الفرع الثالث : لا شكّ في ثبوت حقّ القصاص لولي المقتول عمداً ، وله الرضا بالمال ، سواء كان بمقدار الدية أو أقل منها أو أكثر ، ولكن مع رضا القاتل . ولو لم يرض القاتل لا يسقط حقّ القصاص ، لأنّ العفو عنه بشرط المال ، والمفروض عدم رضا القاتل به . ولا تثبت الدية ، لأنّها إنّما تثبت مع التراضي ، والمفروض عدمه من جانب القاتل . كما أنّ لولي المقتول العفو عن القصاص والدية معاً ، لأنّ ذلك حقّه ، فله إسقاطه .
وأمّا لو لم يكن للمقتول وليّ من المسلمين ، فإن كان له وارث من غيرهم عرض الإمام (عليه السلام) عليه الإسلام ، فإن أسلم فهو الولي ، وإلاّ فالولي هو الإمام . وليس للإمام العفو مجّاناً ، بل إمّا أن يقتصّ أو يأخذ الدية ، وتكون في بيت مال المسلمين .
ــ[86]ــ
ويدلّ على ذلك صحيحة أبي ولاّد الحنّاط(1) قال : « سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل مسلم قتل رجلا مسلماً ، فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين إلاّ أولياء من أهل الذمّة من قرابته ، فقال : على الإمام أن يعرض على قرابته من أهل بيته الإسلام ، فمن أسلم منهم فهو وليّه ، يدفع القاتل إليه ، فإن شاء قتل ، وإن شاء عفا ، وإن شاء أخذ الدية ، فإن لم يسلم أحد كان الإمام ولي أمره ، فإن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية فجعلها في بيت مال المسلمين ، لأنّ جناية المقتول كانت على الإمام فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين ، قلت : فإن عفا عنه الإمام ؟ قال : إنّما هو حقّ جميع المسلمين ، وإنّما على الإمام أن يقتل أو يأخذ الدية ، وليس له أن يعفو »(2).
|