عدم مطهّريّة الدبغ 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6817


    عدم مطهّريّة الدبغ :

   (2) لم يستشكل أحد من الأصحاب في طهارة ميت المسلم بعد غسله كما لا  خلاف في أن ميتة غير الآدمي غير قابلة للطهارة بشيء ـ  في غير جلدها  ـ فهذان حكمان اتفاقيان بينهم ، وإنما النزاع والخلاف في جلد ميتة غير الآدمي وأنه هل يقبل الطهارة بالدبغ ؟

  ذهب أكثر العامّة إلى أن ذكاة الجلد دباغته (2) ولم ينقل ذلك من أحد من أصحابنا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يخلو الحكم بالنجاسة من إشكال بل منع ، لأن النجاسة مترتبة على عنوان الميتة وهو لا يثبت باستصحاب عدم التذكية . نعم ، المأخوذ من يد الكافر أو ما يوجد في أرضهم لا يجوز أكله ولا الصلاة فيه ، وبذلك يظهر الحال في كل ما يشك في تذكيته وعدمها وإن لم يكن مأخوذاً من يد الكافر كاللّقطة في البر ونحوها في غير بلاد المسلمين .

(2) ذهبت الحنفية إلى أن الدباغ يطهر جلود الميتة إذا كانت تحتمل الدبغ ووافقتهم الشافعية على ذلك إلاّ أنهم خصوا الدبغ المطهر بما له خرافة ولذع في اللسان وأيضاً نسب القول بمطهرية الدبغ إلى المحققين من المالكية كما في الفقه على المذاهب الأربعة ج 1 ص 26 ـ 27 .

ــ[456]ــ

سوى ابن الجنيد (1) وعن المحدث الكاشاني الميل إليه (2) وأيضاً نسب ذلك إلى الصدوق (قدس سره) نظراً إلى أنّ فتاواه تتحد غالباً مع الفقه الرضوي وقد ورد التصريح فيه بطهارة الجلد بالدبغ كما يأتي عن قريب ، ولأجل أنه (قدس سره) أفتى في مقنعه (3) بجواز التوضؤ من الماء إذا كان في زق من جلد الميتة ، فانّه لم يرد بذلك مطلق الميتة لأن القول بطهارتها مخالف للاجماع القطعي بينهم فيتعيّن إرادة الميتة المدبوغة لا محالة هذا .

   وقد استدل على ذلك باُمور :

   منها : مرسلة الصدوق «سئل الصادق (عليه السلام) عن جلود الميتة يجعل فيها اللبن والماء والسمن ما ترى فيه ؟ فقال : لا بأس بأن تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن وتتوضأ منه وتشرب ولكن لا تصلي فيها» (4) . فان إطلاقها وإن كان يشمل الميتات كلها سواء دبغت أم لم تدبغ إلاّ أن قيام الاجماع القطعي ودلالة الأخبار المتقدمة على نجاسة الميتة يجعلان الرواية صريحة في إرادة خصوص الميتة المدبوغة . هذا على أن الجلود تفسد وتنتن بمرور الزمان ولا يمكن ابقاؤها من غير دباغة فجعل الماء أو غيره في الجلد يكشف عن أنه كان مدبوغاً في مورد السؤال .

   ومنها : رواية الفقه الرضوي : دباغة الجلد طهارته (5) .

   ومنها : خبر الحسين بن زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في جلد شاة ميتة يدبغ فيصب فيه اللّبن أو الماء فأشرب منه وأتوضأ ؟ قال : نعم وقال : يدبغ فينتفع به ولا يصلّى فيه» الحديث (6) .

   ولا يخفى أن هذه الأخبار ـ مضافاً إلى ضعف أسنادها بل وعدم ثبوت كون بعضها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المختلف 1 : 342 .

(2) مفاتيح الشرائع 1 : 68 .

(3) المقنع : 18 .

(4) الوسائل 3 : 463 / أبواب النجاسات ب 34 ح 5 .

(5) فقه الرضا : 302 .

(6) الوسائل 24 : 186 / أبواب الأطعمة المحرمة ب 34 ح 7 .

ــ[457]ــ

رواية فلا يمكن الاعتماد عليها في الخروج عن عمومات نجاسة الميتة ـ معارضة بعدة روايات مستفيضة ، وفيها ما هو صريح الدلالة على عدم طهارة الجلد بالدباغة فتتقدم على تلك الأخبار ومعها لا مناص من حملها على التقية وإليك بعضها :

   منها : صحيحة محمد بن مسلم قال : «سألته عن جلد الميتة أيلبس في الصلاة إذا دبغ ؟ قال : لا وإن دبغ سبعين مرة» (1) .

   ومنها : ما رواه علي بن أبي المغيرة قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) الميتة ينتفع منها بشيء ؟ فقال لا ، قلت : بلغنا أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مرّ بشاة ميتة فقال : ما كان على أهل هذه الشاة إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا باهابها ؟ فقال : تلك شاة كانت لسودة بنت زمعة زوجة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها فتركوها حتى ماتت فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ما كان على أهلها إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا باهابها أي تذكى» (2) فقد دلّت على حرمة الانتفاع باهاب الميتة سواء دبغ أم لم يدبغ .

   ومنها : خبر عبدالرحمن بن الحجاج قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) إني أدخل سوق المسلمين أعني هذا الخلق الذين يدّعون الاسلام فأشتري منهم الفراء للتجارة ، فأقول لصاحبها : أليس هي ذكية ؟ فيقول : بلى فهل يصلح لي أن أبيعها على أنها ذكية ؟ فقال : لا ولكن لا بأس أن تبيعها وتقول : قد شرط لي الذي اشتريتها منه أنها ذكية قلت : وما أفسد ذلك ؟ قال استحلال أهل العراق للميتة ، وزعموا أن دباغ جلد الميتة ذكاته ، ثم لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك إلاّ على رسول الله» (3).

   ومنها : ما عن أبي بصير قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الصلاة في الفراء فقال : كان علي بن الحسين (عليه السلام) رجلاً صرداً لا يدفئه فراء الحجاز لأن دباغها بالقَرَظ فكان يبعث إلى العراق فيؤتى مما قبلكم بالفرو فيلبسه ، فاذا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 501 / أبواب النجاسات ب 61 ح 1 .

(2) الوسائل 3 : 502 / أبواب النجاسات ب 61 ح 2 ، وكذا 24 : 184 / أبواب الأطعمة المحرمة ب  34 ح 1 .

(3) الوسائل 3 : 503 / أبواب النجاسات ب 61 ح 4 .

ــ[458]ــ

ولا يقبل الطهارة شيء من الميتات سوى ميت المسلم ، فانّه يطهر بالغسل (1) .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net