ــ[8]ــ
من يرث بالفرض على نحوين :
الأول : قد لا يزاد على فرضه شيء أبداً ـ سواء وجد قريب أم لا ـ وهو منحصر بالزوجة ، فإنّها ترث مع وجود الولد الثمن ، ومع عدمه الربع . ولا يزاد على ذلك شيء في جميع الفروض ، كما أشرنا إليه .
الثاني : قد يزاد على فرضه شيء ، وموارده كثيرة ، كالبنت الواحدة إذا انفردت ، فإنّ لها النصف بالفرض والباقي بالقرابة ، وكذا لو اجتمعت مع الأبوين فإنّ لها النصف بالفرض وثلاثة أخماس الباقي ـ بعد سدسي الأبوين ـ بالقرابة .
من يزاد على فرضه قد ينقص من فرضه وقد لا ينقص .
والأوّل : كما لو زادت الحصص على التركة ، كأن ترك الميّت بنتاً واحدة وأبوين وزوجاً ، فللزوج الربع ، وللأبوين السدسان ، وللبنت النصف . ولا يفي المال بجميع الحصص ، ولا يرد النقص على الأبوين ، ولا على الزوج ، وإنّما يرد على البنت فقط ، فتكون حصّتها حينئذ الباقي .
وهنا يتوجّه إشكال وحاصله : أنّ البنت الواحدة إذا نقصت الفريضة عن السهام كان النقص عليها ، وإذا زادت الفريضة على السهام اختصّت الزيادة بها ـ كما لو انفردت ـ أو شاركت غيرها فيه ـ كما لو كانت مع الأبوين ، أو مع أحدهما ـ فلا مورد ترث فيه البنت الواحدة النصف ، بل إمّا أن يزيد أو ينقص ، وقد نصّت الآية المباركة على النصف(1).
والجواب : مضافاً إلى وجود ما ترث فيه البنت الواحدة النصف من دون زيادة ولا نقصان ، كما لو كان أحد أبوي الميّت ـ الوارثين مع بنت الميّت ـ مبعّضاً أي نصفه عبد ونصفه حر ، كما كان كثيراً في زمان المعصومين (عليهم السلام) وزمان ــــــــــــــــــــــــــــ (1) أي قوله تعالى : (وَإن‘ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) النساء 4 : 11.
ــ[9]ــ
نزول القرآن . فلو ماتت امرأة وتركت والداً حرّاً ، ووالدة مبعّضة ، وبنتاً واحدة وزوجاً . فللزوج الربع ، وللبنت النصف ، وللأب السدس ، وللاُمّ نصف السدس .
إنّ هذا الإشكال مبني على أن يكون التقسيم بالنصف أو الربع أو السدس ونحوها في الآيات المباركة تقسيماً على الإطلاق ، وهو خلاف ظاهر الآيات المباركة ، فإنّ ظاهرها كون التقسيم تقسيماً بالنسبة ، لا على الإطلاق .
ولهذا التقسيم باب في علم الحساب ، ومنه ما نسب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)(1) حينما أوصى رجل له سبعة عشر بعيراً بأن يعطى أحد أولاده نصفاً والآخر ثلثاً ، والثالث تسعاً ، فأضاف (عليه السلام) إليها بعيراً ، فصارت ثمانية عشر ، فقسّمها بينهم ، لصاحب النصف تسعة، ولصاحب الثلث ستّة ، ولصاحب التسع اثنان ، فبقي واحد فأخذه (عليه السلام) . وهذا التقسيم هو التقسيم الصحيح بحسب موازين القسمة بالنسبة .
ولتوضيح الفرق بين التقسيم المطلق والتقسيم بالنسبة يلاحظ أنّ المال الواحد إذا جعل لأشخاص على حسب الحصص المشاعة بينهم ، فكان المال زائداً على حصصهم ، فإمّا أن لا يكون من الأول لهم ، بل لهم الحصص فقط ، وإمّا أن يكون المال من الأول لهم ، ثمّ تبيّن كيفية التقسيم على الحصص المذكورة .
ومثال ذلك في باب الوصية ، فإنّه تارةً يوصي الميّت بأنّ لولده الأكبر نصف الأغنام ، ولولده الأوسط ربعها ، ولولده الأصغر ثمنها ، فيبقى حينئذ ثمن الأغنام خارجاً عن مورد الوصية ، فينتقل إلى الورثة .
واُخرى يوصي أن تكون جميع الأغنام لهم ، ثمّ يبيّن كيفية القسمة ، كما لو قال ــــــــــــــــــــــــــــ (1) [راجع قضاء أمير المؤمنين (عليه السلام) : 121 ، فقد حكى التستري القضية بلفظ الخصومة لا الوصية] .
ــ[10]ــ
ما أتركه من الأغنام كلّها لولْدي الثلاثة ، نصفها للأكبر ، وربعها للأوسط ، وثمنها للأصغر ، فإذا قسّم المال بينهم يزيد ثمناً ، وهذا الثمن أيضاً داخل في الوصية ، فنصفه للأكبر ، وربعه للأوسط ، وثمنه للأصغر ، ويبقى ثمن الثمن أيضاً فيقسّم هكذا ، وهكذا إلى أن تستوفى الفريضة .
ومورد التقسيم بالنسبة إنّما هو الثاني لا الأول ، والمستفاد من آيات الإرث أنّ الوارث هم أُولوا الأرحام والأقربون ، فما تأخذه البنت إذا اجتمعت مع الأبوين ـ أو مع أحدهما ـ النصفُ بالنسبة إلى التركة .
فلو ترك الميّت 30 ديناراً كان لها 15 ، ولكلّ واحد من أبويها 5 ، والباقي 5 أيضاً من التركة ، فتأخذ البنت نصفه والأبوان سدسيه ، ويبقى سدس السدس وهكذا إلى أن تستوفى الفريضة .
وكذا لو انفردت البنت ، فلها النصف 15 ونصف النصف الباقي وهو 500/7 ونصف النصف الباقي وهو 750/3 ، إلى أن تستوفى الفريضة ، فلا تتصوّر هنا زيادة أبداً ، لأنّ التقسيم كما هو ظاهر الآيات المباركة تقسيم بالنسبة ، لا على الإطلاق .
وبهـذا يتّضح صحّة ما ذهب إليه فقهاؤنا الأعـلام ، تبعاً لما ورد عن أئمّتنا المعصومين (عليهم السلام) من بطلان التعصيب كما سيأتي أيضاً(1) إذ لا زيادة في البين بل حكم الباقي حكم الأصل ، ففي فم العصبة التراب(2).
|