الشك في أنّ الإفطار بالمحلل كان أو بالمحرّم - الشك في أنّ الإفطار كان من أيّام شهر رمضان أو من قضائه 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 11:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4096


ــ[351]ــ

   وإذا شكّ في أ نّه أفطر بالمحلّل أو المحرّم كفاه إحدى الخصال (1) .

   وإذا شكّ في أنّ اليوم الذي أفطره كان من شهر رمضان أو  كان من قضائه(2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )(1) إلاّ وجوب الصوم في هذا الشهر لا وجوب طبيعي الصيام ، ووجوب إيقاع هذا الطبيعي في شهر رمضان فإنّه بعيد عن المتفاهم العرفي غايته ، وهكذا الحال في سائر المؤقتات .

   وعليه ، فالأمر الواحـد الحادث في الوقت ساقطٌ عند خروجه جزماً ، إمّا بالامتثال ، أو بخروج الوقت المستلزم لزوال الموضوع ويحدث بعدئذ أمر جديد متعلّق بالقضاء ، وبما أنّ موضوعه الفوت فثبوته منوط بإحرازه ، ومع الشكّ في كمّية الفائت يُشكّ لا محالة في تعلّق الأمر بالقضاء زائداً على المقدار المعلوم ، ومعه يرجع في نفي المشكوك فيه إلى أصالة البراءة ، ومن المعلوم أنّ أصالة عدم الإتيـان بالمأمور به في الوقت لا  يثبت عنوان الفوت ، لعدم حجّيّة الاُصول المثبتة . وعليه ، فيقتصر في القضاء على المقدار المعلوم .

   (1) ومنها : أ نّه لو شكّ في أ نّه أفطر بالمحلّل أو بالمحرّم فإنّه تكفيه إحدى الخصال ، للقطع بوجوبها على كل حال ، والشكّ في الزائد عليها ، فيرجع في نفيه إلى أصل البراءة كما هو الحال في كلّ مورد دار الأمر فيه بين التعيين والتخيير في مقام الجعل الذي مرجعه لدى التحليل إلى الدوران بين الاقلّ والأكثر كما لا يخفى .

   (2) ومنها : أ نّه لو شكّ في أنّ اليوم الذي أفطر فيه هل كان من شهر رمضان أو كان من قضائه ، وهذا على نوعين ، إذ قد يفرض حصول الإفطار قبل الزوال ، واُخرى بعده .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البقرة 2 : 185 .

ــ[352]ــ

وقد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفّارة ، وإن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستّين مسكيناً ، بل له الاكتفاء بعشرة مساكين ((1)) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   أمّا الأوّل : فمرجعه إلى الشكّ في تعلّق الكفّارة من أصلها ، إذ لا كفّارة في الإفطار قبل الزوال في قضاء رمضان ، فيرجع في نفيها إلى أصالة البراءة ، وهذا ظاهر فليس عليه إلاّ القضاء فحسب .

   وأمّا الثاني : فثبوت الكفّارة معلوم ، غير أنّها مردّدة بين إحدى الخصال الثلاث لو كان ذلك اليوم من شهر رمضان ، وبين إطعام عشرة مساكين لو كان من قضائه ، وحينئذ فلا إشكال في فراغ الذمّة وبراءتها بإطعام ستّين مسكيناً ، لأ نّه امّا عِدل للواجب التخييري ، أو مشتمل على الواجب ـ وهو عشرة مساكين ـ وزيادة غير قادحة كما هو واضح جدّاً .

   وهل له الاكتفاء بعشرة مساكين ؟

   احتمله في المتن بدعوى أنّا نعلم بوجوبها إجمالا إمّا تعييناً ، أو في ضمن ستّين مسكيناً تخييراً بينه وبين العتق والصيام ، فالصدقة على العشرة ممّا يعلم بتعلّق الطلب بها المردّد بين التعيين والتخيير ، ويُشكّ في وجوب الزائد عليها فيرجع في نفيه إلى أصالة البراءة .

   ويندفع : بعدم كون المقام من قبيل الدوران بين التعيين والتخيير ليؤخذ بالمتيـقّن في مقام الجعل ويُدفع الزائد بالأصل ، وذلك لما ذكرناه في محلّه من الاُصول(2) عند تصوير الواجب التخييري من أنّ متعلّق الوجوب إنّما هو الجامع الانتزاعي المنطـبق على كلّ من الطرفـين أو الاطراف ، وليس الطرف بنفسـه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا وجه لذلك أصلا ، نعم الاكتفاء بإطعام ستّين مسكيناً .

(2) محاضرات في اُصول الفقه 2 : 200 ـ 202 .

ــ[353]ــ

متعلقاً للتكليف بوجه ، وانما هو محقّق للامتثال ومسقِط للأمر المتعلّق بالجامع من أجل انطباقه عليه .

   وعليه ، ففي المقام نعلم إجمالا بتعلّق الطلب ، أمّا بالعنوان الجامع ـ أعني : إحدى الخصال من إطعام الستّين وأخويه ـ أو بإطعام عشرة مساكين ، ومن الضروري أنّ العشرة مباينة مع الجامع المزبور وليس أحدهما متيقّناً بالإضافة إلى الآخر ليؤخذ به ويُدفع الزائد بالأصل .

   نعم ، العشرة متيقّنة بالإضافة إلى الستّين ، ولكن الستّين ليس متعلّقاً للتكليف جزماً ، إنّما المتعلّق هو الجامع المنطبق عليه وعلى غيره ، والجامع مباين مع العشرة .

   وعليه ، فكما أنّ مقتضى الأصل عدم تعليق التكليف بالجامع كذلك مقتضاه عدم تعلّقه بالعشرة ، فيسقطان بالمعارضة ، فلا بدّ من الاحتياط ، ويتحقّق بأحد أمرين : إمّا بالجمع بين العشرة وبين العتق أو الصيام ، وإمّا باختيار الستّين للقطع بتحقّق الامتثال في ضمنه ، إمّا لكونه عدلا للواجب التخييري ، أو لأجل اشتماله على العشرة وزيادة ، فالستّون متيقّن في مقام الامتثال لا في مقام تعلق التكليف ، وأمّا العشرة فليست بمتيقّنة حتّى في مقام تعلّق التكليف ، لما عرفت من المباينة بينها وبين الجامع ، ومن هنا لم يجز الاقتصار عليها ودفع الزائد بالأصل ، إذ من الجائز أن يكون الواجب هو الجامع ولا يؤمّن بالنسبة إليه ، لما عرفت من أنّ أصالة عدم وجوبه معارضة بأصالة عدم وجوب العشرة .

   ولتوضيح المقام نقول : إنّه في موارد الدوران بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين قد يقال بالانحلال ، نظراً إلى أنّ تعلّق التكليف بالأقل معلومٌ على كلّ تقدير ، وأمّا تعلّقه بالزائد عليه ـ وهو الأكثر ـ فمشكوك يُدفع بأصالة البراءة ، وعلى ضوء ذلك يقال في المقام : بأنّ تعلّق الأمر بالتصدّق على عشرة مساكين معلوم ،

ــ[354]ــ

وأمّا الزائد عليه ـ وهو الستّون تخييراً بينه وبين العتق والصيام ـ فمشكوكٌ يُرجع في نفيه إلى أصل البراءة .

   ولكنّه بمراحل عن الواقع كما فصّلنا البحث حوله في الاُصول(1) ، ضرورة أنّ الأقلّ بوصف كونه أقلّ مشكوكٌ فيه ، إذ هو طرفٌ للعلم فكيف يكون متيقّناً ؟! وإنّما المتيقّن هو ذات الأقلّ الجامع بين اللا بشرط وبين بشرط شيء ـ أي بشرط الانضمام إلى الزائد ـ فإنّ هذا الوجوب المهمل المردّد بين الوصفين المزبورين هو الذي يُتيقّن بوجـوده على كلّ تقـدير ، ولا ريب في أنّ هذا الوجـوب الجامع هو نفس العلم الإجمالي بعينه ، فكيف ينحلّ به العلم الاجمالي؟! وهل هذا إلاّ انحلال الشيء بنفسه ، فالانحلال بهذا النحو ـ انحلالا حقيقيّاً ـ أمرٌ غير معقول .

   نعم ، التزمنا ثمّة بالانحلال على وجه بحيث يترتّب عليه نتيجة الانحلال الحقيقي وأسميناه بالانحلال الحـكمي ، بتقريب أنّ المناط في تنجيز العلم الإجمالي معارضة الاُصول المستوجبة لتطرّق احتمال العقاب من غير مؤمّن ، الواجب دفعه بحكم العقل ، القاضي بلزوم دفع الضرر ـ أي العقاب ـ المحتمل ، فمتى تعارضت الاُصول في الأطراف تنجّز العلم الإجمالي ، بل كان نفس الاحتمال غير المقترن بالمؤمّن منجّزاً حسبما عرفت .

   وأمّا إذا اختصّ بعض الأطراف بالأصل دون الآخر بحيث انتفت المعارضة ، لم يكن العلم في مثله منجّزاً ، كما لو علم بفقدان الركن من صاحبة الوقت أو من الفائتة ، فإنّ قاعدة الفراغ الجارية في كلّ منهما تسقط بالمعارضة ، إلاّ أنّ الاُولى تختصّ بقاعدة الاشتغال، دون الثانية، فإنّ المرجع فيها قاعدة الحيلولة ، الراجعة إلى أصالة البراءة عن القضاء ، وبذلك ينحلّ العلم الإجمالي ، وموارد الدوران بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين من هذا القبيل ، فإنّ وجوب الأقل على نحو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 2 : 426 ـ 430 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net