حكم اعتكاف الجالس على المغصوب ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً أو مضطرّاً 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 12:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3553


ــ[451]ــ

   [ 2592 ] مسألة 33 : إذا جلس على المغصوب ناسياً أو جاهلا  أو مكرهاً  أو مضطرّاً لم يبطل اعتكافه (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لو بنينا على بطلان الاعتكاف بالجلوس على المغصوب كما بنى عليه الماتن (قدس سره) ، فهل الحال كذلك لو وقع عن إكراه أو اضطرار أو نسيان أو جهل ؟

   ذكرنا في محلّه أنّ الإكراه والاضطرار وكذا النسيان ـ فيما إذا لم يكن الناسي هو الغاصب ـ يوجب رفع الحكم الواقعي ، ومقتضى ذلك التخصيص في أدلّة الأحكام الأوليّة في صقع الواقع ، فلو كان مضطرّاً في البقاء في المكان المغصوب أو مكرهاً جاز له ذلك وكان حلالا حتّى واقعاً ، وما من شيء حرّمه الله إلاّ وقد أحلّه عند الضرورة . فلا مانع من الصلاة هناك ، إذ المانع ليس هو عنوان الغصب ، بل الحرمة المضادّة للوجوب والمانعة عن صلاحيّة التقرّب ، ولا حرمة في المقام لا ظاهراً ولا واقعاً حسب الفرض . كما أ نّه يجوز التوضّؤ بالماء المغصوب أيضاً لو كان كذلك ، كما لو أجبره جائر بإتلاف ماء الغير بأىّ نحو كان فصرفه في الوضوء .

   وكذا الحال في ناسي الغصبيّة إذا لم يكن الناسي هو الغاصب ، كما لو غصب المـكان أو الماء شخص واطّلع عليه غيره ثمّ نسي فصلّى فيه أو توضّأ به ، فإنّه يصحّ ذلك ، لحديث رفع النسيان ، الذي هو رفع واقعي ، بخلاف ما لو كان هو الغاصب فعرضه النسيان فإنّه لا أثر لنسيانه حينئذ، لاستناده إلى سوء الاختيار .

   وعلى الجملة : ففي جميع هذه الموارد يحكم بالصحّة ، لأنّ المانع إنّما هي الحرمة الفعليّة وإن لم تكن منجّزة ، وأنّ المبغوض لا يكون مقرّباً ، وكلّ ذلك منتف حسب الفرض .

ــ[452]ــ

   وأمّا مع الجهل فالمعروف والمشهور أ نّه ملحق بالنسيان والاضطرار ، ولكن الأمر ليس كذلك على ما حقّقناه في الاُصول(1) ، إذ الجهل لا يرتفع به الحكم الواقعي ، فمن كان شاكّاً في غصبيّة الماء ـ مثلا ـ وهو متمكّن من الاحتياط فغاية ما هناك أن يحكم عليه بالحلّيّة الظاهريّة ، استناداً إلى قاعدة اليد أو أصالة الإباحة . وأمّا الواقع فهو باق على حاله وقابل للامتثال ولو بالاحتياط ، فهو حكم فعلي ثابت في حقّه يتمكّن من امتثاله ، ومعه كيف يمكن أن يكون هذا الحرام الواقعي مصداقاً للواجب ومقرّباً من المولى بمثل صرفه في الوضوء ونحوه مع ما بينهما من التضادّ؟! فهذا داخل في الحقيقة في باب النهي عن العبادة ، لا في باب اجتماع الأمر والنهي كما اختاره في الكفاية(2) وعليه المشهور ، بل ادّعي الإجماع ـ كما في مفتاح الكرامة(3) ـ على صحّة الوضوء بالماء المغصوب جهلا .

   ولكنّها بمراحل عن الواقع ، إذ لا موقع لدعوى الإجماع التعبّدي في مثل هذه المسألة المبنيّة عندهم على القواعد ، وقد عرفت أنّ مقتضاها البطلان ، لعدم الاندراج في باب اجـتماع الأمر والنهي ، بل هي من موارد النهي عن العبادة ، لكون الفعل بنفسه مصداقاً للحرام الواقعي .

   فليس المانع من الصحّة عدم قصد القربة كما توهّمه في الكفاية حتّى يقال بإمكانه مع الجهل ، ولا الحرمة المنجّزة كي يقال بارتفاعها في ظرف الجهل ، بل المانع هو الحرمة الفعليّة الواقعيّة وإن لم تكن منجّزة ، إذ لا أثر للعلم فيما هو ملاك المانعيّة من امتناع كون الحرام مصداقاً للواجب، وإنّما تختصّ المانعيّة بالحرمة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 2 : 265 .

(2) الكفاية : 156 ـ 157 .

(3) مفتاح الكرامة 1 : 129 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net