هل أنّ من جملة الأمارات عدّ خمسة أيّام من هلال رمضان الماضية ؟ 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 12:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4217


   الأمر الثالث : قد ورد في عدّة من الروايات أنّ من جملة الأمارات عدّ خمسة أيّام من هلال رمضان الماضية ، فاليوم الخامس هو أوّل الآتية ، فإذا كان أوّل رمضان من هذه السنة يوم السبت ففي القادمة يوم الأربعاء .

   ولكنّها ضعيفة السند بأجمعها من جهة أو أكثر ، على أنّها مخالفة للوجدان ، بل بعضها غير قابل للتصديق .

   فمن جملتها : ما رواه الكليني بإسناده عن محمّد بن عثمان الجدري (عثيم الخدري) ، عن بعض مشايخه ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : صم في العام المستقبل اليوم الخامس من يوم صمت فيه عام أوّل»(2) .

   فإنّ الجدري ـ الذي لم يعلم ضبط الكلمة وحركاتها ـ مجهول ، وكذا عثيم الخدري ، على أنّها مرسلة . ونحوها غيرها .

   وأمّا ما لا يكون قابلا للتصديق فهو رواية السيّاري ، قال : كتب محمّد بن الفرج إلى العسكري (عليه السلام) يسأله عمّا روي من الحساب في الصوم عن آبائك (عليهم السلام) في عدّ خمسة أيّام بين أوّل السنة الماضية والسنة الثانية الذي يأتي ، فكتب : «صحيح ، ولكن عدّ في كلّ أربع سنين خمساً ، وفي السنة الخامسة ستّاً فيما بين الاُولى والحادث وما سوى ذلك فإنّما هو خمسة خمسة» قال السيّاري : وهذا من جهة الكبيسة ، قال : وقد حسبه أصحابنا فوجدوه صحيحاً . قال : وكتب إليه محمّد بن الفرج في سنة ثمان وثلاثين ومئتين : هذا الحساب لا يتهيّأ لكلّ إنسان ... إلخ(3) .

ـــــــــــــ
(2) الوسائل 10 : 283 /  أبواب أحكام شهر رمضان ب 10 ح 1 ، الكافي 4 : 81 / 2 .

(3) الوسائل 10 : 283 /  أبواب أحكام شهر رمضان ب 10 ح 2 .

ــ[109]ــ

   فإنّ مضمونها ـ مضافاً إلى قصور سندها بالسيّاري الذي هو ضعيف جدّاً ـ غير منضبط في نفسه ولا يمكن تصديقه بعد فرض جهالة المبدأ .

   فإنّا لو فرضنا أنّ زيداً بلغ وكان أوّل رمضان ما بعد بلوغه يوم السبت ، فبالنسبة إليه يعدّ إلى أربع سنين خمسة أيّام وبعده يعدّ ستة ، وأمّا بالنسبة إلى شخص آخر بلغ بعد ذلك بسنة ، فالسنة الخامسة للأول رابعة لهذا ، كما أنّها ثالثة لمن بلغ بعده بسنتين وهكذا ، وكذا الحال فيمن بلغ قبل ذلك ، ولازمه اختلاف أوّل الشهر باختلاف الناس وعدم كونه منضبطاً ، وهو كما ترى .

   ثمّ إنّ من جملة روايات الباب ما رواه ابن طاووس في الإقبال ، نقلا من كتاب الحلال والحرام لإسحاق بن إبراهيم الثقفي الثقة ، عن أحمد بن عمران بن أبي ليلى ، عن عاصم بن حميد ، عن جعفر بن محمّد (عليه السلام) «قال : عدّد اليوم الذي تصومون فيه وثلاثة أيّام بعده وصوموا يوم الخامس ، فإنّكم لن تخطئوا»(1) .

   وهي أيضاً كبقيّة الأخبار ضعيفة السند ، لجهالة طريق ابن طاووس إلى الكتاب المزبور أوّلا ، وجهالة ابن أبي ليلى ثانياً .

   وإنّما تعرّضنا لها لنكتة ، وهي أنّ كتاب الحلال والحرام قد نُسب في نسخة الإقبال التي نقل عنها صاحب الوسائل إلى إسحاق بن إبراهيم الثقفي ، كما هو كذلك في بعض النسخ الموجودة لدينا ، التي منها النسخة الصغيرة المطبوعة بالقطع الوزيري .

 ويظهر من صاحب المستدرك أنّ النسخة الموجودة عنده أيضاً كانت كذلك ، حيث تعرّض في رجاله لإسحاق بن إبراهيم الثقفي ووثّقه(2) ، اعتماداً على توثيق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 10 : 285 /  أبواب أحكام شهر رمضان ب 19 ح 8 ، الإقبال : 15 .

(2) خاتمة مستدرك الوسائل 7 : 147 / 135 .

ــ[110]ــ

ابن طاووس الذي قال في حقّه : الثقفي الثقة ، كما سمعت .

   ولكن النسخة مغلوطة ، فإنّ الكتاب المزبور إنّما هو لأبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي كما هو موجود في البعض الآخر من نسخ الاقبال ، لا لإسحاق بن إبراهيم الثقفي ، بل لا وجود لهذا أصلا فيما نعلم . فالمؤلّف كنيته أبو إسحاق ، لا أنّ اسمه اسحاق ، بل اسمه إبراهيم .

   وقد أوعز إلى ذلك المحدّث المتتبّع الشيخ آقا بزرگ الطهراني (قدس سره) في كتابه : الذريعة(1) .

   الأمر الرابع : ربّما يعدّ من العلامات جعل رابع رجب أوّل رمضان ، باعتبار ما ورد في بعض الروايات من أ نّه يعدّ من أوّل رجب ستّون يوماً فاليوم الستّون هو أوّل رمضان . فكأنّ شهري رجب وشعبان أحدهما تامّ والآخر ناقص أبداً، فلا يكونان تامّين حتّى يكون أوّل رمضان اليوم الحادي والستّين ، ولا ناقصين حتّى يكون اليوم التاسع والخمسين .

   وهذا أيضاً غير قابل للتصديق ، إذ قد يتّفق أنّ كليهما تام أو ناقص كبقيّة الشهور ، إذ لا خصوصيّة لهما من بينها .

   ولا مقتضي للالتزام بذلك عدا ما ورد في رواية واحدة رواها الصدوق في كتاب فضائل شهر رمضان عن أبيه ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن حمزة بن يعلى ، عن محمّد بن الحسين بن أبي خالد ، رفعه إلى أبي عبدالله (عليه السلام) : «قال : إذا صحّ هلال رجب فعدّ تسعة وخمسين يوماً وصوم يوم الستّين»(2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الذريعة 7 : 61 / 323 .

(2) الوسائل 10 : 285 /  أبواب أحكام شهر رمضان ب 10 ح 7 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 94 / 75 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net