اختصاص وجوب القضاء على الولي بما علم اشتغال ذمّة الميّت به - حكم ما لو شكّ الولي في فراغ ذمّة الميّت بعد العلم بالاشتغال 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 12:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3882


ــ[220]ــ

   [ 2546 ] مسألة 25 : إنّما يجب على الولي قضاء ما علم اشتغال ذمّة الميّت به ، أو شهدت به البيّنة ، أو أقرّ به عند موته ((1)) (1) .

   وأمّا لو علم أ نّه كان عليه القضاء وشكّ في إتيانه حال حياته أو بقاء شغل ذمّته (2) فالظاهر عدم الوجوب عليه((2)) باستصحاب بقائه .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من امتثاله كما هو ظاهر .

   (1) لا إشكال في الوجوب مع العلم بالاشتغال أو قيام البيّنة ، وأمّا مع الإقرار به عند الموت ففي الثبوت به تأمّل ، بل منع ، إذ لا أثر له بالإضافة إلى المقرّ نفسه ، وإنّما يظهر الأثر في تعلّق التكليف بغيره وهو الولي ، ومن المعلوم أنّ الإقرار لا يكون نافذاً بالإضافة إلى الغير .

   ولا يقاس ذلك بالإقرار على الدين ، فإنّه وإن استلزم حرمان الورثة عن التركة فيكون ذا أثر بالإضافة إلى الغير أيضاً ، إلاّ أنّ ذلك من شؤون النفوذ على النفس، لكونه ذا أثر بالنسبة إليه أيضاً، كيف؟! وبعد الإقرار يطالَب بالدين، فلو بقي حيّاً لطالبه المقرّ له ، وإذا ثبت الدين بموجب الإقرار فلا حقّ بعدئذ للورثة، لأنّ الإرث بعد الدين بمقتضى قوله تعالى: (مِن بَعْدِ وَصِيَّة تُوصُونَ بِهَآ أَوْ
دَيْن)(3)، ولا كذلك الإقرار بالقضاء ، لعدم مطالبته حينئذ بشيء بعد أن لم يكن مورداً للدعوى مع أحد .

   (2) قد يعلم باشتغال ذمّة الميّت بالقضاء لدى موته ، واُخرى يشكّ فيه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ثبوت وجوب القضاء على الولي بإقراره إشكال ، بل منع ، إلاّ إذا كان مفيداً للاطمئنان ، فإنّه عندئذ يثبت وجوب القضاء على الولي .

(2) لا يبعد الوجوب فيه ، بل هو الأظهر .

(3) النساء 4 : 12 .

 
 

ــ[221]ــ

   نعم ، لو شكّ هو في حال حياته وأجرى الاستصحاب أو قاعدة الشغل ولم يأت به حتّى مات فالظاهر وجوبه على الولي .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   لا كلام على الأوّل سواء أكان العلم وجدانيّاً أم تعبّديّاً من قيام البيّنة أو الإقرار على ما اختاره في المتن حسبما مرّ .

   وعلى الثاني : فقد يكون الشكّ في الحدوث ، وقد عرفت أنّ المرجع فيه أصالة البراءة .

   واُخرى : في البقاء ، بأن يعلم بأصل الاشتغال وأنّه كان عليه القضاء ولكن يشكّ في تفريغ الذمّة والإتيان به حال حياته وعدمه . وهذا على نحوين :

   إذ تارةً : يكون الشكّ من الميّت نفسه حال حياته فيشكّ هو في أ نّه هل أتى على ما كان عليه أو لا ؟ ولا ينبغي التأمّل في جريان الاستصحاب حينئذ الذي يعامل معه معاملة اليقين في ظرف الشكّ فيحرز به الاشتغال بالقضاء ويندرج تحت قوله (عليه السلام) في صحيحة حفص: رجل مات وعليه صلاة أو صيام، فيكون الثبوت عنده ولو ببركة الاستصحاب موضوعاً للقضاء على الولي، وهذا الموضوع محرز ، لعلمنا بأ نّه شكّ واستصحب حسب الفرض ، وهذا واضح لا سترة عليه ، بل هو المتيقّن من جريان الاستصحاب في المقام كما لا يخفى .

   واُخرى : لم يعلم حال الميّت وأنّه كان شاكّاً أو متيقّناً بالوجود أو بالعدم ، وإنّما يكون الشكّ من الولي ، فهل له أن يتمسّك حينئذ بالاستصحاب ليحرز به أنّه مات وعليه القضاء ليجب عليه التصدّي للقضاء، أو أنّ الاستصحاب ساقط في المقام والمرجع أصالة البراءة النافية للقضاء كما اختاره في المتن ؟

   قد يقال بابتناء ذلك على ما ورد من أنّ دعوى الدين على الميّت تحتاج إلى ضمّ اليمين ولا تثبت بمجرّد البيّنة ، فإنّ هذا ممّا لا إشـكال فيه كما دلّت عليه

ــ[222]ــ

صحيحة الصفّار .

   وإنّما الإشكال في أنّ ضمّ اليمين لأىّ جهة ؟ فهل هو من أجل التخصيص في دليل حجّيّة البيّنة فلا تكون حجّة في إثبات الدعوى على الميّت ما لم تقترن باليمين ، حيث إن الدعاوي مختلفة ، فبعضها تثبت بشاهد واحد ويمين ، واُخرى لابدّ فيها من شهادة رجلين عادلين ، وثالثة يكتفى بشهادة رجل وامرأتين ، بل وشهادة النساء فقط كما في مثل دعوى القذف ، ورابعة تعتبر فيها شهود أربعة كما في الزنا وما يلحق به من اللواط والسحق . فموارد الدعاوي مختلفة ، فمن الجائز أن تختصّ الدعوى على الميّت بعدم ثبوتها بمجرّد البيّنة ، بل لا بدّ من ضمّ اليمين بحيث يكون اليمين جزء من المثبت ويكون الدليل ملفّقاً منهما ؟

   أم أ نّه لا تخصيص في دليل حجّيّة البيّنة ، بل هي بمجرّدها كافية في إثبات الدين على الميّت من غير حاجة إلى ضمّ اليمين من هذه الجهة ـ أي من جهة إثبات أصل الدين ـ وإنّما هو لأجل إبقاء الدين بعد ثبوته ، إذ لعلّ الميّت وفى ، أو أنّ  الدائن أبرأ  وعفا، وليس الميّت حاضراً ليدافع  عن نفسه، كما أنّ الاستصحاب ساقط في خصوص المقام ، فلا بدّ إذن من اليمين ، فهو يمين استظهاري لدفع هذه الاحتمالات بعد أن لم يكن الاستصحاب جارياً هنا كما عرفت ، فالتخصيص إنّما هو في دليل الاستصحاب لا في دليل حجّيّة البيّنة ؟

   فإن قلنا بالثاني ـ كما قال به جماعة ـ الراجع إلى أنّ ما يثبت بالبيّنة شيء ، وما يثبت باليمين شيء آخر ، فلا فرق إذن بين البيّنة وبين غيرها من العلم الوجداني أو إقرار الورثة بالدين أو غير ذلك ، في أنّ الكلّ يحتاج إلى ضمّ اليمين ، لسريان الشكّ في البقاء بعد تطرّق احتمال الوفاء أو الإبراء في الجميع ، والمفروض سقوط الاستصحاب وإلغائه في هذا الباب . كما لا فرق بين دعوى الدين على الميّت أو شيء آخر من صلاة أو صيام ، إذ لا خصوصيّة للدعوى ، بل المناط إثبات اشتغال ذمّة الميّت بشيء وهو لا يمكن أن يدافع عن نفسـه ،

ــ[223]ــ

فيكون الاستصحاب ساقطاً هنا أيضاً ، لعين المناط .

   وأمّا بناءً على الأوّل وأنّ البيّنة وحدها لا تفي بإثبات الدين بل بضميمة اليمين ، فالاستصحاب لم يزل باقياً على حجّيّته والبقاء مستند إليه دون اليمين ، وإنّما هو جزء من المثبت ، ولذا لو أقرّ الوارث أو علم بالدين من الخارج لم تكن حاجة إلى اليمين ، لكونه متمّماً لدليليّة البيّنة دون غيرها من الأدلّة . فعليه ، كان الاستصحاب جارياً في المقام .

   فهذا هو محلّ الكلام .

   والذي يستدلّ به على الثاني ـ أي أنّ اليمين يمين اسـتظهاري ـ هو رواية عبدالرحمن بن أبي عبدالله الواردة فيمن يدّعي حقّاً على الميّت ، والمتضمّنة للزوم إقامة البيّنة والحلف ، حيث صرح فيها بأنّ الاستحلاف إنّما هو من أجل أنّا لا ندري لعلّه قد أوفاه(1) .

   فهي صريحة في عدم حجّيّة الاستصحاب في هذا الباب ، وأنّ اليمين إنّما هو لأجل دفع احتمال سقوط ذمّة الميّت عن الحقّ الثابت عليه .

   ولكن الرواية ضعيفة السند ، لأنّ في سندها ياسين الضرير وهو مجهول .

   إذن لا دليل على سقوط الاستصحاب في مسألة الدين .

   نعم ، لا يثبت الدين بالبيّنة وحدها ، لصحيحة الصفّار وغيرها كما مرّ ، بل لابدّ من اليمين لكنّه لإثبات أصل الدين ، وأمّا بقاؤه فمستند إلى الاستصحاب ، ولذلك لو أقرّ الوارث لا حاجة إلى ضمّ اليمـين ، فلم يكن هـناك ما يوجب تخصيص دليل الاستصحاب وسقوطه عن الحجّيّة في هذا الباب حتّى لو سلّمنا إلحاق المقام بمسألة الدين ، فلو علمنا باشتغال ذمّة الميّت بالصوم وشككنا في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 27 : 236 /  أبواب كيفيّة الحكم وأحكام الدعوى ب 4 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net