الثامن:الشك بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام \ التاسع:الشك بين الخمس والست حال القيام 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3944


   الثامن : الشكّ بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام ، فيهدم القيام ويرجع شكّه إلى الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع فيتمّ صلاته ويعمل عمله .

 

ــ[201]ــ

   التاسع : الشكّ بين الخمس والستّ حال القيام ، فانّه يهدم القيام فيرجع شكّه إلى ما بين الأربع والخمس ، فيتمّ ويسجد سجدتي السهو مرّتين ((1)) إن لم يشتغل بالقراءة أو التسبيحات ، وإلاّ فثلاث مرّات ، وإن قال : «بحول الله» فأربع مرّات، مرّة  للشكّ  بين  الأربع  والخمس  وثلاث مرّات لكلّ من الزيادات من قوله : «بحول الله» والقيام والقراءة أو التسبيحات . والأحوط في الأربعة المتأخّرة بعد البناء وعمل الشكّ إعادة الصلاة أيضاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وحكم الكلّ أ نّه يهدم القيام ويجلس ، فيرجع شكّه بعدئذ إلى أحد الشكوك المنصوصة المتقدّمة ، ويعمل بموجبها . ففي الأوّل يرجع شكّه بعد الهدم إلى الشكّ ما بين الثلاث والأربع ، وفي الثاني إلى ما بين الاثنتين والأربع ، وفي الثالث إلى ما بين الاثنتين والثلاث والأربع ، وفي الرابع إلى ما بين الأربع والخمس ، فيعمل على حسب وظيفته في هذه الشكوك التي مرّت أحكامها .

   نعم ، ذكر (قدس سره) في خصوص الأخير أ نّه يأتي بسجدتي السهو مرّتين مرّة لأجل الشكّ بين الأربع والخمس ، ومرّة اُخرى لأجل القـيام الزائد ، ولو كان قد أتى بزيادات اُخرى من القراءة أو التسبيحات أو قولِ «بحول الله» ، أتى بالسجدتين لكلّ واحدة من تلك الزيادات .

   أقول :  لا بدّ من التكلّم في جهتين : الاُولى : في حكم الشكوك المزبورة مع كونها غير منصـوصة . الثانية : فيما أفاده (قدس سره) من تخصيص الأخير بسجدتي السهو لأجل القيام الزائد مع كونه مشتركاً فيه في جميع هذه الفروض الأربعة ، فما هو الموجب للتخصيص ؟

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

ــ[202]ــ

   أمّا الجهة الاُولى :  فالمشهور والمعروف هو ما عرفت من هدم القيام والعمل بعد رجوع الشكّ إلى أحد الشكوك المنصوصة المتقدّمة بموجبها .

   وعن بعضهم البطلان ، نظراً إلى انتفاء النصّ في المقام ، ولا دليل على الهدم وإرجاع الشكّ إلى شكّ آخر . وأدلّة الشكوك المنصوصة منصرفة إلى ما كان كذلك ابتداءً ، لا ما كان منقلباً عن شكّ آخر . وحينئذ فمقتضى القاعدة البطلان إمّا لقاعدة الاشتغال ، أو لإطلاق صحيحة صفوان المتقدّمة (1) بعد وضوح عدم الرجوع إلى الاستصحاب ، لإلغائه في هذا الباب .

   ولكنّ الصحيح ما عليه المشهور ، فانّ الشكوك المزبورة وإن كانت مغايرة بحسب الصورة لموارد الشكوك المنصوصة ، إلاّ أ نّها راجعة إليها لدى التحليل ومشـمولة لإطلاق أدلّتها حتّى قبل هدم القيام ، من غير حاجة إلى الهدم ثمّ الإرجاع ليورد بعدم الدليل على الهدم .

   فالشاكّ بين الأربع والخمس حال القيام يصدق في حقّه وقتئذ حقيقة أ نّه لم يدر ثلاثاً صلّى أم أربعاً ، المأخوذ موضوعاً للحكم بالبنـاء على الأربع في صحيحة الحلبي والبقباق وغيرهما (2) ، فانّه وإن كان شاكاً في أنّ ما بيده هل هي الرابعة أم الخامسة إلاّ أنّ مرجع ذلك إلى الشكّ في أ نّه هل دخل في الرابعة أم في الخامسة ، وهو عين الشكّ في أ نّه هل صلّى ثلاثاً أم أربعاً ، إذ لو كان دخل في الرابعة فقد صلّى الثلاث ، ولو كان داخلاً في الخامسة فقد صلّى الأربع فيندرج في موضوع النصّ المزبور حقيقة ، فيبني على الأربع ويلزم عليه هدم القيام ، لأ نّه وقع زائداً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 151 .

(2) وقد تقدّمت في ص 187 .

ــ[203]ــ

   نعم ، بعض تلك النصوص كصحيحة زرارة : «إذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع... » إلخ (1) غير منطبق على المقام كما لايخفى، إلاّ أنّ بعضها الآخر كالصحيحة المزبورة ونحوها غير قاصر الشمول لما نحن فيه كما عرفت .

   وكذا الحال في الشاكّ بين الخمس والستّ حال القيام ، فانّه يصدق حينئذ حقيقة أ نّه لم يدر أربعاً صلّى أم خمساً ، المحكوم بوجوب البناء على الأربع في صحيحة عبدالله بن سنان وغيرها (2) بالتقريب المتقدّم آنفاً ، نعم يختصّ ذلك بما إذا لم يكن داخلاً في الركوع، وإلاّ كانت الصلاة باطلة ، للعلم بالزيادة القادحة وهي الركوع فقط ، أو هو مع الركعة التامّة، فتكون الصلاة فاسدة على أيّ حال . وممّا ذكرنا يظهر الحال في الشكّين الآخرين .

   وبالجملة :  فاطلاق الدليل في الشكوك المنصوصة غير قاصر الشمول لجميع الفروض الأربعة المتقدّمة ، وهي بعينها من مصاديق العناوين المأخوذة في تلك الأدلّة من غير حاجة إلى قلب الشكّ وإرجاعه إليها بعد الهدم .

   وعمدة السرّ هي ما عرفت من أنّ الموضوع في تلك الأدلّة الشكّ في عدد الركعات التامّة الصادرة منه خارجاً وأ نّه صلّى أربعاً أو خمساً مثلاً ، أو ثلاثاً أو أربعاً وهكذا ، لا في عدد الناقصة وأنّ ما بيده أيّ شيء ، وذاك الموضوع بعينه محفوظ حتّى بعد الدخول في الركعة الاُخرى .

   وممّا ذكرنا تعرف ما في كلام الماتن وغيره من المسامحة ، حيث عبرّوا برجوع الشكّ إلى ما سبق بعد الهدم والجلوس ، مع أ نّه راجع إليه قبل الهدم أيضاً حسبما عرفت .

   وأمّا الجهة الثانية :  فالكلام من حيث سـجود السهو لما عدا القيام من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) وقد تقدّمت في ص 187 ، 198 .

ــ[204]ــ

القراءة ونحـوها موكول إلى محلّه (1) عند البحث عن أنّ سجدة السهو هل تجب لكلّ زيادة ونقيصة أم تختصّ بالموارد المنصوصة ، وستعرف الحال فيها إن شاء الله تعالى .

   وأمّا من حيث القيام فالصحيح هو ما أفاده الماتن (قدس سره) من التخصيص بالقسم الأخير ، وعدم انسحابه إلى بقية الفروض وإن شاركته في زيادة القيام .

   والوجه في ذلك : ما أشرنا إليه في مطاوي بعض الأبحاث السابقة من أنّ الأدلّة المتكفّلة لإثبات حكم لعنـوان الزيادة ، سواء أكان هو البطلان كما في موارد الزيادة العمدية ، أم كان سجود السهو كما في زيادة القيام سهواً أو غيره ـ  بناءً على ثبوته لكلّ زيادة ونقيصة  ـ منصرفة إلى ما إذا أوجد الزائد ابتداءً .

   ولا تعمّ ما إذا أحـدث وصف الزيادة لما كان ، بأن عمل عملاً استوجب اتصاف ما صدر منه سابقاً بعـنوان الزيادة ، كما لو شرع في السورة وقبل بلوغ النصف بدا له في العدول إلى سورة اُخرى الموجب لاتصاف ذاك النصف بصفة الزيادة بقاءً وإن لم يكن كذلك حـدوثاً ، أو تلفّظ بكلمة من الآية ثمّ مكث مقداراً فاتت معه الموالاة المعتبرة بينها وبين الكلمة اللاّحقة الموجب لإعادتها أو تلفّظ ببعض الكلمة كـ (ما) في مالك فلم يتمّها ورفع اليد عنها ولو عامداً ثمّ أعادها .

   ففي جميع ذلك يحكم بالصحّة ولو كان متعمّداً ، ولا تكون مشمولة لأدلّة الزيادة العمدية ، لاختصاصها ـ كما عرفت ـ بما إذا أوقع الزائد ، لا ما إذا أعطى صفة الزيادة لما وقع ، وكذا الحال في موجبات سجود السهو فلا نعيد .

   وعليه فبما أنّ القيام في القسم الأخير موصوف بالزيادة من حين حدوثه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 361 .

ــ[205]ــ

لفرض القطع بتحقّق الأربع الذي هو لازم الشكّ بين الخمس والستّ ، فهو موجب لسجود السهو بلا إشكال ، وأمّا في بقية الفروض فلم تحرز الزيادة لدى الحدوث، لجواز كونه واقعاً في محلّه بحسب الواقع، وإنّما عرضت له صفة الزيادة بعد حصول الشكّ وحكم الشرع بالبناء على الأربع المستتبع للهدم ، وإلاّ فلولا الشكّ وحكم الشرع لم تكن الزيادة محرزة للقيام أبداً . فهي صفة عارضة وحالة طارئة ، وقد عرفت أنّ أدلّة الزيادة منصرفة عن مثل ذلك .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net