حكم ما لو عصى ولم يحج وأبقى العين حتى مضي الحول عليها - حكم ما لو تقارن خروج القافلة مع تمام الحول 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 13:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4079


ــ[112]ــ

   نعم ، لو عصى ولم يحجّ وجبت بعد تمام الحول . ولو تقارن خروج القافلة مع تمام الحول وجبت الزكاة أوّلاً ، لتعلّقها بالعين ، بخلاف الحجّ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   واُخرى : عكس ذلك .

   وثالثةً : يتقارنان ، فيكون زمان سير القافلة وخروج الرفقة متّحداً مع زمان حلول الحول .

   أمّا القسم الأوّل : فيجب فيه الحجّ ، لتحقّق شرطه ، وهو الاستطاعة والتمكّن من الذهاب مع القافلة ، فقد استقرّ عليه الحجّ بذلك ، ولأجله يجب عليه حفظ الاستطاعة ، فإن تمكّن من الحجّ ولو متسكّعاً أو بالاستدانة من مال آخر فهو ، وإلاّ فلو توقّف على صرف هذا المال بخصوصه ـ بحيث لو أبقاه حال عليه الحول وتعلّقت به الزكاة الموجب لزوال الاستطاعة ـ وجب عليه الصرف ولو ببيع الجنس الزكـوي وتبديله بغيره ، حذراً عن تعلّق الزكاة ، فيجب عليه ـ  حفظاً للاستطاعة ـ إعدام موضوع الزكاة، لأ نّها إنّما تتعلّق إذا حال الحول على شخص هذا المال لا ولو على بدله كما لا يخفى .

   وعليه ، فلو لم يعدم الموضوع ، فعصى ولم يحجّ ، وأبقى العين حتى مضى عليها الحول ، وجبت عليه الزكاة كما ذكره في المتن ، لفعليّة موضوعها وإن كان الحجّ مستقرّاً عليه أيضاً .

   فإن قلت : ما الفرق بين المقام وبين ما تقدّم من النذر المؤقّت بما قبل الحول إذا لم يف به ولم نقل بوجوب القضاء ، حيث حكم الماتن هناك بانقطاع الحول وعدم وجوب الزكاة (1) ، ولم يحكم به في المقام ، فإذا لم يكن وجوب الحجّ مانعاً عن تعلّق الزكاة فكيف صار وجوب الوفاء بالنذر حتى بعد زواله مانعاً عنها ؟

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 102 .

ــ[113]ــ

   قلت : الفرق واضح، فإنّ منذور التصدّق كان ممنوعاً عن التصرّف فيه مطلقاً، ولأجله تسقط الزكاة عنه ، بناءً على أنّ ممنوعيّة التصرّف شرعاً مانعةٌ عن تعلّق الزكاة وإن كان ذلك على خلاف التحقيق كما مرّ .

   وأمّا في المقام ، فلا منع عن التصرّف في العين بوجه ، ما عدا التصرّف المزيل للاستطاعة من هبة ونحوها ، وإلاّ فلا مانع من البيع أو الإجارة أو المصالحة ونحوها من أنواع التصرّفات والتقلّبات المتعلّقة بالعين ، ممّا يتضمّن المحافظة على أصل الماليّة وإن تبدّلت الشخصيّة ، رعايةً لبقاء الاستطاعة وعدم زوالها .

   وممّا لا يعتريه الشكّ أنّ من يرى مانعيّة المنع من التصرّف عن تعلّق الزكاة يريد به المـنع منه بقول مطلق لا عن خصوص تصرّف واحد كما في المقام ، كيف ؟! وكثيرٌ من الأعيان الزكويّة قد لا يخلو عن مثل هذا المنع الناشئ من نذر أو شرط في ضمن عقد ، ونحو ذلك من سائر التعهّدات أو العوارض الطارئة المانعـة عن التصرّف في جهة خاصّة ، ولا يكاد يكون مثله مانعاً عن تعلّق الزكاة عند أحد .

   هذا ، مضافاً إلى الفرق من ناحية اُخرى ، وهي أنّ منذور التصدّق ربّما يقال بأ نّه متعلّق للحقّ إمّا لحقّ الفقراء أو لحقّ الله سبحانه ، فيوجب ذلك قصوراً في الملك ، كما في حقّ الرهانة المانع عن تعلّق الزكاة ، وهذا بخلاف الحجّ ، فإنّه تكليفٌ محض ولا يستتبع الحقّ بوجه ، فلا مقتضي لمانعيّته عن تعلّق الزكاة بتاتاً .

   وأمّا القسم الثاني ـ أعني ما لو تمّ الحول قبل مسير القافلة وخروج الرفقة : فقد ذكر الماتن (قدس سره) أ نّه تجب عليه الزكاة أوّلاً ، ثمّ إن بقيت الاستطاعة بعد إخراجها وجب الحجّ أيضاً ، وإلاّ فلا .

   والوجه فيه : عدم وجوب حفظ المال قبل التمكّن من السفر إلى الحجّ ، ولازمه

ــ[114]ــ

جواز التصرّف فيه وإن زالت به الاستطاعة، فالمقتضي لوجوب الصرف في الزكاة موجودٌ من غير مانع ، فلا جرم تتعلّق به الزكاة ، ومعه ينتفي موضوع الحجّ ـ  أعني : الاستطاعة ـ إذ ليس المال بعدئذ خالصاً له ، بل مشتركٌ بينه وبين الفقير ، فلم يكن مالكاً لما يحجّ به كي يجب عليه الحجّ .

   وعلى هذا رتّب (قدس سره) تقديم الزكاة في القسم الثالث ـ وهو صورة المقارنة ـ لفعلّية شرط الزكاة ـ أعني : ملك النصاب ـ في تمام الحول ، فتجب ، بخلاف الحجّ ، لتعلّقه بالمستطيع ـ أي من يكون مالكاً لما يحجّ به ـ وهذا ليس كذلك ، لأ نّه في آن تعلّق الحجّ لم يملك إلاّ المال المشترك بينه وبين الفقير من غير أن تكفي حصّته للحجّ حسب الفرض .

   أقول : لو كان وجوب الحجّ منوطاً بخروج الرفقة وسير القافلة لكان ما ذكره (قدس سره) جيّداً ، ولكن الأمر ليس كذلك وإن ذكره جماعةٌ من الأصحاب ، لعدم نهوض أيّ دليل عليه ، ولم ترد به رواية أبداً ، كما أنّ ما ذكره جماعة اُخرى من إناطة الوجوب بدخول أشهر الحجّ ـ أي عندما هلّ هلال شوّال ـ عار أيضاً عن كلّ شاهد .

   والذي نطقت به الآية المباركة (1) ـ المعتضدة بالنصوص المتظافرة ـ تعليق الوجوب على مجرّد الاستطاعة ، من غير دخالة لخروج الرفقة ولا حلول تلك الأشهر ، فمن حصلت له الاستطاعة المفسّرة في غير واحد من النصوص بالزاد والراحلة وتخلية السرب في أيّ زمان كان ـ ولو كان شهر محرّم ـ وجب عليه الحجّ على سبيل الواجب التعليقي ، فيجب عليه حفظ المال ، ولا يجوز صرفه فيما تزول به الاستطاعة ، كما أ نّه لو لم يتمكّن من المسير إلاّ في هذا الزمان ـ بحيث لو أخّر الخروج إلى قدوم أشهر الحجّ لم يتهيّأ له السير بعدئذ لمانع من الموانع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) آل عمران 3 : 97 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net