حكم من أفطر أوّلاً بالحلال ثمّ بالحرام - حكم ما لو علم أ نّه أفطر أيّاماً ولم يدر عددها 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 11:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4126


ــ[348]ــ

وكذا إذا أفطر أوّلاً بالحلال ثمّ أفطر بالحرام تكفيه كفّارة الجمع ((1)) (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجماع ، إذ لا تختصّ بالجماع المفطر كي لا ينطبق إلاّ على الوجود الأوّل .

   وهذا الاطلاق كما يعمّ الجماع المكرّر كذلك يشمل الجماع المسبوق بمفطر آخر بمناط واحد ، لما عرفت من أنّ كلّ فرد سبب مستقّل ، والمفروض عدم الاختصاص بالجماع المفطر ، فلو أفطر بالأكل ـ مثلا ـ ثمّ جامع تكرّرت الكفّارة ، إحداهما للإفطار العمدي ، والاُخرى لنفس الجماع .

   نعم ، ما ذكره (قدس سره) من كفاية التكفير مرّة يتمّ في صورة العكس ، أعني: ما لو أفطر بالجماع ثمّ تـناول غيره من الأكل ونحوه ، لأنّ غير الجماع لا يوجب الكفّارة إلاّ من حيث الإفطار ، ولا معنى للإفطار عقيب الإفطار ، فما أفاده (قدس سره) لا يستقيم على إطلاقه .

   (1) هذا أيضاً لا يستقيم على إطلاقه لفرض حصول الإفطار بالمحلّل ، فلا يكون تناول المحرّم مفطراً ، إذ لا معنى للإفطار عقيب الإفطار ، فلا تأثير له في الكفّارة بوجه ، فتكفيه إحدى الخصال كفّارةً لما ارتكبه من الحلال .

   هذا فيما إذا كان المحرّم غير الجماع ، مثل : تناول الخمر أو المغصوب ونحوهما .

   وأمّا إذا كان هو الجماع ، فبما أ نّه سبب مستقلّ لكفّارة الجمع ـ  على القول به  ـ من غير فرق بين كونه مفطراً أم لا ، فاللاّزم حينئذ هو الجمع بين كفّارة الجمع للجماع المحرّم وبين إحدى الخصال تكفيراً للإفطار بالحلال ، وليس له الاقتصار على الثاني كما لا يخفى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في وجوب كفّارة الجمع حينئذ إشكال بل منع  ، وأمّا إذا كان الإتيان بالحرام جماعاً فعليه كفّارة الجمع على الأحوط زائدة على كفّارة الإفطار أوّلا .

ــ[349]ــ

   [ 2479 ] مسألة 10 : لو علم أ نّه أتى بما يوجب فساد الصوم وتردّد بين ما يوجب القضاء فقط أو يوجب الكفّارة أيضاً (1) لم تجب عليه ، وإذا علم أ نّه أفطر أيّاماً ولم يدر عددها (2) يجوز له الاقتصار على القدر المعلوم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   نعم ، يتّجه ذلك في صورة العكس ، أعني : ما لو أفطر أوّلاً بالحرام جماعاً كان أم غيره ، ثمّ بحلال أو حرام غير الجماع ، فإنّه تكفيه حينئذ كفّارة الجمع ، لعدم تأثير الثاني ، إذ لا إفطار بعد الإفطار ، وأمّا لو كان الثاني هو الجماع لزم ضمّ كفّارة اُخرى إلى كفّارة الجمع ، إذ هو بنفسه سبب مستقّل ، والأصل عدم التداخل كما مرّ .

   ومنه تعـرف أ نّه لو أفطر بالجماع الحلال أوّلاً ثمّ بمثله ثانياً لزمه تكرير التكفير بإحدى الخصال ، كما أ نّه لو أفطر بالجماع الحرام أوّلاً ثمّ بمثله ثانياً لزمته كفّارة الجمع مكرّراً ، ولو اختلفا فبالاختلاف .

   والحاصل : أنّ مقتضى ما عرفت من تكرّر الكفّارة بتكرّر الجماع وعدمه فيما عداه هو التفصيل على النحو الذي سمعت ، فلاحظ وتدبّر .

   (1) تعرّض (قدس سره) في هذه المسألة لفروع الشكّ ، فمنها : أ نّه لو علم الاتيان بما يفسد الصوم ، وتردّد بين ما يوجب القضاء فقط وما يوجب الكفّارة أيضاً ، حيث إنّ المفطرات مختلفة من هذه الجهة كما مرّت الإشارة إليها سابقاً ويأتي تفصيلها لاحقاً إن شاء الله تعالى ، فلا إشكال حينئذ في عدم وجوب الكفّارة ، اقتصاراً على المقدار المتيقّن ودفعاً للزائد المشكوك فيه بالأصل ، كما هو الشأن في الدوران بين الأقل والأكثر الاستقلاليّين ، وهذا ظاهر .

   (2) ومنها : أ نّه لو علم بإفطاره أيّاماً ولم يدر عددها ، فتارةً : يكون الشكّ من ناحية الكفّارة ، واُخرى : من ناحية القضاء ، وعلى التقديرين : يجوز له

ــ[350]ــ

الاقتصار على المقدار المعلوم كما أفاده في المتن .

   أمّا الأوّل : فلأصالة البراءة عن وجوب الكفّارة ـ الذي هو حكم جديد ـ زائداً على المقدار المعلوم ، وهذا من غير فرق بين كون النسيان الفعلي مسبوقاً بالذكر في ظرفه وعدمه ، إذ العبرة في جريان الأصل بظرف الشكّ والحالة الفعليّة ، ولا عبرة بالعلم السابق الزائل ، لدوران التنجيز مدار وجود المنجّز حدوثاً وبقاءً كما هو مقرّر في الاُصول .

   وأمّا الثاني : فقد يقال : إنّ التكليف بالصوم قد تنجّز في ظرفه ويُشكّ في الخروج عن عهدته ، للشكّ في حصول الامتثال بعدد الاشتغال ، ومعلوم أنّ قاعدة الحيلولة المقرّرة في الصلاة غير جارية في الصوم ، فلا مناص من الاحتياط في القضاء بالاتيان بالمشكوك فيه قضاءً ، لقاعدة الاستغال .

   ولا يخفى أنّ هذا التقرير وجيه لو قلنا بتبعيّة القضاء للأداء ، بدعوى انحلال الأمر الحادث في الوقت إلى أمرين : أمر بالطبيعي الجامع ، وأمر آخر بإيقاع ذاك الطبيعي في الوقت ، فإذا خرج الوقت وشكّ في الامتثال فالأمر الثاني ساقط جزماً ، وأمّا الأوّل فبما أ نّه يُشكّ في سقوطه فلا محيص عن الاحتياط تحصيلا للقطع بالفراغ .

 إلاّ أنّ هذا المبنى بمعزل عن التحقيق ، والصواب أنّ القضاء بأمر جديد ـ كما سبق في محلّه(1) ـ وأ نّه ليس في الوقت إلاّ أمر واحد متعلّق بالطبيعة الخاصّة وهي الاتيان بالعمل في وقته ، وأنّ الانحلال على خلاف ظواهر الأدلّة جدّاً ، إذا لا يستفاد من قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ )(2) إلى قوله : (فَمَن شَهِدَ مِنْكُمُ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح العروة (كتاب الصلاة) 5 : 11 .

(2) البقرة 2 : 183 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net