القتل بالنسبة إلى الدية
الثابت في القتل العمدي ابتداءً القصاص ، وإنّما ينتقل إلى الدية لو تنازل ولي المقتول عن حقّ القصاص ورضي بالمال ، سواء كان بمقدار الدية أو أقل منها أو أكثر .
وقد يكون الثابت في القتل العمدي هو الدية ابتداءً ، لعدم ثبوت حقّ القصاص من الأول ، كما في قتل الوالد ولده ، أو المسلم غير المسلم، أو كان القاتل أعمى ، فإنّ عمده كعمد الصبي خطأ . وكذا لو لم يكن القصاص ممكناً ، كما لو هرب القاتل ، فينتقل الأمر حينئذ إلى الدية .
والثابت في الخطأ بقسميه ابتداء الدية كما في قوله تعالى : (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ)(1) وكذا الروايات(2) على ما هو الفرق بين قسمي الخطأ من ثبوتها على نفس الجاني في الخطأ الشبيه بالعمد ، وعلى العاقلة في الخطأ المحض ، وإن كانت الدية ثابتة في المحض في ذمّة القاتل أيضاً، ولذا لو لم تؤدّ العاقلة وجب على القاتل نفسه تفريغ ذمّته .
وفي الصورتين ـ الخطأ المحض والشبيه بالعمد ـ لو لم تؤدّ العاقلة ، أو لم تكن له عاقلة ، وكان القاتل فقيراً ، تكون الدية على الإمام بما هو إمام ، فيؤدّي من بيت المال ، كما صرّح به في بعض المعتبرات ، وإن لم يكن نصّ في الخطأ ، إلاّ أنّه لا شكّ في ــــــــــــــــــــــــــــ (1) النساء 4 : 92 . (2) الوسائل 29 : 204 / أبواب ديات النفس ب3 ح4 .
ــ[70]ــ
ذلك لمعتبرتين :
الاُولى : معتبرة أبي عبيدة ، قال : « سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن أعمى فقأ عين صحيح ، فقال : إنّ عمد الأعمى مثل الخطأ ، هذا فيه الدية في ماله ، فإن لم يكن له مال فالدية على الإمام ، ولا يبطل حقّ امرئ مسلم »(1).
الثانية : صحيحة أبي بصير قال : « سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل قتل رجلا متعمّداً ، ثمّ هرب القاتل فلم يقدر عليه ؟ قال : إن كان له مال اُخذت الدية من ماله ، وإلاّ فمن الأقرب فالأقرب ، فإن لم يكن له قرابة أدّاه الإمام ، فإنّه لا يبطل دم امرئ مسلم »(2).
وفي كلا المعتبرتين : « لا يبطل دم امرئ مسلم » . وهو بمنزلة الكبرى الكلّية ففي كلّ مورد أمكن الأخذ من القاتل فهو ، وإلاّ فعلى الإمام أن يؤدّي من بيت المال ، وإن كان مورد الرواية هو العمد .
|