كليهما ، وإلاّ فلا يجري في شيء منهما . ومجرّد اختصاص أحدهما بالحكم الظاهري دون الآخر لا يصلح فارقاً فيما نحن فيه
بعد شمول الحديث لمطلق المعذور كما عرفت .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 301 ـ 302 .

ــ[334]ــ

   الثالثة : أن لا يعلم المأموم بموافقة رأي الإمام أو من يقلّده مع رأيه أو رأي من يقلّده ، واحتمل الاختلاف بين الرأيين . والظاهر عدم جواز الائتمام حينئذ بعد احتمال البطلان في صلاة الإمام ، وعدم طريق إلى إحراز صحّتها .

   وربما يقال بالجواز ، استناداً إلى أصالة الصحّة الجارية في صلاة الإمام .

   وفيه : ما لا يخفى ، لما ذكرناه في الاُصول(1) من عدم جريان الأصل المزبور في موارد احتمال الصحّة من أجل المصادفات الاتّفاقية ، من غير فرق بين الشبهات الحكمية والموضوعية .

   فانّ المستند في هذا الأصل إنّما هي السيرة العملية أو بناء العقلاء ، وكلاهما دليل لبّي لابدّ من الاقتصار فيه على المقدار المتيقّن ، وهو ما إذا كان الشكّ في الصحّة ناشئاً من احتمال الإخلال في امتثال الوظيفة المعلومة لديه لغفلة ونحوها .

   وأمّا مع العلم بجهله بها واحتمال الصحّة لمجرّد المصادفة الواقعية فالسيرة وبناء العقلاء غير شاملين لمثل ذلك قطعاً ، ولا أقلّ من الشكّ ، وهو كاف في المنع بعد أن لم يكن المستند دليلا لفظياً كي يتمسّك باطلاقه ، من غير فرق بين الشبهة الحكمية كما لو رأينا أحداً يصلّي على الميّت مع علمنا بعدم معرفته لكيفية الصلاة لكن احتملنا إتيانه للتكبيرات الخمس صحيحة من باب الاتّفاق ، أو الموضوعية كما لو رأينا زيداً يصلّي إلى جهة غافلا عن القبلة ومن غير تحقيق عنها ، واحتملنا المطابقة معها صدفة واتّفاقاً ، فانّه لا ريب في عدم جريان أصالة الصحّة في أمثال هذه الموارد .

   والمقام من هذا القبيل ، إذ بعد علمنا بخطأ الإمام في اعتقاد الاجتهاد أو التقليد فهو لدينا جاهل بالحكم ، وغير عالم بالوظيفة ، فاحتمال الصحّة في صلاته حينئذ لا منشأ له عدا احتمال المصادفة للواقع من باب الاتّفاق ، ومثله

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 3 : 325 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net