سجود السهو واجب فوري - المبادرة إلى السجود فوراً ففوراً لو لم يأت به 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4207


ــ[380]ــ

   [ 2107 ] مسألة 6 : يجب الإتيان به فوراً فان أخّر عمداً عصى ولم يسقط ، بل وجبت المبادرة إليه ((1)) وهكذا (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) المشهور بين الأصحاب كما في الحدائق(2) وغيره أنّ وجوب سجدة السهو فوري ، فلو أخّر عامداً عصى ولم يسقط ، بل تجب المبادرة فوراً ففوراً ، نظير صلاة الآيات في غير الموقّتات كالزلزلة التي يجب الإتيان بها ما دام العمر وتقع أداءً . فان تمّ إجماع على ذلك فهو ، وإلاّ فاثباته بحسب الصناعة مشكل جدّاً .

   ويقع الكلام تارة في أصل ثبوت الفورية ، واُخرى في أ نّه على تقدير الثبوت لو أخّر عمداً هل تجب المبادرة والإتيان فوراً ففوراً ، أم أنّ التكليف ساقط حينئذ رأساً .

   أمّا الجهة الاُولى : فان أريد بالفورية الفورية الحقيقية أي الإتيان بعد التسليم بلا فصل فهذا لا دليل عليه بعد وضوح عدم اقتضاء الأمر للفور كما حقّق في الاُصول (3) ، ومقتضى الأصل البراءة عنه .

   وإن اُريد بها الفورية العرفيـة أي الإتيـان بعد التسليم وقبل ارتكاب المنافيات حتّى مثل الفصل الطويل الماحي للصورة ، فهذا يمكن أن يستدلّ له بجملة من النصوص :

 منها : صحيحة عبدالله بن سنان : «إذا كنت لا تدري أربعاً صلّيت أم خمساً فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك... » إلخ(4)، فانّ المنسبق إلى الذهن من البعديّةِ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

(2) الحدائق 9 : 344 .

(3) محاضرات في اُصول الفقه 2 : 213 .

(4) الوسائل 8 : 224 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 14 ح 1 .

 
 

ــ[381]ــ

البعديّةُ القريبة المساوقة للفورية العرفية في قبال الإتيـان قبل التسليم ، لا ما يشمل البعيدة والفترة الطويلة كشهر مثلاً ، فانّه مخالف للمتفاهم العرفي عند إطلاق هذا اللفظ كما لا يخفى .

   وأوضح منها صحيحة أبي بصير : «إذا لم تدر خمساً صلّيت أم أربعاً فاسجد سـجدتي السهو بعد تسـليمك وأنت جالس ، ثمّ سلّم بعدهما» (1) ، ضرورة أنّ السجود لا يتحقّق حال الجلوس ، فانّه هيئة خاصّة مباينة للجلوس وللقيام ونحوهما ، فالمراد المبادرة إليهما حال الجلوس بعد السلام وقبل أن يتحوّل من مكانه أو يشتغل بفعل آخر مناف للصلاة ، وهو كما ترى مساوق للفورية العرفية كما ذكرنا .

   ونحوهما صحيحة القدّاح : «سجدتا السهو بعد التسليم وقبل الكلام»(2) ، فانّ الظاهر من هذا التحديد بعد وضوح عدم خصوصية للكلام ، وإنّما ذكر من باب المثال لمطلق المنافيات التي أدناها التكلّم مع الغير، إنّما هو إرادة التضييق المتّحد بحسب النتيجة مع الفورية العرفية .

   وعلى الجملة :  فظهور هذه النصوص في إرادة الفورية بالمعنى المزبور غير قابل للإنكار .

   إلاّ أ نّه ربما يعارض بما ورد في ذيل موثّقة عمّار « ... وعن الرجل يسهو في صلاته فلا يذكر حتّى يصلّي الفجر كيف يصنع ؟ قال : لا يسجد سجدتي السهو حتّى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ... » إلخ (3) ، فانّ التأخير إلى ما بعد طلوع الشمس ظاهر في عدم وجوب الفورية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 224 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 14 ح 3 .

(2) الوسائل 8 : 208 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 5 ح 3 .

(3) الوسائل 8 : 250 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 32 ح 2 .

ــ[382]ــ

   وناقش فيها في الحدائق(1) وكذا غيره بعدم القول بمضمونها من الأصحاب فكأنّ المانع عن التعويل عليها إعراض الأصحاب عنها المسقط لها عن الحجّية وإلاّ فهي في نفسها صالحة للمعارضة مع ما تقدّم .

   ولكنّ الظاهر أنّ الموثّقة أجنبية عن محلّ الكلام بالكلّية فضلاً عن صلوحها للمعارضـة ، إذ ليست هي بصدد التعرّض لموطن سجود السهو بالإضافة إلى الصلاة التي سها فيها .

   كيف وحكم ذلك مذكور في الفقرة المتقدّمة على هذه الفقرة ، التي ذكرها صاحب الوسائل بعد تقطيعه لهذا الحديث الطويل وذكر كلّ فقرة في الباب المناسب ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل صلّى ثلاث ركعات وهو يظنّ أ نّها أربع فلمّا سلّم ذكر أ نّها ثلاث، قال: يبني على صلاته متى ما ذكر ويصلّي ركعة ويتشهّد ويسلِّم ويسجد سجدتي السهو، وقد جازت صلاته»(2) حيث يستفاد منها أنّ السجدتين يؤتى بهما بعد التسليم .

   فهذا الحكم معلوم من نفس هذه الموثّقة ، فلا مجال بعدئذ للسؤال ثانياً بقوله : «وعن الرجل يسهو في صلاته ... » إلخ وأ نّه كيف يصنع ، إذ قد علم حكمه ممّا مرّ .

   إذن فهذه الفقرة ناظرة إلى السؤال عن فرض آخر ، وهو من سها في صلاة فنسي السجدتين بعدها ولم يذكرهما إلاّ بعد الدخـول في صلاة اُخرى ، كما لو سها في صلاة المغرب أو العشـاء ولم يتذكّر حتّى صلّى الفجر ، فأجاب (عليه السلام) بعدم الإتيان بالسجدتين حتّى تطلع الشمس ويذهب شعاعها .

   ولا مانع من الالتزام بذلك في خصوص موردها ، كما قد تساعده الروايات

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 9 : 339 .

(2) الوسائل 8 : 203 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 ح 14 .

ــ[383]ــ

ولو نسيه أتى به إذا تذكّر وإن مضت أيّام (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المستفيضة الناهية عن الصلاة في هذا الوقت(1) لما فيها من التشبّه بعبدة الشمس حيث يسجدون لها في هذا الوقت ، وقد اُشير في بعض تلك الأخبار إلى هذه العلّة (2) ، فيحمل النهي على ضرب من التنزيه والكراهة .

   وعلى الجملة : هذه الفقرة من الموثّقة أجنبية سؤالاً وجواباً عن محلّ الكلام أعني تأخير سجدتي السهو اختياراً عن الصلاة الأصلية التي وقع السهو فيها فلا يحسن عدّها معارضاً لما سبق من النصوص الظاهرة في الفورية العرفية كما عرفت . فلا مناص من العمل بها بعد سلامتها عن المعارض .

   إذن فالأقوى أنّ وجوب سجدتي السهو فوري بالمعنى المزبور ، الذي هو الظاهر من كلام المشهور أيضاً كما لا يخفى .

   وأمّا الجهة الثانية :  أعني وجوب المبادرة فوراً ففوراً ، فهذا لا دليل عليه بوجه ، بل لا دليل على بقاء أصل الوجوب فضلاً عن كونه فوراً ففوراً ، فانّ غاية ما دلّت عليه تلك النصوص هو لزوم الإتيان بهما وهو جالس وقبل أن يتكلّم ويرتكب المنافي ، الذي استفدنا منه الفورية العرفية حسبما مرّ ، وأنّ ظرف الإتيان موقّت ومقيّد بتلك الحالة ، وأمّا أ نّه لو أخّر عامداً وعصى فهل التكليف باق بعد ويجب الإتيان فوراً ففوراً أو أ نّه ساقط ، فهي ساكتة ولا إشعار فيها فضلاً عن الدلالة ، فان قام إجماع على هذا الحكم ، وإلاّ فمقتضى الأصل البراءة عنه . إذن فالحكم المزبور مبنيّ على الاحتياط .

   (1) لموثّقة عمّار المتقدّمة ، قال فيها : « ... وعن الرجل إذا سها في الصلاة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 234 /  أبواب المواقيت ب 38 ح 1 ، 2 وغيرهما .

(2) الوسائل 4 : 235 /  أبواب المواقيت ب 38 ح 4 وغيره .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net