رابعاً : الصوم 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 12:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3589


ــ[350]ــ

   الرابع : الصوم ، فلا يصحّ بدونه (1) ، وعلى هذا فلا يصحّ وقوعه من المسافر في غير المواضع التي يجوز له الصوم فيها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاشتباه في التطبيق ، ونحوه في باب المعاملات فيما لو باع مقيّداً بصفة ولم يتّصف كما ذكرناه في محلّه .

   وأمّا الجزئي الخارجي فلا توسعة فيه كي يقبل التضييق : فلو نوى الائتمام خلف الإمام بتخيّل أ نّه زيد فبان أ نّه عمرو ، فهذا الائتمام جزئي خارجي وشيء وحداني ودائر أمره بين الوجود والعدم ، فلا معنى لتقييده بوجود زيد في المحراب بحيث يتحقّق على تقدير وجوده دون عدمه ، فإنّ هذا نظير أن تضرب أحداً مقيّداً بكونه زيداً بحيث ينتفي بانتفائه ، إذ لا محصّل لذلك ، ضرورة وقوع الضرب خارجاً ـ سواء أكان المضروب زيداً أم عمرواً ـ كوقوع الائتمام بمن في المحراب ، سواء أكان هو زيداً أم عمرواً ، فلا معنى للتقييد في أمثال هذه الموارد : بل كلّها من باب تخلّف الداعي والخطأ في التطبيق الذي لا يكون قادحاً في الصحّة .

   ومقامـنا من هذا القبيل ، فإنّ الاعتكاف الصـادر منه جزئي خارجي قد تحقّق ، سواء أكان واجباً أم مندوباً ، فلا معنى لإناطة وجوده بتقدير دون تقدير كي يقبل التقييد ، فالتخلّف فيه يكون دائماً من باب الاشتباه في التطبيق حسبما عرفت .

   (1) بلا خلاف فيه ، بل في الجواهر : أنّ الإجماع عليه بقسميه(1) ، وتشهد به جملة وافرة من النصوص وفيها الصحاح ، وقد تضمّن بعضها نفي الطبيعة عن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 17 : 164 .

ــ[351]ــ

فاقد الصوم وأنّه لا اعتكاف إلاّ بصوم ، الذي يراد به نفي الصحّة نظير قولهم (عليهم السلام) : «لا صلاة إلاّ بطهور»(1) ، وبذلك يرتكب التقييد في إطلاق الآية المباركة .

   فمنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) أ نّه قال : «لا اعتكاف إلاّ بصوم»(2) ونحوها صحيح ابن مسلم(3) .

   وفي موثّقته: «لا يكون الاعتكاف إلاّ بصيام»(4) ونحوها موثّقة عمر بن يزيد(5) وعبيد بن زرارة(6) وغيرها .

   فلا شكّ في اشتراط الاعتكاف بالصيام بمقتضى هذه النصوص .

   ويترتّب على هذا الاشتراط ما ذكره في المتن من عدم صحّة الاعتكاف ممّن لا يشرع في حقّه الصيام كالمسافر ، وكما في يومي العيدين ، فإنّ انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط .

   ولكن نُسب إلى الشيخ وابن إدريس وابن بابويه جوازه في السفر ، نظراً إلى الإطلاق في أدلّة الاعتكاف ، إذ لم يقيّد شيء منها بالحضر ، فتدلّ بالدلالة الالتزاميّة على مشروعيّة ما يتوقّف عليه وهو الصوم(7) .

   ولكنّه كما ترى، بل لعلّ الجواب عنه أوضح من أن يخفى، ضرورة أنّ إطلاقات الاعتكاف بعد أن كانت مقيّدة بالصيام بمقتضى النصوص المتقدّمة فتقيّد بما هو شرط في الصوم ، فكلّما هو شرط في صحّة الصوم شرط في صحّة الاعتكاف

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 365 /  أبواب الوضوء ب 1 ح 1 .

(2) الوسائل 10 : 536 /  أبواب الاعتكاف ب 2 ح 3 .

(3) الوسائل 10 : 536 /  أبواب الاعتكاف ب 2 ح 6 .

(4) ، (5) ، (6) الوسائل 10 : 537 /  أبواب الاعتكاف ب 2 ح 8 ، 9 ، 10 .

(7) المبسوط 1 : 292 ، السرائر 1 : 394 ، المقنع : 199 .

ــ[352]ــ

   ولا من الحائض والنفساء (1) ، ولا في العيدين ، بل لو دخل فيه قبل العيد بيومين لم يصحّ (2) وإن كان غافلا حين الدخول .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بطبيعة الحال ، بحيث لو جمعنا بين الدليلين في كلام واحد وقلنا : لا اعتكاف إلاّ بصوم ، ولايجوز الصوم في السفر، فلا جرم كانت النتيجة أ نّه لا يجوز الاعتكاف في السفر ، ولم يكن في البين أيّة معارضة فضلا عن أن يتمسّك بإطلاق الأوّل ويقدّم .

   ولأجل ذلك لم يلتزموا بصحّة الاعتكاف في العيدين ، ولم يتمسّك أحد هنا بإطلاقات الأدلّة لإثبات المشروعيّة ، والمسألتان من واد واحد .

   اللّهمّ إلاّ أن يفرّق بأنّ حرمة الصوم في العيد ذاتيّة ، وفي السفر تشريعيّة ، فيمكن إثبات الأمر في الثاني بإطلاق الدليل دون الأوّل ، إذ لا يكون الحرام مصداقاً للواجب ، فتأمّل .

   (1) لا يبعد أن تكون هذه العبارة سهواً من قلمه الشريف ، ضرورة أنّ الاعتكاف متقوّم باللّبث في المسجد الممنوع في حقّ الحائض والنفساء، فلا يكون عدم الصحّة منهما من آثار الاشتراط بالصوم كما هو ظاهر تفريع المتن ، حيث جعل ذلك مترتّباً عليه وعدّهما في سياق عدم الصحّة من المسافر وفي العيدين ، فلو فرضنا صحّة الصوم منهما كالمستحاضة لم يكد يصحّ الاعتكاف منهما أيضاً، لما عرفت .

   (2) لامتناع صوم اليوم الثالث المصادف للعيد الذي لا يفرّق فيه بين الغفلة والالتفات ، ولا يصحّ الاقتصار على اليومين ، لعدم مشروعيّة الاعتكاف أقلّ من ثلاثة أيّام كما سيجيء .

ــ[353]ــ

   نعم ، لو نوى اعتكاف زمان يكون اليوم الرابع (1) أو الخامس منه العيد : فإن كان على وجه التقييد بالتتابع لم يصحّ ، وإن كان على وجه الإطلاق لا يبعد صحّته((1)) ، فيكون العيد فاصلا بين أيّام الاعتكاف .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لو نوى الاعتكاف أربعة أيام ـ مثلا ـ فصادف العيد اليوم الرابع ، فقد يكون ذلك على وجه التقييد بالتتابع بأن تكون نيّته متعلّقة بالثلاثة المقيّدة بانضمام اليوم الرابع بنحو البشرط شيء ، واُخرى يكون على وجه الإطلاق وبنحو اللا بشرط .

   لا شكّ في البطلان على الأول ، لأنّ ما قصده يتعذّر امتـثاله ، وما يمكن ـ  أعني : الاقتصار على الثلاثة  ـ لم يتعلّق به القصد، فما قصده لا يقع ، وما يمكن أن يقع لم يقصد .

   وأمّا الثاني : فلا مانع من صحّته ، فيقتصر على الثلاثة بعد أن كانت مقصودة حسب الفرض .

   وأمّا لو نوى الاعتكاف خمسة أيّام ـ مثلا ـ فصادف العيد اليوم الرابع : فإن كان على وجه التقييد فالكلام هو الكلام بعينه ، وإن كان على وجه الإطلاق فلا شكّ في صحّة الثلاثة ما قبل العيد كالبطلان فيه .

   إنّما الكلام في اليوم الخامس ، فقد حكم في المتن بصحّته أيضاً والتحاقه بالثلاثة الاُول ، فيكون العيد فاصلا بين أيّام الاعتكاف .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نعم ، إلاّ أنّ كون ما بعد العيد جزءاً لما قبله محلّ إشكال ، والأحوط الإتيان به رجاءً أو إنشاء اعتكاف جديد .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net