السابعة : التذكّر أثناء العصر أ نّه ترك ركعة من الظهر 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4389


ــ[127]ــ

   [ 2140 ] المسألة السابعة : إذا تذكّر في أثناء العصر أ نّه ترك من الظهر ركعة (1) قطعها وأتمّ الظهر ثمّ أعاد الصلاتين ، ويحتمل العدول إلى الظهر ((1)) بجعل ما بيده رابعة لها إذا لم يدخل في ركوع الثانية ثمّ أعاد الصلاتين ، وكذا إذا تذكّر في أثناء العشاء أ نّه ترك من المغرب ركعة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيه ، وعليه فلا يمكن الإتمام في المقام عشاءً ، لاستلزامه الإخلال بالترتيب في الأجزاء الباقية عامـداً كما مرّ . وحديث لا تعـاد إمّا خاص بالناسي كما يراه (قدس سره) (2) أو شامل للجاهل أيضاً كما نرتئيه ، وعلى التقديرين لا يشمل العامد ، فلا يصلح للاستناد إليه .

   نعم ، بناءً على القول بالإقحام كما يراه (قدس سره) (3) أيضاً له أن يدع هذه الأجزاء ويأتي بالمغرب ثمّ يتم العشاء وتصحّ الصلاتان . وهذا له وجه ولا بأس به لو تمّ المبنى ، وإن كان محلّ إشكال ، بل منع .

   (1) قد يفرض إمكان تتميم الظهر بالمقدار المأتي به من العصر ، لأجل عدم دخوله في ركن زائد كما لو كان الناقص ركعة ـ على ما فرضه في المتن ـ وكان التذكّر قبل الدخول في ركوع الثانية ، أو ركعتين وتذكّر قبل الدخول في ركوع الثالثة . واُخرى يفرض عدم الإمكان ، لدخوله في ركن زائد .

   أمّا في الفرض الأوّل :  فقد احتمل في المتن العدول إلى الظهر ، بمعنى جعل ما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا هو الظاهر ، بل لو دخل في ركوع الركعة الثانية فبما أنّ الظهر المأتي بها لا يمكن تصحيحها يعدل بما في يده إليها فيتمّها ثمّ يأتي بالعصر بعدها ، ولا حاجة إلى إعادة الصلاتين في كلا الفرضين ، وكذا الحال في العشاءين .

(2) كتاب الصلاة 3 : 5 .

(3) لاحظ كتاب الصلاة 2 : 274 .

ــ[128]ــ

بيده رابعة الظهر . والظاهر أنّ هذا هو الصحيح ، فيسلّم على الظهر ويسجد سجدتي السهو لكلّ زيادة تستوجبه (1) ثمّ يأتي بالعصر . ولا تضرّه زيادة التكبير ولا نيّة الخلاف .

   أمّا الأوّل : فلما تقدّم في محلّه (2) من أنّ البطلان بزيادة تكبيرة الإحرام سهواً وإن كان هو المشهور ، إلاّ أ نّه لا دليل عليه عدا عدّهم إيّاها من الأركان ، بعد تفسيرهم للركن بما استوجب الإخلال به البطلان عمداً وسهواً ، نقصاً وزيادة .

   وقد عرفت ثمة عدم الدليل على هذا التفسـير بعد عدم مطابقته لمعناه اللّغوي(3) ، فانّ ركن الشيء ما يتقوّم به ويعتمد عليه ، ومقتضى ذلك اختصاص القدح بالنقص عمداً وسهواً دون الزيادة ، فانّ الزائد لا يكون قادحاً لو لم يكن مؤكّداً ، كما في عمود الخيمة الّذي هو ركنها . نعم الزيادة العمدية قادحة في باب الصلاة، للنص الخاص(4) ، وأمّا السهوية فلا دليل عليه . ومفهوم الركن لايقتضيه كما عرفت .

   فحكم الركن في الصلاة حكم الركن في الحج ، الّذي لا يكون الإخلال به مبطلاً إلاّ من ناحية النقص فقط ، دون الزيادة السهوية إلاّ ما قام الدليل عليه بالخصـوص . ولم يرد ما يدلّ على البطلان بزيادة التكبير سهواً ، بل حديث لا تعاد دليل على العدم .

   على أنّ مفهوم الزيادة غير صادق في المقام حتّى على تقدير تفسير الركن بما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي في صلاة الظهر من التسليم الواقع في غير محلّه أو التشهّد ـ بناءً على وجوبه لكل زيادة ونقيصة ـ ونحو ذلك .

(2) شرح العروة 14 : 92 ، 18 : 50 ـ 51 .

(3) المنجد : 278  مادّة ركن .

(4) [ وهو قوله (عليه السلام) : «من زاد في صلاته فعليه الإعادة» الوسائل 8 : 231 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 19 ح 2 ، هكذا ذكر في شرح العروة 14 : 95 ] .

ــ[129]ــ

ذكر ، لتقوّم الزيادة باتيان الزائد بعنوان الجزئية وبقصد كونه من أجزاء العمل المزيد فيه ، نعم يستثنى من ذلك السجود ، فلا يعتبر في زيادته قصد الجزئية للنصّ الوارد في تلاوة العزيمة (1) ، ويتعدّى عنه إلى الركوع بالأولويّة . وأمّا ما عداهما من بقية الأجزاء ومنها التكبير فهي على ما تقتضيه القاعدة من اعتبار القصد المزبور في صدق الزيادة . ومن المعلوم أنّ تكبيرة الإحرام لم يؤت بها في المقام إلاّ بنيّة العصر ، فلم يقصد بها الجزئية لصلاة الظهر لتتصف بالزيادة فيها . فلا ينبغي الإشكال في عدم الإخلال من ناحيتها .

   وأمّا الثاني : أعني نيّة الخلاف وهو العصر فغير قادحة أيضاً ، لما نطقت به جملة من الروايات(2) وبعضها معتبرة قد تقدّمت في مبحث النيّة(3) من أنّ العبرة في النيّة بما افتتحت به الصلاة ، وأ نّه إنّما يحسب للعبد من صلاته ما ابتدأ به في أوّل صلاته ، فلا يعتني بقصد الخلاف الناشئ من السهو في النيّة في الأثناء كما لو شرع في الفريضة فسها في الأثناء وقصد النافلة أو بالعكس .

   وهذه الروايات وإن وردت في غير المقام إلاّ أ نّه يستفاد من عموم التعليل ضابط كلّي، وهو أنّ المدار على الافتتاح والشروع بقصد معلوم ، ومعه تلغى نيّة الخلاف الطارئة في الأثناء سهواً . فهي من أجل اشتمالها على العلّة غير قاصرة الشمول للمقـام .  وعليه فنيّة العصر تلغى فيما نحن فيه بمقتضى هذه الأخبـار فيجعل ما بيده متمّماً للظهر كما ذكرناه . وهذا هو المراد من العدول في المقام .

   ويؤيِّده التوقيع المروي عن الاحـتجاج وإن كان السند ضعيفاً بالإرسـال قال : «كتب إليه (عليه السلام) يسأله عن رجل صلّى الظهر ودخل في صلاة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 105 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 40 ح 1 .

(2) الوسائل 6 : 6 /  أبواب النيّة ب 2 .

(3) شرح العروة 14 : 57 .

ــ[130]ــ

العصر ، فلمّا صلّى من صلاة العصر ركعتين استيقن أ نّه صلّى الظهر ركعتين كيف يصنع ؟ فأجاب (عليه السلام) : إن كان أحدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة أعاد الصلاتين ، وإن لم يكن أحدث حادثة جعل الركعتين الأخيرتين تتمّة لصلاة الظهر ، وصلّى العصر بعد ذلك» (1) .

   والمراد بالإعـادة في الشرطية الاُولى المعنى الأوسع الشامل للعـدول ، فانّ الإعادة هي الوجـود الثاني بعد إلغاء الأوّل ، القابل للانطباق على العدول عما بيده إلى الظهر ثمّ إعادة العصر ، فلا ينافيه التعبير باعادة الصلاتين .

   وكيف ما كان ، فالشرطية الثانية التي هي محلّ الاستشهاد ظاهرة الدلالة على المطلـوب ، فانّ المراد بالركعتين الأخيرتين ما يقابل الركعتين الأولتين الصادرتين بعنوان الظهر ، إذ المفروض في السؤال صدور فردين من الركعتين من المصلّي، فأتى أوّلاً بركعتين بعنوان الظهر، وأتى ثانياً بركعتين اُخريين بعنوان العصر .

   فتوصيف الركعتـين بالأخـيرتين في الجـواب إشارة إلى الفرد الثاني من الركعتين اللّتين صدرتا أخيراً وصلاهما بعنوان العصر ، في مقابل ما صلاهما أوّلاً بعنوان الظهر. وقد حكم (عليه السلام) بجعلهما تتمّة لصلاة الظهر واحتسابهما منها ثمّ الإتيان بالعصر بعد ذلك ، الموافق لما ذكرناه واستظهرناه من الأخبار من أنّ المدار في النيّة على الافتتاح ولا يضرّ قصد الخلاف .

   وأمّا ما قد يحمل عليه التوقيع من إرادة الركعتين الأخيرتين للعصر اللّتين لم يصلّهما وجعلهما للظهر فبعيد جدّاً كما لا يخفى .

   هذا كلّه في الفرض الأوّل . وقد عرفت أنّ المتّجه عندئذ جعل ما بيده متمّماً للظهر ثمّ الإتيان بصلاة العصر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 222 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 12 ح 1، الاحتجاج 2 : 580 .

ــ[131]ــ

   وأمّا في الفرض الثاني : أعني ما إذا لم يمكن التتميم ، لكونه داخلاً في ركوع زائد ، فحيث لا سبيل حينئذ إلى الاحتساب بجعل ما بيده رابعة الظهر ، للزوم زيادة الركن فلا يكون مثله مشمولاً لنصوص الافتتاح المتقدّمة ، فصلاة الظهر السابقة باطلة لا محالة ، ولا يمكن تصحيحها بوجه .

   إلاّ أ نّه لا وجه للحكم ببطلان ما بيده أعني صلاة العصر ، بل يعدل بها إلى الظهر فيتمّها ، ثمّ يأتي بالعصر بعدها ، فانّ الظهر السـابقة بعد كونها محكومة بالبطلان فوجودها كالعدم ، فهو كمن تذكّر أثناء العصر عدم الإتيان بالظهر المحكوم بالعدول إليها بلا إشكال .

   وليس المقام من الشروع في العصر أثناء الظهر ، إذ ليست الأجزاء السابقة الناقصة باقية على صفة الجزئية ، لوضوح أ نّها بأسرها ارتباطية . فلا يكون التكبير جزءاً من الصلاة إلاّ إذا كان ملحوقاً بالقراءة والركوع والسجود إلى نهاية الجزء الأخـير ـ أعني التسليم ـ وعندئذ يستكشف كونه جزءاً منها . وهكذا في سائر الأجزاء ، فانّها بأجمعها مشروطة بالالتحاق والانضمام على سبيل الشرط المتأخِّر .

   فعدم الانضمام خارجاً كاشف لا محالة عن عدم الجزئية ووقوعها لغواً من أوّل الأمر ، وإنّما كان هناك تخيّل الجزئية .

   وحيث إنّ الانضمام غير ممكن في المقام حسب الفرض ، فوجود تلك الأجزاء وعدمها سيّان ، وكأ نّه لم يأت بشيء . فلا مانع من العدول ، إذ لا قصور حينئذ في دليله عن الشمول .

 نعم ، إذا بنينا على جواز الإقحام وبنينا أيضاً على سقوط اشتراط الترتيب في مثل المقام كما يقول بكلّ منهما شيخنا الاُستاذ (قدس سره) (1) فعلى هذين

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب الصلاة 2 : 274 ، 1 : 72 ـ 73 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net