الشك في فعل السابقة من المترتبتين في الوقت المشترك 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4639


   إنّما الكلام فيما إذا علم بالإتيان بالمترتّبة كالعصر أو العشاء وقد شكّ في الوقت في الإتيان بالسابقة كالظهر أو المغرب ، فهل يجب الاعتناء حينئذ أيضاً أم لا ؟

   قد يفرض عروض الشك في الوقت المشترك ، واُخرى في الوقت المختص فهنا مقامان :

   أمّا المقام الأوّل :  فقد احتمل فيه الماتن جواز البناء على أ نّه صلاها . وربما يستدلّ له بوجهين :

   أحدهما :  ما رواه ابن إدريس في آخر السرائر نقلاً من كتاب حريز بن عبدالله عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : إذا جاء يقين بعد حائل قضاه ومضى على اليقين ، ويقضي الحائل والشكّ جميعاً ، فان شكّ في الظهر فيما بينه وبين أن يصلّي العصر قضاها ، وإن دخله الشكّ بعد أن يصلّي العصر فقد مضت إلاّ أن يستيقن ، لأنّ العصر حائل فيما بينه وبين الظهر ، فلا يدع الحائل لما كان من الشكّ إلاّ بيقين» (2) .

 ـــــــــــــ
(2) الوسائل 4 : 283 /  أبواب المواقيت ب 60 ح 2 ، السرائر 3 : 558 .

ــ[114]ــ

   وفيه :  ما ذكرناه غير مرّة من أنّ طريق ابن إدريس إلى كتاب حريز مجهول فالرواية في حكم المرسل فلا يعتمد عليها ، ويزيدها وهناً أ نّها غير مذكورة في شيء من الكتب الأربعة مع بناء المشايخ الثلاثة على النقل عن كتاب حريز كما صرّح به الكليني والصدوق في ديباجتي الكافي(1) والفقيه (2) .

   ثانيهما :  قاعدة التجاوز التي يثبت بها وجود صلاة الظهر، فانّها تشمل الأجزاء وغيرها من الأعمال المسـتقلّة التي لها محلّ معـيّن ، كما يكشف عنه تطبيقها في صحيح زرارة على الأذان والإقامة .

   أقول :  قد ذكرنا في الاُصول (3) أنّ قاعدة التجاوز المتقوّمة بالشكّ في الوجود لا في صحّة الموجود سواء أكانت جارية في الأجزاء أم في غيرها يعتبر فيها التجاوز عن المشكوك، وبما أنّ التجاوز عن نفسه غير معقول، لفرض الشكّ في أصل وجوده ، فلا جرم يراد به التجاوز عن محلّه المقرّر له شرعاً بالدخول في الجزء المترتّب عليه ، فانّ محلّ التكبير قبل القراءة ، وهي قبل الركوع ، وهو قبل السجود وهكذا ، كما أنّ محلّ الأذان قبل الإقامة فلا يشرع بعدها ، فلو شكّ في شيء من ذلك وقد خرج عن محلّه لا يلتفت إليه .

   وهذا المعنى غير متحقّق في المترتّبتين كالظهرين والعشاءين ، ضرورة أنّ ما له المحلّ منهما إنّما هي الصلاة المترتّبة كالعصر والعشـاء ، فهي التي اعتبر فيها التأخّر وكان محلّها الشرعي بعد الظهر والمغرب ، وأمّا السابقة فلا محلّ لها أصلاً ولم يعتبر فيها القبلية أبداً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [  لم نجد له تصريحاً بذلك ] .

(2) الفقيه 1 : 3 .

(3) مصباح الاُصول 3 : 279 .

ــ[115]ــ

   وقد ذكرنا في محلّه (1) أنّ قوله (عليه السلام) : «إلاّ أنّ هذه قبل هذه» (2) إشارة إلى ما هو المتعارف بحسب الوجود الخارجي ، ويشتمل على نوع مسامحة في التعبير ، أو أ نّه تفنّن في العبارة . والمراد أنّ هذه بعد هذه ، وإلاّ فاتصاف الظهر أو المغرب بالقبلية غير معتبر في صحّتها قطعاً .

   فلو صلّى الظهر بانياً على ترك العصر عمداً وعصياناً ولم يأت بها بعدها أبداً صحّ الظهر بلا إشكال ، وإن كان آثماً في ترك العصر . أو لو قدّمها نسياناً فتذكّر بعد الفراغ عدم الإتيان بالظهر أتى بها ، ولا حاجة إلى إعادة العصر رعاية للقبلية ، والترتيب المعتبر في العصر ذكري لا يلزم تداركه ، بمقتضى حديث لا تعاد . أو لو فرضنا أ نّه أتى بالظهر ونسي العصر رأساً لم يفت منه من وظيفة الظهر شيء ، وحصل الامتثال بالنسبة إليه بلا إشكال .

   فيستكشف من جميع ذلك أ نّه لا يشترط في الظهر تقدّمه على العصر ، بل العصر مشروط بتقدّم الظهر عليه . إذن فليس للظهر محلّ شرعي كي تجري فيه قاعدة التجاوز بلحاظ الخروج عن محلّه .

   والذي يكشف عمّا ذكرناه أ نّه لو كان له محلّ شرعي كان اللاّزم جريان قاعدة التجاوز لو عرض له الشكّ أثناء صلاة العصر أيضاً ، إذ بمجرّد الدخول فيها يتجاوز المحلّ ، ولا ينـاط ذلك بالفراغ عنها قطعاً . ولا نظنّ فقيهاً يلتزم بذلك ، بل لا بدّ من الاعتناء حينئذ والعدول إليها .

   وكيف ما  كان ، فلا ينبغي التأمّل في عدم جريان القاعدة في المترتّبتين ، بل لا بدّ من الاعتناء والإتيان بالسابقة من الظهر أو المغرب ، للاستصحاب أو لا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [ لم نعثر على ذلك ، نعم أشار إليه في شرح العروة 11 : 210، 409 ، مصباح الاُصول 3 : 316 ـ 317 ] .

(2) الوسائل 4 : 126 /  أبواب المواقيت ب 4 ح 5 وغيره .

ــ[116]ــ

أقلّ من قاعدة الاشتغال كما مرّ .

   نعم ، في الظهرين حيث يحتمل احتساب العصر المقدّم بدلاً عن الظهر ولزوم الإتيان بالعصر بعد ذلك ، لقوله (عليه السلام) في النصّ الصحيح : «إنّما هي أربع مكان أربع» (1) كان الأولى الإتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمّة من دون نيّة الظهر أو العصر كما مرّ التعرّض له في مبحث الأوقات (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 290 /  أبواب المواقيت ب 63 ح 1 .

(2) شرح العروة 11 : 205 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net