تحديد مراحل نشوء الجنين من حيث الزمان :
المشهور شهرة عظيمة أنّ لكل مرحلة أربعين يوماً ، وهو الصحيح بمقتضى ما ورد من الروايات المعتبرة في المقام .
منها : معتبرة ابن فضّال ، عن الحسن بن الجهم ، قال : « سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول : قال أبو جعفر (عليه السلام) : إنّ النطفة تكون في الرحم أربعين يوماً ، ثمّ تصير علقة أربعين يوماً ، ثمّ تصير مضغة أربعين يوماً ، فإذا كمل ــــــــــــــــــــــــــــ (1) وهو مضمون ما ورد في معتبرة ظريف المتقدّمة في ص72 ـ 73 .
ــ[79]ــ
أربعة أشهر بعث الله ملكين خلاّقين فيقولان ... »(1).
ومنها : صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : « إنّ الله عزّوجلّ إذا أراد أن يخلق النطفة ـ إلى أن قال ـ فتفتح الرحم بابها فتصل النطفة إلى الرحم فتردّد(2) فيه أربعين يوماً ... ثمّ تصير لحماً تجري فيه عروق مشتبكة ، ثمّ يبعث الله ملكين ... »(3).
ومنها : صحيحة زرارة الاُخرى ، قال : « سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : إذا وقعت النطفة في الرحم استقرّت فيها أربعين يوماً ، وتكون علقة أربعين يوماً ، وتكون مضغة أربعين يوماً ... »(4).
ونسب إلى ابن إدريس أنّه جعل المدّة لكلّ مرحلة عشرين يوماً(5)، ولم تدلّ على ذلك أي رواية ولو ضعيفة ، بل لعلّ ذلك خلاف الوجدان على ما نقل عن أهل الخبرة .
نعم هنا صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الرضا (عليه السلام) قال : « سألته أن يدعو الله عزّوجلّ لامرأة من أهلنا بها حمل ، فقال : قال أبو جعفر (عليه السلام) : الدعاء ما لم تمضِ أربعة أشهر ، فقلت له : إنّما لها أقلّ من هذا ، فدعا لها ، ثمّ قال : إنّ النطفة تكون في الرحم ثلاثين يوماً ، وتكون علقة ثلاثين يوماً ، وتكون مضغة ثلاثين يوماً ، وتكون مخلّقة وغير مخلّقة ثلاثين يوماً ، فإذا تمّت الأربعة ــــــــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 6 : 13 / كتاب العقيقة ، باب بدء خلق الإنسان ح3 . (2) فتردّد ـ بحذف إحدى التاءين ، أي تتحوّل من حال إلى حال . (3) الكافي 6 : 13 / كتاب العقيقة ، باب بدء خلق الإنسان ح4 . (4) الكافي 6 : 16 / كتاب العقيقة ، باب بدء خلق الإنسان ح7 . (5) راجع السرائر 3 : 416 .
ــ[80]ــ
أشهر... »(1).
ولابدّ من ردّ علمها إلى أهله ، لمخالفتها لظاهر الكتاب ، وهو قوله تعالى : (فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَاب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ مِنْ عَلَقَة ثُمَّ مِنْ مُضْغَة مُخَلَّقَة وَغَيْرِ مُخَلَّقَة)(2) فإنّ الظاهر أنّ المخلّقة وغير المخلّقة صفتان للمضغة ، فإنّها حينما تكون مضغة تارةً تكون تامّة الخلقة ، واُخرى غير تامّة الخلقة ، لا أنّهما قسيم للمضغة وفي مقابلها وفي مرحلة لاحقة لها كما في الصحيحة .
وعلى فرض المعارضة بينها وبين الروايات المتقدّمة والتساقط ، يدور الأمر بين الأقل والأكثر ، فيرجع بالنسبة إلى الزائد ـ أي ما بين ثلاثين وأربعين يوماً ـ إلى أصالة البراءة ، فإنّ مقتضى صحيحة زرارة ومعتبرة ابن فضّال ـ في هذه العشرة أيّام ـ أنّ الدية عشرون ديناراً لأنّها نطفة ، ومقتضى صحيحة البزنطي أنّها أربعون ديناراً لأنّها علقة ، فبالنسبة للزائد على العشرين ديناراً ـ أي العشرين الاُخرى في هذه العشرة أيّام ـ أصالة البراءة فيها محكّمة ، وكذا بالنسبة إلى المراحل الاُخر(3).
|