الأربعون : الشك بين الثلاث والأربع والبناء على الأربع ثمّ الإتيان بركعة اُخرى سهواً 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3687


ــ[245]ــ

   [ 2173 ] المسألة الأربعون : إذا شكّ بين الثلاث والأربع مثلاً فبنى على الأربع ثمّ أتى بركعة اُخرى سهواً فهل تبطل صلاته من جهة زيادة الركعة أم يجري عليه حكم الشك بين الأربع والخمس؟ وجهان، والأوجه الأوّل(1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومقامنا من هذا القبيل ، لجواز كون القيام الّذي بيده هو بعينه القيام السابق المستلزم حينئذ لعدم كونه داخلاً في الغير أصلاً ، فلم يكن التجاوز محرزاً بوجه .

   وبعبارة اُخرى :  القـيام الأوّل زائد حسب الفرض فوجـوده كالعـدم ، ولم يتحقّق التجاوز بالدخول فيه قطعاً ، والقيام الثاني مشكوك الوجود من أصله لاحتمال كونه القيام الأوّل بعينه ، المحكوم فيه بلزوم الرجوع والتدارك ، فلم يحرز الدخول في الغير ، ومعه نشكّ في صدق التجاوز لا محالة .

   وقد عرفت لزوم إحرازه في جريان القاعدة ، المتوقّف على العلم بالدخول في الغير المترتِّب ، وتمحّض الشك في وقوعه في محلّه من أجل الشك في وجود الجزء وعدمه ، وهو مفقود في المقام .

   نعم ، لو رأى نفسه فعلاً في القراءة أو التسبيح ولم يدر أ نّه بعد في القيام الأوّل وقد غفل فدخل في القراءة أم أ نّه رجع وتدارك المنسي وهذا قيام ثان مشتمل على القراءة في محلها ، فبما أ نّه شاك فعلاً في تدارك المنسي من السجدة أو التشهّد لا مانع من جريان قاعـدة التجاوز حينئذ ، لا بلحاظ الدخـول في القيام فانّه مشكوك فيه حسبما عرفت ، بل بلحاظ الدخول في القراءة أو التسبيح .

   (1) الشاك بين الثلاث والأربع المحكوم بالبناء على الأربع إذا غفل فأضاف إليها ركعة متّصلة المستلزم لشكّه الفعلي بين الأربع والخمس بطبيعة الحال هل يجري عليه حكم هذا الشك ، نظراً إلى أنّ العبرة في أحكام الشـكوك بالحالة الفعلية ، ولا أثر للحالة السابقة الزائلة ، وبما أ نّه شاك فعلاً بين الأربع والخمس

ــ[246]ــ

وجداناً فيشمله حكمه من البناء على الأربع والإتيان بسجدتي السهو .

   أو لا يجري لأجل اختصاص حكم هذا الشك كغيره من الشـكوك بما إذا حدث ابتداءً ، ولا يعمّ ما إذا كان متفرِّعاً على الشك السابق ومتولّداً منه كما في المـقام ، حيث إنّ هذا الشك من فروع الشك السـابق ومترتِّب عليه بعد ضمّ الركعة المتّصلة ، فلا يكون مشـمولاً لحكم هذا الشك ، بل اللاّزم إعمال حكم الشك الأوّل المسـتلزم لاتِّصاف الركعة بالزيادة الموجبة للبطلان ؟ فيه وجهان اختار ثانيهما في المتن . وهو الصحيح .

   ولتوضيحه نقول : من المعلوم عدم الفرق بين الوجهين وعدم ترتّب أثر في البين فيما إذا كان التذكّر بعد الإتيان بركعة ناقصة ، أي حال القيام إلى الركعة الزائدة المحتمل كونها خامسة ، للزوم هدم القـيام حينئذ سواء أكان محكـوماً بحكم الشك بين الثلاث والأربع أو الأربع والخمس ، لاتِّصاف القيام حينئذ بالزيادة الموجـبة للزوم هدمه وإجراء حكم الشك بين الثلاث والأربع على التقديرين ، وهذا واضح ، فتكون الصلاة محكومة بالصحّة على كلّ حال .

   كما لا فرق بينهما أيضاً فيما إذا كان التذكّر بعد التجاوز عن القيام وقبل إكمال السجدتين كحال الركوع ونحوه من الحالات المتخلّلة بينهما ، لبطلان الصلاة حينئذ على التقديرين ، إذ لو كان من الشك بين الأربع والخمس فهو باطل قبل إكمال السجدتين ، ولو كان من الشك بين الثلاث والأربع فهو أيضاً باطل من أجل زيادة الركن .

   فالفرق بين الوجهين إنّما يظهر فيما إذا كان التذكّر بعد الإتيان بركعة تامّة ، أي بعد إكمال السجدتين ، حيث إنّه محكوم بالصحّة لو كان من الشك بين الأربع والخمس ، وبالبطلان لو كان من الشك بين الثلاث والأربع . فيختلف الوجهان في هذه الصورة فقط .

ــ[247]ــ

   والأقوى هو البطلان كما عرفت ، لأنّ الركعة السابقة كانت رابعة بمقتضى التعبّد الشرعي ، فكانت وظيفته التسليم والإتيان بالركعة المفصولة ، وقد زاد ركعة على هذه الوظيفة وجداناً ، فيشمله قوله (عليه السلام) : من زاد في صلاته ركعة استقبل استقبالا (1) .

   إذ ليس المراد بالزيادة القادحة تحقّقها بحسب الواقع ليورد بعدم العلم بها في المقام ، بل المراد كما يظهر من النص اشتمال الصلاة على الزيادة على ما تقتضيه الوظيفة الفعلية الثابتة بمقتضى التعبّد الشرعي، وقد عرفت أ نّها محرزة بالوجدان . ومن المعلوم عدم الفرق في البطلان بزيادة الركعة بين العمدية والسهوية .

   ودعوى انقلاب الشك السابق بين الثلاث والأربع إلى الشك الفعلي بين الأربع والخمس ، والمدار في ترتيب أحكام الشكوك على الحالة الفعلية . مدفوعة بأنّ العبرة وإن كانت بالحالة الفعلية كما ذكرناه سـابقاً (2) فلا أثر للشك الحادث أوّلاً ، إلاّ أ نّه خاص بما إذا زال الشك السابق فانقلبت تلك الحالة وتبدّلت بحالة اُخرى ، كما لو تبدّل الشك بالظن أو اليقين ، أو انقلب إلى شك آخر كانقلاب الشك بين الثنتين والثلاث إلى الثلاث والأربع ، بحيث انعدمت تلك الحالة بالكلِّيّة وقامت حالة اُخرى مقامها .

   وأمّا في المقام فلا انقلاب ولا تبدّل ، ولم تكن الحالة السابقة زائلة ، بل هي لا تزال باقية ، فانّه الآن شاك أيضاً في أنّ الركعة السابقة هل كانت ثالثة أم رابعة ، وإنّما نشأ الشك بين الأربع والخمس من ضمّ الركعة المتّصلة إليها .

   فهذا من فروع الشك السابق وشؤونه ومسبّب عنه ومترتّب عليه ، وليس شكّاً ابتدائياً اسـتقلالياً ، فلا يكون مشـمولاً لدليل هذا الشك ، لاختـصاصه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 231 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 19 ح 1 ، (نقل بالمضمون) .

(2) في ص 242 .

ــ[248]ــ

كغيره من أدلّة الشكوك بالشك الحادث ابتداءً كما سبق ، بل هو مشمول لدليل الشك السابق الباقي فعلاً ، أعني الشك بين الثلاث والأربع ، ونتيجته البطلان كما عرفت .

   ولو تنزّلنا وسلّمنا الإطلاق في دليل الشك بين الأربع والخمس وشموله لمثل المقام ممّا تسبّب عن غيره فهو معارض بالإطلاق في دليل الشك بين الثلاث والأربع ، الشامل لما إذا اُضيفت ركعة سهواً فتولّد الشك بين الأربع والخمس .

   والمرجع بعد تعارض الإطلاقين وتساقطهما إطلاق صحيحة صفوان الدالّة على البطلان(1) المؤيّدة بما دلّت عليه الروايات من لزوم سـلامة الركعات عن الزيادة والنقصان (2) ، لتطرّق احتمال الزيادة هنا بالوجدان ، ولا مؤمّن عنه عدا دليل الشك بين الأربع والخمس الساقط بالمعارضة حسب الفرض . فلا مناص من الإعادة .

   فهذه المسألة إمّا داخلة في دليل الشك بين الثلاث والأربع ، أو مشمولة لصحيحة صفوان بعد تعارض الدليلين وتساقط الإطلاقين . ونتيجته البطلان على التقديرين حسبما عرفت .

   ويتفرّع على ما ذكرناه من اختصاص أدلّة الشكوك بالحدوث وعدم العبرة بما تسبّب عن غيره عدّة فروع .

   منها :  ما لو شكّ بين الواحدة والثنتين فغفل وأضاف ركعتين فأصبح شاكّاً بين الثلاث والأربع ، أو كان شاكّاً بين الثنتين والثلاث قبل الإكمال فنسي وأتمّ الركعة ثمّ التفت فكان شكّه بين الثنتين والثلاث بعد الإكمال .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 225 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 15 ح 1 .

(2) الوسائل 8 : 212 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 8 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net